في «متحف ومكتبة مورغان».. ترميم هادئ لمبنى يعج بالكنوز

ثروة من اللوحات لفنانين مثل ليوناردو وديغا

«متحف ومكتبة مورغان» تخضع لترميمات لإعادتها كما كانت عليه عندما افتتحت عام 1906 (نيويورك تايمز)
TT

عندما تمت إعادة افتتاح «متحف ومكتبة مورغان» قبل أربع سنوات، بعدما خضعت لعمليات توسع وترميم، تمت الإشادة بها على نطاق واسع، وتكلفت 106 ملايين الدولارات، وبدا وكأن مشكلاتها قد انتهت. والتصميم الذي أعده رينزو بيانو، بما يحتويه من مدخل لامع من الصلب والزجاج على طريق ماديسون وقاعات مرتفعة ومساحات جديدة للعرض وقاعة للمؤتمرات تتسع لـ280 مقعدا، وفر المساحة التي كانت هناك حاجة ملحة لها. وبصورة جميلة التصميم ربط بين المباني الثلاثة المختلفة في متحف مورغان، وأزال الرواق الزجاجي غير المناسب الذي يرجع إلى عام 1991.

لكن في حين أن تصميم بيانو فعل الكثير لتحسين الصورة الرجعية للمؤسسة، ومكن أمناء المتحف والمكتبة من إقامة عدة معارض مؤقتة في الوقت نفسه، فإنه لا يزال يخفق في توفير مساحة كافية لعرض المجموعة الدائمة من الأعمال الفنية الموجودة في متحف مورغان. وعلى الرغم من أن المساحات مضاءة بإضاءة طبيعية رائعة الجمال، فإنها لا تعمل على عرض الأعمال الدقيقة على الورق، وهو ما يمثل مشكلة بالنسبة إلى هذه المؤسسة التي توجد بها ثروة من اللوحات لفنانين مثل ليوناردو وروبنز وديغا وشيل وغيرهم.

والآن يبدأ المدير الجديد للمؤسسة ويليام غريسوولد في تنفيذ مشروع تكلفته 4.5 مليون دولار، يهدف إلى ترميم جزء من متحف مورغان القديم، الذي لم يتطرق إليه بيانو، وهو المبنى الذي صممه تشارلز ماكين عام 1906 ليضم المكتب والمكتبة الشخصية لجيه بي مورغان. وفي حين تم تنظيف الواجهة البارزة التي تم بناؤها على غرار تصميمات عصر النهضة، والتي تطل على الشارع رقم 36، أثناء عملية التوسع، فإن البهو الدائري الكبير في المدخل الذي يكسو الرخام أرضيته وتغطي الفسيفساء جدرانه والمكتبة التي تحتوي على طوابق كثيرة لا يزال كما هو من دون تغيير تقريبا منذ عقود.

ويبدو هذا البهو الدائري المهيب في حالة بالية، حيث إن النافذة الموجودة في السقف تشققت؛ ويحتاج الرخام والفسيفساء إلى تنظيف، وتحتاج الإضاءة إلى تحديث. وسيعتني المشروع الجديد بكل ذلك، ووصف غريسوولد هذا المشروع بأنه «ترميم غير توسعي». وسيقدم هذا المشروع مساحات عرض جديدة وذلك لعرض مجموعة مختارة من الأعمال الفنية، تشمل كتبا ومخطوطات نادرة وقطعا ثمينة من مقتنيات مورغان من العصور القديمة والوسطى.

وعلى الرغم من أن «متحف ومكتبة مورغان» ستظل مفتوحة أثناء فترة الترميم، إلا أن مبنى ماكين سيغلق أبوابه بداية من الأول من يونيو (حزيران) حتى 30 أكتوبر (تشرين الأول). وستشرف شركة «باير بليندر بيل» للتصميمات المعمارية في نيويورك على تنفيذ المشروع، إضافة إلى مصمم المعارض في نيويورك ستيفن سايتاس والخبير في مجال الإضاءة ريتشارد رينفرو.

