تحديات أن تكون نادلا في حفل عشاء رسمي في البيت الأبيض

لا تتسبب في إسقاط شيء على الضيوف.. لكن إذا حدث ذلك، فكن مستعدا لتخفيف الأضرار سريعا

TT

أن تكون نادلا يعمل بين الأشخاص النافذين في واشنطن، يعني هذا أن يتم فحص رقم الضمان الاجتماعي الخاص بك بصورة أسبوعية، إن لم يكن بصورة يومية. ولا تتفاجأ عندما يطلب منك المشرعون، الذين يهتمون بالرصانة أكثر من اهتمامهم بما يتناولون، إضافة الثلج إلى ما يتناولون من مشروبات. ولا يعني ذلك أيضا أن تدع أعصابك تخرج عن السيطرة أو ترتجف يداك عندما تقدم الطعام والشراب إلى قائد العالم الحر.

استعد طاقم العاملين في البيت الأبيض لعشاء الدولة يوم الأربعاء الماضي على شرف الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون وزوجته مارغاريتا زافالا، إذ حضر الندل في المكان بحلول الفجر للاستعداد ليوم عمل يقترب من 18 ساعة، يتلقون مهمات العمل وتم تنبيههم لأمور البروتوكول.

والملاحظة الخاصة في دفتر التعليمات الخاص بالنادل ستكون بخصوص الضيوف الذين لا يشربون الكحوليات لأسباب دينية أو يعانون الحساسية للأغذية. لا أحد يريد حادثة دولية تافهة، فيما سيكون حفل عشاء الدولة الثاني، الذي تعقده أسرة أوباما، والأول بالنسبة إلى المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية بالبيت الأبيض جوليانا سموت.

وهدف النادل، عندما يقدم وجبة أعدها كبير الطهاة ريك بايلس من شيكاغو، هو أن يكون منتبها وغير منزعج. والندل هم فريق العمل الداعم والمهم جدا في أكثر أحداث البيت الأبيض إتقانا؛ لكن إذا تذكر أداؤهم، فمعنى ذلك أنهم قاموا بعمل يعتبر إخفاقا.

ولأحداث ذات شأن عظيم مثل عشاء الدولة، زود البيت الأبيض طاقم العاملين لديه بنادلين من أرقى المطاعم ومتعهدي الحفلات في المدينة مثل «ديزاين كوزين» و«سوزان غيغ». إن هؤلاء الندل خبراء اعتادوا تقديم العصائر إلى رؤساء الدول ورؤساء الوزراء، وأصبحوا على درجة عالية من المهارة في عدم الإصغاء إلى الأحاديث الجانبية السياسية الأكثر إثارة، أو حتى التي تجرم صاحبها. ويقول بيل هومان، الذي قدمت الشركة الخاصة به «ديزاين كوزين» مأدبة الغداء الرسمية في مبنى الكابيتول بعد حفل تنصيب الرئيس أوباما: «إذا فعلت ذلك بصورة ناجحة، فلن يراك أحد».

ويعد كريس فريمان أحد الندل الذين يتم إرسالهم بصورة منتظمة إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية وغيرهما من الأماكن التي يوجد بها الأشخاص النافذون. ويعمل فريمان لدى «سوزان غيغ» منذ الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الأسبق كلينتون. وعمل فريمان في حفلات رئاسية في منازل خاصة، وكذلك في حفلات رئاسية بالبيت الأبيض.

ولم يكن من المقرر أن يعمل فريمان في هذا الحفل، لكنه يعرف ماذا يعني أن يكون على أهبة الاستعداد لمثل هذا الحدث الكبير. لقد خضع لفحص جهاز الخدمات السرية ويعرف التعليمات: الوصول في وقت مبكر، وإعداد الغرفة ثم مغادرتها ليمهد الطريق أمام عمل الكلاب البوليسية.

كان نادلا ثانويا، متخصصا بتقديم الأطباق إلى الضيوف العصبيين، وكذلك الأعضاء الأكثر خبرة في مواطن السلطة في واشنطن. وكان النادل الرئيسي، الذي هيأته أجهزة الأمن والمسموح له بالاقتراب من الرئيس ووضع الوجبة الخاصة به أمامه.

وقال فريمان: «كان الشخص يعمل على خشبة المسرح. يقوم الرئيس باستضافة قادة العالم، وعليك أن تصبح بصورة أساسية امتدادا لحسن الضيافة». وترجع المرة الأولى التي عمل فيها فريمان نادلا في إحدى حفلات العشاء في إدارة كلينتون إلى عام 2000. كان عليه أن يدفع بالفضول جانبا ولا يحدق في الرئيس. القاعدة رقم 1: لا تحدق طويلا إلى الضيوف. القاعدة رقم 2: لا تتحدث إلى الضيوف ما لم يكن ذلك ضروريا. القاعدة رقم 3: لا تتلكأ. وعندما كان يعمل في إحدى حفلات الخامس من شهر مايو (أيار) أثناء إدارة الرئيس الأسبق بوش، شاهد في خوف أحد الضيوف العصبيين يندفع نحو نادل بالبيت الأبيض كان يحمل طبقا به شيء ما يحتوي على حساء لونه بني داكن. وسقطت هذه المادة على سترة الضيف، وأخذ أحد أعضاء طاقم العاملين السترة المتسخة إلى مكان في الطابق السفلي من البيت الأبيض، وعاد بعد فترة قصيرة ومعه السترة وكانت نظيفة. القاعدة رقم 4: لا تتسبب في أن يسقط شيء على الضيوف، لكن إذا حدث ذلك، فكن مستعدا لتخفيف الأضرار سريعا. فريمان نادل نحيف وطويل القامة ويبلغ من العمر 40 عاما، ومتزوج ولديه طفلان صغيرا السن، ويعيش في ألكساندريا. وتتألف الملابس المهنية التي يرتديها من سترة سوداء أنيقة، وقميص أبيض وربطة عنق سوداء. وبهذا المظهر الأنيق، وبشعره الأسود القصير، يبدو وكأنه أحد الممثلين أو عارضي الأزياء، لكن على عكس نصف الندل تقريبا الذين يعملون في أماكن مثل نيويورك أو لوس أنجليس، لا يحب التقاط الصور من قرب. وقد ترك وظيفته في مجال النشر ليجرب العمل في مجال تقديم الطعام، ونجح في ذلك، وهو الأمر الذي ينطبق على أوروبا أكثر من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، أصبح الندل في الولايات المتحدة أكثر مهنية خلال العقد الماضي.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»