سوق العمل ينتظر تخريج 32 طاهيا سعوديا من أول كلية حكومية

مع مسابقة لاختيار أفضل العاملين في المهنة بهدف تغيير نظرة المجتمع تجاههم

مسابقة أفضل طاهٍ المصاحبة لفعاليات صالون فنون الطهي للعام الحالي، وذلك ضمن فعاليات معرض المأكولات والفنادق والإعداد والتعبئة في جدة (تصوير: خضر الزهراني)
TT

تنتظر سوق العمل السعودية تخريج 32 طاهيا سعوديا ضمن الدفعة الأولى من أول كلية حكومية للسياحة والفنادق تابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، التي تم افتتاحها منذ نحو أربعة أعوام مضت.

كلية السياحة والفندقة في المدينة المنورة التي تهدف إلى تلبية احتياجات القطاع الفندقي الغني بالفرص الوظيفية، تحوي أربعة تخصصات تتضمن الفندقة والسياحة والسفر، وإعداد الطعام (طاهٍ) إلى جانب خدمة الطعام (مضيف).

وأوضح مرزوق الشمري وكيل الكلية لشؤون المتدربين أن إنشاء تخصص إنتاج الطعام منذ نحو عامين يعد مجازفة، غير أنه لاقى إقبالا جيدا، لافتا إلى وجود ثلاث دفعات سيتم تخريجها كطهاة خلال الفصل الدراسي المقبل.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تلقينا عدة طلبات من فنادق مختلفة لتوظيف هؤلاء الخريجين في ظل حاجة سوق العمل السعودية لوجود طهاة سعوديين»، مبينا أن دراسة الطلاب في الكلية تعتمد على اللغة العربية إلى جانب دورات مكثفة للغة الإنجليزية.

ونتيجة لتزايد الإقبال على كلية السياحة والفندقة، أفاد وكيل الكلية لشؤون المتدربين بأنه سيتم افتتاح نحو ثلاث كليات أخرى في كل من الطائف والأحساء والرياض، خاصة وأن تلك المناطق تعد سياحية.

وحول أعضاء هيئة التدريس في الكلية، أبان بأنه يتم التعاقد حاليا مع مجموعة من المتخصصين من مصر والأردن وتونس، إلى جانب وجود سعوديين في تخصص السياحة والسفر والفندقة، غير أن الكلية تنتظر تخريج الدفعة الأولى للاستفادة منهم كأعضاء تدريس في المستقبل.

ولعل ما تقدمه الدولة من دعم لقطاع السياحة في السعودية كان سببا في بدء تغيير الشباب السعودي لنظرتهم تجاه وجود «طهاة» سعوديين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» سطام عبد المحسن بن سعيدان أحد طلاب السنة الأخيرة في كلية السياحة والآثار التابعة لجامعة الملك سعود في الرياض.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أشعر برهبة حيال دخولي المطبخ في بداية الأمر، غير أنه بمجرد البدء في التطبيق العملي بمطبخ أحد الفنادق تلاشى ذلك الإحساس وأصبحت أشعر بالمتعة، مرجعا سبب تلك المتعة إلى طبيعة العمل داخل المطبخ كونها تبتعد عن الرسمية التي تطغى على العمل في أقسام الفندق الأخرى».

وأشار إلى أنه لم يكن يتخيل وجود طهاة سعوديين داخل المطبخ، إلا أنه فوجئ باحتلال السعوديين لمناصب كبار الطهاة داخل فنادق معروفة بالرياض، عدا عن تشجيع الآخرين لهم حينما يرونهم بزي الطاهي.

وأضاف: «إن عدم تقبلي الدخول إلى المطبخ لا ينبع من كوني رجلا، وإنما نتيجة جهلي بأمور الطهي وأسرار المطبخ، إلا أنني حينما تعلمت ذلك أثناء تطبيقي العملي غيرت نظرتي تماما حيال ذلك»، مبينا أن روح التحدي باتت واضحة فيما بينهم داخل المطبخ لتقديم الأطباق بشكل جذاب.

وبين أن ارتداء الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي في يوم من الأيام لقبعة «الشيف» كان سببا في زوال الخجل الذي ربما يشعر به إذا ما لبس زي الطهي أمام الآخرين، موضحا أن مثل تلك الخطوة أثرت في شخصيته بشكل إيجابي.

