صاحب خدمة تبادل الملفات «لايم واير» يواجه تعويضات بالملايين بسبب انتهاك حقوق النشر

قبل تحقيق حلمه في مجال النقل البديل بنيويورك

حكم قاض فيدرالي بأن مارك غورتون وخدمة «لايم واير» لتبادل الملفات التي أنشأها، مسؤولان قانونيا عن انتهاك قوانين حقوق النشر(«نيويورك تايمز»)
TT

مارك غورتون رجل لديه ثقة كبيرة في النفس، وكذلك بأفكاره وحماسته. وهو متأكد من أن أعماله الناجحة، مثل قدرته على تحقيق أرباح في وول ستريت والترويج لنظام نقل بديل في مدينة نيويورك، تمنحه رصيدا كفيلا يدعمه.

غير أن هذه الثقة تواجه اختبارا جديدا، حسب ما كتبه جوزيف بلامبيك في صحيفة «نيويورك تايمز». فقبل أسبوعين، حكم قاض فيدرالي بأن غورتون وخدمة «لايم واير» لتبادل الملفات التي أنشأها، مسؤولان قانونيا عن انتهاك قوانين حقوق النشر، ويجب أن يدفع ما يصل إلى 450 مليون دولار مقابل الضرر الذي ألحقه.

غورتون (43 سنة) يقول إنه لم يتصور أن تصل الأمور إلى هذا الحد. وكان يحسب أن قطاع التسجيلات الفنية، منذ تاريخ رفع الدعوى القضائية في 2006، سيقدر رؤيته لمستقبل «لايم واير» وسيرغب في التعاون بدلا من الاستمرار في الدعوى القضائية. وللعلم، تقدّم خدمة «لايم واير» إمكانية تحميل غير محدود من أغان مرخصة مقابل دفع اشتراكات.

وخلال مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي في مكتب «لايم واير» بالقرب من تيشنا تاون في مانهاتن (قلب نيويورك)، قال غورتون: «لعلي كنت ساذجا. فلو كنت أعلم عندما رفعت الدعوى القضائية ما أعلمه حاليا عن قطاع الموسيقى، لربما قمت بشيء مختلف». ولكن غورتون من الأشخاص الذين لا تعني عبارة «قرصنة عبر الإنترنت» الكثير بالنسبة إليه، ولا تنطبق عليه البتة كما يؤكد، فهو متداول ناجح في وول ستريت ولديه خلفية أكاديمية متنوعة تشمل حصوله على درجات علمية من جامعات هارفارد وييل وستانفورد.

يقول غورتون إنه كان يحسب أنه يعمل وفق القانون، على الرغم من أن دعاوى قضائية سابقة أنهت خدمات تبادل ملفات مثل «نابستر» و«غروكستر». ويضيف أنه عندما كانت تساوره شكوك بشأن قانونية أي مادة، كان يبادر إلى حذفها.

وأردف أنه، على سبيل المثال، اتصل بشركات معروفة في قطاع التسجيلات الفنية ليحصل على معلومات عن كتالوغاتها لكي يتمكن من بناء شبكة تصفية تمنع استخدام هذه الأغاني من دون دفع مقابل. إلا أن هذا المسعى انقلب عليه، إذ رأت القاضية كيمبا وود، بمحكمة المنطقة الفيدرالية في مانهاتن، أن خطة الشركة لتحويل المستخدمين إلى خدمة مدفوعة تدعم الرأي الذي يقول إنه كان يعرف أن هناك ملفات على الخدمة تستخدم بصورة غير قانونية.

من جانبها، تقول رابطة التسجيلات الفنية الأميركية، التي رفعت الدعوى القضائية نيابة عن 13 شركة، إنها تعتقد أن غورتون تحايل على القانون عن عمد، وأن ما دفعه إلى الإقدام على ذلك الأموال التي تجنى من مستخدمي خدمة «لايم واير» وتبلغ الملايين. وحقا ارتفع إجمالي العوائد إلى ما يقدر بـ20 مليون دولار في عام 2006 بالمقارنة مع 6 ملايين دولار قبل ذلك بسنتين، حسب ما يقوله حكم المحكمة، وجاء جزء كبير من هذه العوائد من خدمة مدفوعة تتيح التحميل بسرعات أعلى.

ويشرح ميتش بينول، الرئيس التنفيذي للرابطة، هذا الجانب قائلا: «لقد حسِب أنه يستطيع استخدام ذكائه للإفلات. لكنه في واقع الأمر (برنارد مادوف جرائم الإنترنت)... إذ إنه لم يكترث للقانون في سعيه إلى جني أرباح طائلة».

مع هذا، فإن اقتحام غورتون قطاع الموسيقى لم يكن جزءا من خطة واسعة. وهو يدعي أنه لا يستمع إلى الموسيقى، وأن مقدارا كبيرا من مقتنياته الموسيقية التسجيلية يعود إلى أيام دراسته الجامعية. بل إنه لا يمتلك جهاز «آي بود». غير أنه في المقابل، يحب البناء والتأسيس. ففي الصف السابع في المدرسة بنى مع صديق نموذجا بقياس 4x6 أقدام لمدرستهما بولاية نيوجيرزي المتاخمة لنيويورك. وبعدما حصل على درجتين علميتين في الهندسة الإلكترونية، الأولى من جامعة ييل والثانية من جامعة ستانفورد، فإنه صنع «موديم» لمتعهد يقدم خدمات لوزارة الدفاع يمكنه مواجهة نظم التشويش التي يستخدمها الأعداء.

