مؤتمر المخطوطات يبحث أصول ومقدمات التراث العربي الإسلامي

في دورته الجديدة بالإسكندرية

الدكتور يوسف زيدان
TT

ينظم مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية مؤتمره الدولي السابع هذا العام تحت عنوان «التواصل التراثي: أصول ومقدمات التراث العربي الإسلامي»، وذلك في الفترة من 25 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.

ويسعى المؤتمر إلى النظر في الأصول التي انطلق منها التراث العربي الإسلامي، والمقدمات التي سبقته في المجالات المختلفة: العلمية والفكرية والأدبية والفنية، بغية تأسيس وعي حقيقي بهذا التراث واستكشاف طبيعة التواصل التراثي في المرحلة المبكرة من تراثنا العربي الإسلامي. وذلك من خلال 4 محاور هي: الفلسفة والطبيعيات، والمعارف العامة والتاريخ، واللغة والتصورات الدينية، والفنون والآداب.

ففي المحور الأول يبحث المؤتمر في الفلسفة والعلوم والمعارف السابقة على ظهور الإسلام، وينظر في حضورها المعلن والمخفي في المنظومة الفكرية والعلمية عند العرب والمسلمين، كما يرصد مراحل انتقال الأفكار والمنهجيات والرؤى المعرفية من الهند وفارس، ومن موروث الهلال الخصيب، ومن اليونانية. لتأسيس فهم أعمق لطبيعة العطاء اللاحق (العربي/الإسلامي) الذي استند إليها وأكمل مسارها. وفي محور المعارف العامة والتاريخ يبحث المؤتمر في طبيعة الوعي (العربي/الإسلامي) المبكر بالحضارات السابقة، والتفاوت البيِّن في معرفة العرب باليونان والفرس، وفى جهلهم التام بتراث مصر القديمة والهند، مع أن هذه الأصول المجهولة على مستوى الوعي العربي الإسلامي المبكر، كانت فاعلة فيه، بطرق كثيرة، غير مباشرة.. كما يبحث المؤتمر في المحور الثالث «اللغة والتصورات الدينية» في علاقة اللغة العربية باللغات التي جاورتها وشابهتها وشابتها، على مستوى بنية اللغة ودلالة المفردات، وعلى مستوى الكتابة والتدوين العربي المبكر، وتطور الخط الكوفي الرصين من الكتابة السريانية المسماة (الإسطرنجيلية) والكتابة النبطية التي تدل آثارها الباقية، ونقوشها، على عمق الصلة بينها وبين بواكير الكتابة العربية. كما ينظر هذا المحور في مسألة اللهجات العربية قبل الإسلام وبعده، وسيادة لغة قريش على لغات القبائل العربية، احتفاء بالقرآن وتقديرا للغة الحكام والأئمة في زمن البواكير التي كان فيها: الأئمة من قريش. بالإضافة إلى حضور الموروث الديني السابق في الفكر الديني، اللاحق، عبر النظر المتعمق في حضور المرويّات والتراث الشفاهي ثم حضور النِّحَل والمذاهب الدينية السابقة، في الوعي الديني الإسلامي الوليد، خلال تشكلاته الأولى ومشكلاته المبكرة. وفي المحور الربع «الفنون والآداب» يناقش المؤتمر امتداد الأدب العربي فيما هو قبل الإسلام (الجاهلية) وفيما هو بعده من المدارس والاتجاهات الأدبية. لنرى هل اكتفى العرب/ المسلمون الأوائل بآدابهم، أم دعت الحاجة في وقت مخصوص، إلى استدعاء آداب التراث السابق من مثل: «كليلة ودمنة»، و«خسرو وشيرين»، و«ألف ليلة وليلة».. وفى الفنون أيضا، أخذ الأوائل أشياء عن السابقين، وأضافوا إليها أشياء. أخذوا القبة من العمارة البيزنطية، فهل أخذوا المئذنة أيضا؟ وما دلالة المئذنة في العمارة الإسلامية المبكرة، أهي تلبية لمقتضيات رفع الأذان فحسب، أم هي إشارة لجوهر الدين الإسلامي: التوحيد؟ وهل حرمت الفنون حقا لأسباب دينية، فأهمل العرب المسلمون التراث الفني الذي سبقهم، وإن كان ذلك حقا؛ فما بال هذه الفنون العربية الإسلامية المبكرة، ومن أين أتت فتطورت على أيديهم؟

وحول محاور المؤتمر يقول الدكتور يوسف زيدان، مدير مركز المخطوطات، إن محاور المؤتمر الأربعة تستهدف بحث ورصد أشكال ومصادر ومقومات التواصل التراثي، مع الثقافات الأخرى التي تفاعل معها العطاء العربي الإسلامي، وتأثر بها وأثر فيها على نحو خلاق فكانت نتيجة ذلك، ما نسميه اليوم: التراث العربي الإسلامي. وهو التراث الذي أعطى الإنسانية علامات كبرى على طريق التحضر. مشيرا إلى أن وعينا المنقوص بتراثنا هو الذي أدى بنا إلى إهمال الأصول العربية قبل الإسلام؟

وأفاد زيدان أنه من خلال أبحاث المؤتمر سندرك بأي قدر أسهم الحضور العربي، قبل الإسلام، في صياغة المنظومة الحضارية العربية/ الإسلامية؟ وما الذي أخذه العرب المسلمون من علوم السابقين؟ وكيف أخذوه؟ وهل طوروه، أم حفظوه فحسب؟ وما هو أصلا مفهوم الحفظ؟ وماذا عن اللغة العربية، وتفاعلها شفاهة مع اللغات السريانية والعبرية والفارسية، وكتابة مع أشكال التدوين السريانية والنبطية؟ وما دلالة المئات من الكلمات الباقية في قلب اللغة العربية، من السريانية والفارسية والعبرية، وغيرها من الأسئلة الكثير والشائكة المتعلقة بالأصول التي انطلق منها تراثنا العربي والإسلامي. وحتى يتأسس لدينا وعي علمي صحيح بهذا التراث.