احتفال صاخب في البيت الأبيض على شرف الرئيس المكسيكي وقرينته

ظهرت أسماء جميع المدعوّين كما هي.. ولم يكن هناك متسللون كما حدث في المناسبة السابقة

الرئيس الأميركي مع نظيره المكسيكي وقرينتهما (رويترز)
TT

هذه المرة، بدا وكأن كل الأمور تسير على نحو ممتاز، حيث ظهرت أسماء جميع المدعوين لحضور حفل العشاء الرسمي أول من أمس على القائمة الرسمية في الوقت الذي تضاءلت المقارنات بالأحداث الدرامية التي شهدتها حفلات العشاء العام الماضي. وتركز الحديث خلال الحفل على الشؤون السياسية، وروعة البيت الأبيض وكيف أن الكثير من الذكريات تولد من رحم مثل هذه الليلة، وهو أمر طبيعي.

أقيم حفل العشاء على شرف الرئيس المكسيكي وقرينته في إطار ثاني زيارة رسمية للولايات المتحدة، التي بدأت تحت سماء ملبدة بالغيوم، لكن الأحداث منذ اللحظات الأولى بدت واعدة على نحو أكبر عما كان عليه الحال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. في الصباح، اجتمع حشد من شخصيات رفيعة المستوى وأطفال مدارس محلية وجهات مانحة وضيوف مدعوين في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض لحضور الاحتفال الرسمي للترحيب بالرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون، وقرينته مارغاريتا زافالا.

وربما أصبح أوباما وقرينته الآن معتادين على حفلات العشاء الرسمية، لكن الحفل الأخير يعد أول احتفال ضخم بوصول ضيف أجنبي يشاركان فيه. في المرة السابقة، أجبرتهما الأمطار على الترحيب برئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في الغرفة الشرقية، على نحو محدود للغاية، حيث خلا الاحتفال من مظاهر الأبهة وحرس الشرف.

في المقابل، شهد الاحتفال الذي أقيم الأربعاء استعراضا كاملا للقوة والعظمة العسكرية الأميركية، بل وجرت الاستعانة بفرق عسكرية موسيقية تعزف على الأبواق والطبول. في حفل العشاء، قدم كبير الطهاة ريك بايلس أطباقا من المطبخ المكسيكي الحديث على أطباق صينية تنتمي إلى فترة رئاسة كلينتون وأيزنهاور في الغرفة الشرقية.

في وقت لاحق، انضم إلى ضيوف حفل العشاء البالغ عددهم 200 شخص 100 آخرون الذين قدموا لتناول الحلوى التي جرى تقديمها داخل بهو كبير تميز بتصميم رائع، مع وجود فراشات زينة طائرة في الهواء في إطار فقرات ترفيهية قدمتها بيونسيه ورودريغو غابرييلا (ورأى البعض ساشا وماليا داخل البهو حيث حرصتا على مشاهدة الفقرات). من ناحيتها، ارتدت السيدة الأولى زيا أنيقا من تصميم بيتر سورونين، وارتدت معه حزاما فضي اللون. أما شعرها، فتركته منسابا في صورة مموجة، بينما ارتدى زوجها سترة سهرة رسمية تقليدية.

إلا أنه بطبيعة الحال، دائما ما يشكل تمازجا بين الدبلوماسية والضيافة والسياسة.

من جهتها، قالت الممثلة إيفا لونغوريا باركر: «أعتقد أن الفترة الحالية ربما تكون من أهم الفترات التي تشهد عقد حفل عشاء رسمي لرئيس مكسيكي - بالنظر إلى احتدام النقاشات حول إصلاح سياسات الهجرة، والمحادثات المهمة التي جرت اليوم». واستطردت نجمة مسلسل «زوجات يائسات» بالقول إنها سعيدة بإعراب الرئيس أوباما عن عدم رضاه حيال قانون أريزونا الجديد. وقالت: «لا يمكن السماح لمثل هذه الولايات بفرض قوانين عقابية خاصة بها في وقت تعد الهجرة قضية فيدرالية».

وفيما يخص الأناقة، كانت باركر ترتدي فستانا بلون برتقالي تشوبه الحمرة من تصميم ريم أكرا. وهيمنت على فساتين النساء خلال الحفل الألوان الأرجوانية والبرتقالية والزرقاء المموجة، بينما حرصت بعضهن، مثل دولوريس هورتا، الناشطة في مجال قضايا العمل، على ارتداء فساتين تقليدية. وصل بطل سباق تزلج السرعة شاني ديفيز ولقي ترحيبا كبيرا وسأله البعض عن الذي صمم رابطة عنقه الخضراء التي يرتديها، قال إنني اشتريتها من متجر للأزياء. وسئل عن البدلة، فقال إنها من متجر الأزياء، حتى نظر إلى بطانة رابطة العنق ووجد علامة «رالف لوران»، فقال ضاحكا «أعتقد أنني أحرجت نفسي».