وزاد: «منذ أول يوم لدخولي المطبخ، طلب مني كثير من أصدقائي تذوق ما أقوم بإعداده من مأكولات، وذلك في محاولة منهم لتشجيعي على الاستمرار، رغم وجود من حاولوا الاستهزاء الذين بدأوا في تغيير وجهة نظرهم بعد قدرتي على إثبات وجودي كمتخصص في ذلك المجال».

ومن جانب آخر يبدو أن نظرة المجتمع السعودي السلبية تجاه دخول الرجل إلى عالم المرأة المتمثل في «المطبخ» كان دافعا لحرص جمعية الطهاة السعوديين (أي الطباخين العاملين في هذه المهنة في السعودية) تنظيم مسابقة أفضل طاهٍ المصاحبة لفعاليات صالون فنون الطهي للعام الحالي، الذي تنظمه الجمعية بالتعاون مع شركة الحارثي للمعارض المحدودة، وذلك ضمن فعاليات معرض المأكولات والفنادق والإعداد والتعبئة في جدة.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» ياسر جاد رئيس جمعية الطهاة السعوديين أن المجتمع السعودي قد يتقبل دخول الرجل للمطبخ، غير أن ذلك يحدث ببطء.

وقال: «قد يواجه الشباب السعودي في بداية عملهم كطهاة صعوبات كثيرة، غير أن مثل تلك المسابقات والمعارض من شأنها أن تساهم في تغيير نظرة المجتمع لهم، كونها لا تقتصر على دخول المطبخ فحسب، عدا عن أن هذه المسابقة قد تخولهم للوصول إلى العالمية».

وأشار إلى أن الطهاة السعوديين المسجلين في الجمعية البالغ عددهم 33 طاهيا يشاركون في المسابقة مع 200 طاه قدموا من 27 دولة مختلفة، مبينا أن الجمعية تطمح لتكوين منتخب طهاة سعودي بهدف المشاركة في أولمبياد الطهي العالمي الذي عادة ما يقام كل أربعة أعوام.

وأضاف: «تميزت المسابقة هذا العام عن السنة الماضية من حيث الإقبال الكبير، إلى جانب تخصيص خيمة كاملة لها بعكس العام الماضي التي اقتصرت على ركن من أركان المعرض، عدا عن وجود مجموعة من الأطباق والفئات التي تشهد منافسة في طريقة التقديم، إضافة إلى قسم الحلويات الشرقية».

وتتضمن مسابقة أفضل طاه وفنون تزيين المائدة نحو 21 قسما، والمتمثلة في إعداد أطباق المشهيات والمقبلات وأصناف الأطعمة التي يتم تناولها بالأصابع، وطبق عرض اللحوم والطيور والدواجن، إلى جانب الأسماك ومأكولات البحر بشكل عام. كما تشمل المسابقة طبق طعام رئيسي وقائمة طعام من ثلاثة أطباق، إضافة إلى أطعمة النباتيين والحلويات.

كما تحتوي المسابقة على قسم للطاهي المميز في الطهي المباشر بالنسبة للمطبخ الآسيوي والهندي والعربي، إضافة إلى فن تزيين المائدة والمعد المبدع للقهوة وإعداد المشروبات الباردة، عدا عن الإعداد المباشر للسندوتشات الباردة والمقبلات والمزة الشرقية، إلى جانب النحت والتشكيل المباشر للفواكه والخضراوات والثلج والشوكولاته والأجبان والزبدة.

تخضع المسابقة إلى تحكيم دولي من قبل أعضاء الرابطة العالمية لجمعيات الطهاة (واكس)، الأمر الذي يحتم علينا الالتزام بالقوانين الدولية الموضوعة من قبل الرابطة العالمية.

الهدف من المسابقة لا يقتصر على إعداد الطبق وحسب، وإنما لا بد من ابتكار طرق جديدة لتقديمه والمعتمدة على الإبداع والتقنية واللمسة المميزة مع ضرورة إثبات جدارة المشاركين السعوديين.

وتعتزم جمعية الطهاة السعوديين الحصول على دعم من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية، مما سيسهم في تطوير ذلك المجال واستقطاب الرجال والنساء على حد سواء، إلى جانب إتاحة الفرصة لهم من أجل حصولهم على دبلومات معتمدة دون الحاجة إلى السفر للخارج.

يشار إلى أن مسابقة أفضل طاه وفنون تزيين المائدة وصالون فنون الطهي التي تعقد على هامش فعاليات معرض المأكولات والفنادق والإعداد والتعبئة في جدة تنظم لعامها الثاني.