وعام 1998، بعد حصوله على درجة في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد بالإضافة إلى خبرة داخل وول ستريت مع بنك «كريدي سويس - فيرست بوسطن»، بدأ مع شريك له تأسيس صندوق التحوط «تاور ريسيرتش كابيتال» الذي يعتمد استراتيجيات التداول والاستثمار الكمي. ومن ثم أسسا برنامج تداول مؤتمت، وبعده أسسا شركة «لايم بروكيريدج» للسمسرة لتولي مسائل التداول.

ومما يقال إنه خلال عام 2007 بلغت أصول «تاور ريسيرتش» 117 مليون دولار. ولم يذكر غورتون تفاصيل محددة عن أداء شركاته المالية خلال الأعوام الأخيرة، غير أنه قال إن شركة السمسرة خسرت أموالا خلال العام الماضي.

وإذا عدنا إلى عام 2000، عندما دخل غورتون قطاع تبادل الملفات ندا لند (P2P) من خلال «لايم واير»، فإنه كان يتصور أنه سينمو ليصبح خدمة شعبية في مجال التجارة، حسب قوله. إذ إنه يمكن المستخدمين من البحث في الشبكة عن جهاز تلفزيون جديد، على سبيل المثال، لتأتيهم النتائج من تجار تجزئة من مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

ولم يكن غورتون وحده يفكر بهذا الاتجاه. ففي ذلك الوقت كانت الرساميل الاستثمارية والمواهب التجارية تصب في شركات أخرى تعمل في مجال تبادل الملفات (P2P). ويعلق فرد فون لومان، وهو محام بارز في «إلكتريك فرونتير فاونديشين»، التي سبق لها أن مثّلت زبائن في هذا القطاع، قائلا: «لدى الناس ذاكرة ضعيفة، وقد وقعوا في شرك خرافة تزعم أن تطبيقات (P2P) يديرها أشخاص سيئو السمعة وقراصنة». (وقد ذُكر اسم لومان في الحكم كشخص قدّم استشارات قانونية للشركة بخصوص كيفية حماية نفسها من المساءلة).

من ناحية أخرى، يقول أشخاص عرفوا غورتون عن قرب، ولفترة من الزمن، إنه خلال الفترة الذي أنشأ فيها «تاور ريسيرتش كابيتال»، بدأ يعبر عن آرائه بصراحة أكبر. ويقول سون هيشت، وهو صديق له منذ أيام الدراسة في ييل ويرأس حاليا مركز القانون البيئي بجامعة كاليفورنيا - لوس آنجليس، إنه «تحوّل إلى شخص تحدوه ثقة كبيرة جدا في أفكاره».

كثير من أفكار غورتون وأمواله، كان يذهب إلى مشاريع مدنية. وهو يقول إنه في العام الماضي وضع نحو 7 ملايين دولار في أحد مشاريعه وهو «أوبن بلانينغ بروجيكت». تلك المجموعة تروّج لأشياء عدة من بينها تقديم تقنية المصدر المفتوح للإدارات الحكومية، وهو ما يسمح للإدارات الحكومية المحلية الاعتماد على نظام كومبيوتري تستخدمه إدارة حكومية أخرى بدلا من البداية من جديد.

أيضا، كان له دور مع منظمة «بدائل النقل» في نيويورك، وعمل مع إدارة المدينة من أجل زيادة عدد المسارات المخصصة للدرّاجات (يشار إلى أنه يركب دراجة من بيته إلى مكان عمله كل يوم) ومن أجل تحسين حياة المشاة. وكان في كل عام من الأعوام الستة الأخيرة يتبرع بمئات الآلاف من الدولارات ويغطي نحو ربع ميزانية المنظمة السنوية. وحسب بول وايت، المدير التنفيذي لـ«بدائل النقل» فإن غورتون «أعطانا استراتيجية جديدة للنقل، وقبل مارك لم نكن نتكلّم بلغة يستطيع الآخرون فهمها».

غورتون يقول إنه حاول أن يستفيد من الاستراتيجية ذاتها مع شركات التسجيلات الفنية لتوضيح الخدمة الجديدة التي يقترحها. ويقول: «طلبتُ منهم أن يفكروا بـ(وودستوك)، فقد كان المهرجان الأول مجانيا من دون مقابل، إلا أنه في النهاية صار يدر للقطاع الكثير من الأموال وحقق نجاحا كبيرا. أما النسختان الثانية والثالثة فكانتا عاليتي التكلفة بالنسبة للجمهور، ولذا أخفقتا».

لكن غورتون اليوم في وضع يحتاج معه إلى وضع نهاية للدعوى القضائية المرفوعة ضده، قبل أن يدغدغه الأمل بتحقيق أي تقدم مع شركات التسجيلات الفنية من خلال خدمته المدفوعة. وفي ضوء الكلام الشديد من بينوول ورابطة التسجيلات الفنية، لا يحتمل أن تكون المفاوضات المقبلة سهلة. فرابطة التسجيلات ترى أن على «لايم واير»، على الأقل، إغلاق الخدمة الحالية، وعلى غورتون دفع مقابل الضرر من أمواله الخاصة.

المقرّر عقد اجتماع مع القاضية وود في السابع من يونيو (حزيران). وهنا يقول غورتون إنه يعرف أن قطاع التسجيلات الفنية بحاجة إلى تغيير في سلوك جيل اعتاد على الحصول على التسجيلات الفنية مجانا. ومع ذلك، يضيف أن لدى «لايم واير» علاقة مع هذا الجيل وبمقدورها المساعدة على إحداث هذا التغير، ومن ثم يشير إلى أنه لا يزال متفائلا، وواثق من أن فكرته ستنجح في نهاية المطاف.