جدة: معرضان لتصوير رحلة حج 1908

نافذتان للتعريف بتاريخ المقدسات ومواهب اليتيمات

صورة من الجو للمدينة المنورة (تصوير: غازي مهدي)
TT

يتزامن في جدة انطلاق معرضين فوتوغرافيين بارزين أولهما معرض الصور الفوتوغرافية لرحلة الحج عام 1908، بعدسة الدكتور محمد الحسيني نائب القنصل البريطاني في جدة - سابقا. والثاني المعرض التشكيلي ليتيمات جمعية البر بجدة.

ففي الوقت الذي يحتضن متحف «باب البنط» معرض «صور الحجاج إلى مكة 1908 ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل برعاية الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، احتفى مجتمع التشكيليين يوم السبت الماضي بعرض 60 لوحة تشكيلية صممتها أنامل يتيمات جمعية البر اللاتي تتراوح أعمارهن بين 9 إلى 16 عاما.

وأوضح الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مؤسسة التراث، أن تنظيم معرض الصور التي التقطها الدكتور محمد الحسيني عن مكة المكرمة يأتي انطلاقا من اهتمام المؤسسة وعنايتها بالتراث الوطني السعودي، الذي يشكل امتدادا للتراث العربي والإسلامي، ويعبر عن حرصها على الشراكة الفعالة، والتعاون المثمر مع مختلف الأطراف ذات الصلة بتنمية التراث والحفاظ عليه.

وبين رئيس مؤسسة التراث أن المؤسسة تسعى إلى الإسهام في خدمة التراث الثقافي السعودي كأحد أدوارها في تنشيط حركة الثقافة في البلاد، من خلال تنظيمها ومشاركتها الدائمة في المعارض والندوات والملتقيات المحلية والمحافل العربية والدولية التي تعنى بالتراث، وتبرزه كمنجز حضاري، وأداة لتشكيل الهوية الحقيقية للمجتمع، ونافذة لتعريف العالم بثقافتنا وحضارتنا.

من ناحيته قال سامي نوار مدير متحف «باب البنط» لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض يصاحبه عدد من المحاضرات في بيت البنط الذي كان يستقبل الحجاج سابقا.

وبين أن المتحف يحاول استقبال أكبر عدد ممكن من الزوار عبر فعالياته الثقافية والسياحية والترفيهية لإحياء المنطقة التاريخية من مدينة جدة.

من جهته، أوضح الدكتور زاهر عبد الرحمن عثمان مدير عام مؤسسة التراث أن مجموعة الصور التاريخية التي يحتضنها المعرض تمثل أحد كنوز التراث غير المكتشفة، التي تتطلب تضافر الجهود من أجل نفض الغبار عنها، والتعريف بها، وبما تمثله من قيمة ثقافية وحضارية.

وأضاف: «تنظيم هذا المعرض يندرج ضمن الأنشطة والبرامج الثقافية التي تفتح آفاقا جديدة للتعاون في مجال الحفاظ على التراث، وإتاحته للباحثين والمهتمين»، منوها إلى أن تعاون مؤسسة التراث مع المعهد الدومينيكي للدراسات الشرقية بالقاهرة في وضع هذه المجموعة بين يدي المؤرخين والمهتمين بتراثنا، وإتاحتها لهم يعبر عن جهود الطرفين في تقديم تراثنا إلى العالم على النحو الذي يليق بمكانته وموقعه في خريطة التراث الإنساني.

وأشار إلى أن مجموعة الصور التاريخية التي يكشفها المعرض لأول مرة في السعودية تكتسب قيمتها من عدد من العناصر التي تشمل التقاطها في زمن كانت فيه الصور في عمومها نادرة، فضلا عن كونها تعود إلى فترة سبقت تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وتوضح معالم الأراضي المقدسة في تلك الفترة، قبل التوسعات التي شهدتها في العهد السعودي، موضحا أن المصور الدكتور محمد الحسيني يختلف عن غيره من المصورين في كونه مسلما، وكان يعمل نائبا للقنصل البريطاني في جدة، ولا يحتاج إلى التحايل لدخول مكة المكرمة، كما فعل غيره من المستشرقين.

وأضاف الدكتور زاهر أن صور المعرض تتميز بشمولها لرحلة الحج من بدايتها إلى نهايتها، فإلى جانب تغطيتها للأماكن المقدسة، فإنها تضمنت صورا لكبار المسؤولين المرافقين للبعثات، والمواني والحياة على ظهر السفن، وطرق السفر بين جدة ومكة، والمحمل، مما يساعد على استخلاص كثير من الحقائق والمعلومات ذات الأبعاد التاريخية، التي تعين على استنباط صورة أقرب إلى واقع الحج في ذلك الزمان، ومراحل رحلته، فالصـور تعد مصدرا رئيسيا من مصادر التوثيـق العلمي والقانوني والتاريخـي لحضارات الأمم وثقافتها.

يشار إلى أن مؤسسة التراث تأسست على يد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز في عام 1996 كمؤسسة خيرية لا تهدف إلى الربح، وتتخصص في خدمة التراث بشتى مجالاته، والمحافظة عليه وفق خطط وبرامج علمية حديثة، وتعمل على إحداث نقلة نوعية في مفهوم التعامل مع التراث، وبلورته في أعمال إبداعية حديثة، تتوزع بين مجالات التوثيق التاريخي، والتراث العمراني، وأعمال النشر والإصدارات، وتنظيم الفعاليات والأنشطة والمؤتمرات، بما تجاوز نطاق التراث الوطني السعودي إلى التراث العربي والإسلامي بشكل عام.

على الجانب المقابل في المعرض التشكيلي ليتيمات جمعية البر، أوضح محمود عبد الله باقيس، مدير جمعية البر بجدة، أن اللوحات التشكيلية المعروضة هي عبارة عن نتاج جهود فتيات الجمعية عضوات نادي «نبع الود»، مشيرا إلى أن اللوحات تعكس إبداع الفتيات وموهبتهن التي يتمتعن بها.

وأشار إلى أن الجمعية بدأت مشوارها في دعم مواهب الفتيات منذ ما يزيد عن عشرة أعوام، وقال إن الجمعية لديها الكثير من البرامج التي تسهم في تطوير قدرات منسوبيها وأبنائها وإظهار ما لديهم من مواهب وإبداعات.

وبين باقيس أن نادي «نبع الود» يعد النادي الوحيد الذي يهدف إلى إدخال السرور على قلب كل يتيمة وتقويم أخلاقياتهن وتصحيح سلوكياتهن واستثمار طاقتهن، مشيرا إلى أن النادي يهدف من خلال برامجه المختلفة إلى إعدادهن ليستفيد منهن المجتمع.

من جهته اعتبر التشكيلي هشام بنجابي أن الفتيات عبر معرضهن وصلن إلى مرحلة متقدمة من التميز، وأشاد بدور جمعية البر بجدة في إبراز هذا الجانب الإيجابي المتمثل في جمال وإبداع المشاركات في المعرض.