سينما الشباب السعودية تعاود الظهور عبر فيلمَي «داكن» و«الجنطة»

عرضا في النادي الأدبي في المنطقة الشرقية

داليا بادغيش في مشهد من فيلم «داكن» («الشرق الأوسط»)
TT

عاودت التجربة السينمائية السعودية الظهور مرة أخرى مساء يوم الأحد الماضي عبر العرض الأول لفيلمَي «داكن» و«الجنطة» الذي شهده النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية.

ويأتي هذا العرض، الذي حضره 100 مشاهد ومشاهدة، بعد مشاركة الفيلمين في مهرجان الخليج السينمائي 2010 في الإمارات، وفوز فيلم «الجنطة» لمخرجه محمد التميمي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة الطلبة للأفلام القصيرة. والفيلمان من فئة الأفلام القصيرة قام بإنتاجهما مجموعة من هواة العمل السينمائي من الشباب السعودي.

وتبلغ مدة فيلم «الجنطة» دقيقة و45 ثانية وهو من أفلام الرسوم المتحركة يحاكي خلاله المخرج التميمي مفارقات الآخرين في نظرتهم إلى الإنسان الخليجي. حيث يصور الفيلم مشهدا ساخرا لشخص خليجي يصل إلى مطار دولة أجنبية وتبدأ توقعات الآخرين في محاولة قراءة ما يحمله هذا الشخص داخل حقيبته. وفي حين تتنوع هذه التوقعات بين برميل نفط وذهب ومجوهرات وقنابل، وينتهي المشهد بكشف جهاز الفحص الإشعاعي في المطار عن محتوى الحقيبة الذي لم يكن سوى قطعة ملابس ممزقة.

ويذكر التميمي أن إنجاز العمل استغرق أسبوعا كاملا من الرسم والمونتاج وتركيب الخلفيات الصوتية.

كما تم عرض فيلم «داكن» وهو فيلم قصير تبلغ مدته 28 دقيقة للمخرج بدر الحمود، وشارك في بطولته بدر اللحيد وعبد المجيد الكناني، وللمرة الأولى يدخل العنصر النسائي في أفلام الهواة السعوديين بمشاركة داليا بادغيش.

وفي هذا الفيلم ينقل الحمود، وهو مخرج شاب موهوب، المشاهد بين 3 فترات زمنية في حياة بطل الفيلم «صالح» تنتقل خلالها الكاميرا بين هذه المشاهد بطريقة متزامنة فيما يعرف بـ«الفلاش باك» لدى السينمائيين. ويحكي «داكن» قصة شاب يعيش صراعا مع ماضيه من أجل مستقبله، تتحدث الفترة الأولى عن طفولة بطل الفيلم «صالح» وعلاقته بـ«نورة» التي سوف يلتقيها في وقت لاحق بعد تعرضه لحادث مروري كان نقطة التحول في علاقته مع ماضيه كمروج للمخدرات. وفي اللحظة التي يقرر فيها «صالح» الزواج بـ«نورة» التي تؤدي دورها داليا بادغيش يبدأ صراعا مع ماضيه تكون تكلفته إلصاق تهمة القتل به وهو ينتظر مولوده الأول.

وعلى عكس ما يتوقعه المشاهد من نهاية سعيدة تعادل النية الصادقة التي أظهرها «صالح» لتغيير ماضيه السيئ يدفع هذا الشاب فاتورة ذلك الماضي قاسية حيث يتم توريطه في جريمة قتل مفتعلة. ويعكس الفيلم قدرة الحمود وموهبته في توظيف التفاصيل الصغيرة التي تكاد تكون معروفة لدى الغالبية في صنع مشاهد تعلق في الذاكرة كثيرا وتجعل المتابع يغلي بتساؤلات لا تنفك حتى مع إشارة النهاية للفيلم.

الفيلم واجه ردود فعل متباينة من الحاضرين الذين اكتظت بهم غرفة صغيرة لا تكاد تتسع لـ60 مشاهدا، بالإضافة إلى قاعة نسائية في مقر النادي الأدبي شهدت العرض الأول لتجربة شبابية سعودية جديدة في مجال السينما. فبعد انتهاء العرض وقف الحمود لمناقشة الحاضرين الذين أجمعوا على التطور الفني الذي تشهده أعماله في ظل انتقادات للاعتماد المبالغ على تقنيات الإنتاج دون إبداع في التصوير، وهو ما رد عليه الحمود بقوله «أظنها لم تكن مبالغة ولكن يبقى للمشاهد نظرته ورؤيته الخاصة». ويأتي هذا العمل امتدادا لمجموعة من الأعمال السينمائية القصيرة التي أخرجها الحمود، وكان من بينها «حمامة حرب» و«أبيض وأبيض» و«البالونة» و«بلا عنف» و«شرود». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد الحمود أن هذه المحاولات ما زالت تواصل مشوارها في إلغاء الهاجس المخيف الذي يحيط بكلمة «سينما في السعودية» قائلا «تخطينا مرحلة الخجل من السينما وأصبح لدينا الجرأة لتقديم أنفسنا للمجتمع كسينمائيين»، مستبشرا في الوقت ذاته بالدعوة التي أطلقها وزير الإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه للسينمائيين الهواة من السعوديين لتقديم أعمالهم إلى التلفزيون السعودي تمهيدا لعرضها. ويشير الحمود إلى أن هذه الدعوة تعبر عن الترحيب والقبول الذي تجده محاولات الهواة في الأوساط الرسمية.

وقدم الفيلم الذي تم طرحه كعمل إثارة ورومانسية وجها جديدا في أفلام الهواة هو الناشطة الاجتماعية داليا بادغيش، حيث ظهرت في الفيلم «منتقبة» تؤدي دور طبيبة تشرف على حالة «صالح» بعد نقله إلى المستشفى قبل أن ينتهي الأمر بالزواج بعد علاقة عاطفية.

وفي سؤال حول تجربة الأفلام الروائية الطويلة، يقول الحمود «يمكننا البدء في إخراج فيلم طويل، ولكن الإبداع في الأفلام القصيرة لا يقتضي بالضرورة الانتقال إلى الأفلام الطويلة، فقد أعيش مشواري كله مخرجا لأفلام لا تتجاوز مدتها نصف الساعة». مشيرا إلى الحاجة إلى وجود منتجين يتولون أعباء الأفلام الطويلة التي يمتد تصويرها إلى أشهر. ويقول الحمود «اعتمدنا في فيلم (داكن) على متطوعين شاركوا في التصوير على مدى 4 أيام، ولكن لا يمكن إيجاد متطوعين لأفلام يتطلب تصويرها أشهرا حيث يتطلب الأمر التفرغ للعمل السينمائي».

ويذكر الحمود أن «داكن» تم بمشاركة خالصة من متطوعين يرون أن السينما قد تكون ميدانا للعمل التطوعي من قبل المؤمنين بهذا الفن ودوره في المجتمع.