كما وصلت ووبي غولدبيرغ أنيقة وجميلة في حلتها السوداء من شادو رالف روتشي بأكمامها الطويلة وقالت مازحة «إنني أحقق دخلا جيدا»، لم يكن ذلك العشاء الرسمي الأول بالنسبة إلى غولدبيرغ، لكنه كان الأول منذ فترة طويلة وقالت: «إن الأمر مثل العودة إلى المنزل بعد غياب طويل، فقد اعتدت على الحضور هنا إبان فترة رئاسة بيل كلينتون، وبطبيعة الحال انقطع ذلك في أعقاب خروجه من البيت الأبيض».

بدأ العشاء قبيل ساعة من موعده المعتاد، وبدأ وصول الضيوف في الساعة 5:41 تباعا، حيث حضر القاضي أنتوني كينيدي الذي حضر جميع حفلات العشاء الرسمية التي أقامها جميع الرؤساء منذ اختياره في المحكمة العليا (5 رؤساء)، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي ابتسمت أمام الكاميرات في حلة عاجية من تصميم جورجيو أرماني، كما حضر سليم كارلوس، أغنى رجل في العالم الذي حضر بمفرده ورائحة المال تقطر منه، وغايل كنغ التي حضرت العشاء الرسمي الثاني لها على التوالي لكنها كانت هذه المرة بصحبة عمدة نيوآرك، كوري بوكر، مرتدية فستانا برتقالي اللون من تصميم كارمن مارك فالفو.

الأمن، الذي يعلم العالم الآن أنه تعرض للاختراق خلال حفلة العشاء الرسمية الأولى، كان مشددا إلى درجة أن الضيوف مروا بثلاث نقاط تفتيش وتم استجوابهم عدة مرات لكن أحدا منهم لم يعترض على ذلك.

احتوت الغرفة الشرقية من البيت الأبيض على طاولات مستديرة ومستطيلة، منها الطاولة الأكبر للرئيس أوباما وكالديون وستة عشر مدعوا تم اختيارهم. كانت المناديل الزرقاء أشبه بالماء الصافي وكانت الزهور - القرنفل والأوركيد والصبار - مصفوفة في سلال مزخرفة، لكن كانت هناك القليل من المجموعات الضخمة للورود في الغرفة الشرقية، ولماذا تنافس تلك الثريا الرائعة التي تتدلى من السقف والتي تبدو كأنها تشع من كل ركن من أركان الغرفة؟! أعد طباخ المشاهير بايلس قائمة طعام من البطاطس الحلوة إلى جانب الفاكهة، والسيفيتشي الخضراء (أطعمة بحرية) ولحم البقر والحبة السوداء المطبوخ بالصلصة المكسيكية وتورتة الشوكولاته والآيس كريم بجبن الماعز. وقال الرئيس أوباما: «إننا نحتفل بالمكسيك وحضارتها القديمة التي قدمت للعالم عبر التاريخ التقدم في الهندسة المعمارية والفلك والرياضيات والطب، وبالطبع في كل طعام جيد». عندما ظهر الحشد، تحرك حملة الأعلام بأبهة عبر المرج الأخضر. وطافوا برواق المدخل حاملين أعلام الولايات المتحدة التي ترفرف في ذلك الجو من النسيم العليل. وعزفت الفرقة العسكرية الموجودة في ركن القاعة، وبدت في وسط الحشود وجوه كان حضورها أمرا متوقعا، مثل جو بايدن نائب الرئيس، وجيل بايدن، وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية، وأعضاء آخرين من الإدارة، مثل عمدة واشنطن دي سي أدريان فنتي، والنائب في مجلس النواب آل شاربتون الذي ارتدى حلة رمادية ووقف في أحد أركان الغرفة، وفي الجهة المقابلة وقف أطفال من مدرسة غيرل سكوتس، مدرسة لاتين أميركا مينتسوري ثنائية اللغة، ومدرسة أوكاتون العليا ومركز ماري، رافعين الأعلام الأميركية والمكسيكية الصغيرة. عندما فتح اثنان من مشاة البحرية الأبواب إلى البيت الأبيض برز الرئيس أوباما، مرتديا حلة سوداء، أما ميشيل التي علا وجهها بابتسامة هادئة، فارتدت فستانا أرجواني اللون ومعطفا يتماشى معه من «كالفن كلاين»، وقلادة تتلألأ حول عنقها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»