وقال غريسوولد إنه عندما يتم تنفيذ المشروع «فلن يكون لديك الشعور بأنك في أسفل حوض للأسماك» عندما تقف في البهو أثناء فترة الظهيرة وتحدق في سقف الغرفة. وسيتم عرض المزيد من الكتب المطبوعة وذات الأغلفة القوية من مكتبة مورغان، إلى جانب المخطوطات الموسيقية والأعمال المطبوعة.

وقال غريسوولد «سيمكننا هذا المشروع من عرض جزء كبير للغاية من مجموعاتنا القديمة والحديثة. ويتم عرض جزء صغير منها فقط في الفترة الحالية. لدينا روائع لا يعرف الناس أنها لدينا». وفي البهو الدائري ستحوي مساحات العرض تشكيلة من مجموعة وثائق وكتب عن أميركا، بما في ذلك خطابات أصلية بخط جيفرسون ولينكولن، والقناع الخاص بجورج واشنطن والنسخ الأولى من إعلان الاستقلال الأميركي «والعلم ذو النجوم المتلألئة» (النشيد الوطني الأميركي).

وسيتم فتح الغرفة الشمالية في المبنى، التي كانت في الماضي المكتب الخاص بالمدير الأول في مؤسسة مورغان، للجمهور للمرة الأولى، باعتبارها معرضا مخصصا للأعمال الأولى في المجموعة، بما في ذلك أعمال من الشرق الأدنى ومصر وروما واليونان ترجع إلى العصور القديمة. وسيحتوي هذا المعرض أيضا على أعمال فنية من بداية فترة العصور الوسطى مثل كتاب مرصع بالجواهر يرجع إلى القرن الحادي عشر. وسيتم تنظيف الموقد الرخامي الإيطالي الذي يرجع إلى القرن الخامس عشر، وسيتم نصب زوج من التماثيل المصرية المصنوعة من البازلت على قواعد جديدة مرفقة معها.

وستعرض أرفف الكتب المثبتة على طول محيط الغرفة مجموعة من الأختام القديمة التي جمعها مورغان، وسيجري ترميم الثريات الأصلية في الغرفة والمطلية بالذهب، والتي نقلت قبل جيلين، وستجري إعادة تثبيتها.

وباستبدال الزجاج القديم في أرفف الكتب في مكتبة مورغان بزجاج جديد غير عاكس، وباستبدال مصابيح الفلوريسنت بتكنولوجيا متطورة للإضاءة، فإن الترميم سيمكن الزوار في الحقيقة من رؤية الكتب التي جمعها مورغان. وسيتم تنظيف وترميم السقف المزخرف، الذي يعد من أعمال فنان الجداريات هنري سيدونز ماوبراي، إلى جانب الفانوس البرونزي الكبير الأصلي المعلق هناك، والذي تم اكتشافه في الطابق السفلي.

وقال غريسوولد «إنها واحدة من أعظم الغرف في نيويورك، ومع ذلك، فإنها معرضة للخطر إلى حد ما نظرا لرداءة الإضاءة والأسطح التي تغير لونها».

وفي غرفة الدراسة الأصلية، حيث تعرض الآن اللوحات القديمة والرئيسية لميملينغ وبيروجينو، سيجعل الترميم الأمر متاحا للزوار لرؤية القبو الذي بناه مورغان ليحفظ فيه بعض الأشياء المفضلة لديه بصورة آمنة. وستتم إزالة الستارة ذات اللون الأحمر الداكن، والتي تغطي حاليا المدخل، وسيتم وضع صناديق التخزين الأصلية على الأرفف الموجودة داخل القبو، إضافة إلى الكتب والأعمال الفنية الصغيرة، مثل زوج من التماثيل البرونزية التي ترجع إلى عصر النهضة.

وفي مبادرة ذات صلة، بدأت هذه المؤسسة - التي غيرت اسمها من «مكتبة مورغان» إلى «متحف ومكتبة مورغان» عندما أعيد افتتاحها عام 2006 - تقديم مرشد صوتي للزوار، والذي يلقي الضوء على مقتنيات المؤسسة والمباني التي تحويها.

وقال غريسوولد «يعتقد الناس أن ذلك كان منزل مورغان. وهذا المرشد الصوتي يركز على تشكيلتنا الدائمة من الأعمال الفنية وتراثنا المعماري».

* خدمة «نيويورك تايمز»