مهرجان كناوة أشهر مهرجانات المغرب الموسيقية.. ينطلق بحفل فروسية

كبار فناني «الجاز» و«البلوز» في العالم يقدمون عروضا مع فرق محلية في الصويرة

المطرب حميد القصري ومغني الراي الجزائري الشاب خالد («الشرق الأوسط»)
TT

تحتضن مدينة الصويرة (جنوب الدار البيضاء على الأطلسي) خلال الفترة من 24 الى27 يونيو (حزيران) المقبل «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي يتخذ من موسيقى «التعايش الكوني» محورا له. وعلى غير العادة، ستعطى الانطلاقة بحفل فانتازيا على شاطئ الصويرة، حيث سيجمع هذا الفن القديم، الذي يعود إلى القرن الخامس عشر ويحاكي الهجمات العسكرية للفرسان، مزيجا من الإيقاعات المختلفة، مع زخم الفرسان ومعلمي كناوة المشاركين في هذه الدورة. وستحتفي دورة هذه السنة بإيقاعات من القوقاز والبلقان وأفريقيا والمغرب العربي وموسيقى العالم، عبر مزج الأصالة بالحداثة. كما تتميز الدورة الـ13 من هذه التظاهرة بمشاركة أكبر فناني «الجاز» و«البلوز» في العالم، ويأمل المنظمون أن يمنح ذلك للمهرجان طابعا احتفاليا ضخما تمتزج فيه الموسيقى الأمازيغية والأفريقية بموسيقى العالم.

ويقدم مهرجان هذه السنة عروضا جديدة تجمع بين معلمي كناوة وفنانين عالميين، وتهدف بذلك إلى الوصول إلى مزج فريد من نوعه بين عالمين موسيقيين مختلفين، لأن الفكرة المهيمنة، خلال هذه الدورة، ستركز على الاحتفاء بفن الرقص الذي يحتل مكانة بارزة باعتباره جزءا من فن كناوة.

ويقوم الفنانون بتقديم فقراتهم الرئيسية في حفل الافتتاح، وهو ما سيكون من بين أقوى اللحظات، خلال هذه الدورة، حيث سيجمع فرقة الباليه الجورجية، التي تضم عشرة راقصين ومجموعة «أرمينيين نيفي باند»، مع الأخوين المعلم محمد كويو والمعلم سعيد كويو، وهو لقاء لم يسبق له مثيل، سيبرز الرقصات البلقانية الرائعة التي ستلتقي لأول مرة مع رقصات كناوة العتيقة.

كما ستجمع فقرة أخرى بين المعلم مصطفى باقبو، والاثني عشر راقصا من مجموعة «ستيب أفريكا»، الفرقة الأميركية المشهورة برقص «ستيبنغ»، وهو رقص أفرو أميركي، يستعمل الجسد كآلة موسيقية.

وسيكون المغني الجزائري أمازيغ كاتب، مؤسس مجموعة المزج «كناوة ديفيزيون»، نجم فقرة الفنانين الثالثة، إلى جانب المعلم الصويري عبد السلام عليكان، في حفل يبرز من خلاله التنوع الثقافي لموسيقى المغرب العربي.

وستثري برمجة هذه الدورة الكثير من حفلات المزج لفنانين معروفين، خاصة «باتريس»، الذي سيكون أحد الوجوه الرئيسية لهذه الدورة، وتنضح موسيقاه بتأثره بموسيقى «الريغي» و«السول» و«البلوز» و«الجاز»، لكن، أيضا بثراء معزوفاته الشخصية.

وقد استطاع «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي تحتضنه الصويرة، منذ عام 1998، أن يكرس التظاهرة كموعد فني سنوي ببعد عالمي، بعد أن انطلقت كخيار فني يروم تطوير «مدينة الرياح» (اللقب الذي تعرف به مدينة الصويرة) عبر الثقافة.

وتقف «جمعية الصويرة موكادور» التي يترأسها أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلف هذه المهرجانات. وعبر أزولاي، عن ارتياحه للعمل الذي تم منذ أولى دورات التظاهرة، قائلا في هذا الصدد «الأساسي في العمل الذي يتم القيام به، على مستوى «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» هو ألا يرتبط الجهد بشخص واحد. وزاد قائلا «مهرجان كناوة وموسيقى العالم ليس المهرجان الوحيد الذي ينظم بالصويرة، لكنه الأهم من حيث صيته وجمهوره»، لأنه «لا يقوم على الموسيقى فقط، بل على قيم التشارك والانفتاح والحداثة»، مشددا على أن «الصويرة قد تحولت، مع توالي دورات المهرجان، إلى عنوان للمغرب المنفتح الذي يتقدم من دون عُقد، المغرب المتجذر في هويته وقيمه، مع وفاء كبير للذاكرة، من دون خوف أو تخوف من الذهاب نحو الآخر والانفتاح على كل أنواع الموسيقى والثقافات والديانات والأعراق». وخلص أزولاي إلى أنه «حين نتحدث عن الصويرة، نكون بصدد درس إنساني نقدمه للعالم»، داعيا «الذين لا يزال في رؤوسهم هذا المفهوم المتعلق بصراع الحضارات والثقافات إلى زيارة المدرسة الصويرية».

وجرت العادة أن تكون الغالبية العظمى من زوار المهرجان من الشباب، الذي يتميز بلباسه وتسريحة شعره الخاصة، مع حقائب صغيرة، يضعونها على ظهورهم، يجوبون أزقة وساحات المدينة، كما لو أنهم في رحلة لا تنتهي للبحث عن شيء ما، في مكان ما.

يذكر أن نحو 300 فرقة موسيقية شاركت السنة الماضية في المهرجان، حيث قدمت عروضها أمام ما يفوق 450 ألفا من المتفرجين من داخل المغرب وخارجه.

وتظل موسيقى كناوة على الرغم من المشاركة الدولية تسيطر على أقوى لحظات المهرجان، وهي موسيقى تقليدية تعود إلى جذور أفريقية قديمة ولها طقوسها وهواتها من جميع أنحاء العالم.

ويتحدر أهل كناوة من الصحراء الأفريقية، وسكنوا المغرب قديما وكونوا فرقا موسيقية وتمزج في إيقاعاتها الأساليب الموسيقية الأفريقية والأمازيغية وطقوسها غريبة في بعض. والكناوة الحقيقيون كما جاء في بعض الدراسات هم مجموعة مغربية أفريقية «جلبوا» عنوة من أفريقيا الغربية التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي (مالي حاليا)، إلى المغرب خلال العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية (نهايات القرن 16 الميلادي).

و(كناوة) حاليا عبارة عن فرق موسيقية ذات إيقاعات قوية محملة بثقل الأساطير والمعتقدات ومشحونة بإرث قديم، منتشرة في جميع أنحاء المغرب، ويتميزون عن باقي الفرق الموسيقية التقليدية بلباسهم المزركش من اللون الأحمر والأزرق والأخضر وقبعاتهم الصوفية وآلاتهم الوترية التي تصنع حبالها من أمعاء الماعز وتحدث أصواتا تمزج الرهبة والحزن.