إلتون جون يلهب حماس الجمهور المغربي

الرباط تحولت إلى قلعة أمنية بعد انتقادات مشاركة المغني البريطاني في مهرجان «موازين»

إلتون جون في حفله في الرباط الليلة قبل الماضية (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

تحولت الرباط الليلة قبل الماضية إلى قلعة أمنية، حيث اتخذت إجراءات مشددة واكبت الحفل الموسيقي الذي أحياه المغني البريطاني إلتون جون في ظل جدل تحول إلى جدال سياسي حول دعوته للمشاركة في المهرجان الدولي للموسيقى «موازين»، خاصة بعد أن أصدر مجلس علماء محلي في مدينة الدار البيضاء بيانا ينتقد فيه استضافة إلتون جون، في حين انتقد ناشطون في مجال الحريات العامة موقف هذا المجلس. وكان بيان أصدره مجلس عين الشق بالحي الحسني قال إن «بعض المهرجانات التي تقام هذه الأيام لم يتورع منظموها عن استضافة من لا يحترم قيم بلدنا ولا مشاعر أمتنا، حيث تقررت استضافة أحد المغنين المعروفين بالمجاهرة بالشذوذ الجنسي والمثلية».

وعلى صعيد الحفل نفسه الذي أثار ضجة غير مسبوقة، ألهب إلتون جون حماس الجمهور، الذي قدر بعشرات الآلاف، في حفل عرف إقبالا منقطع النظير، مما أدى إلى اختناقات مرورية في عدد من شوارع العاصمة المغربية عقب انتهاء السهرة الموسيقية، وعرفت الرباط استنفارا أمنيا تحسبا لأي تهديدات.

وتفاعلت الجماهير التي جاءت من مختلف أنحاء المغرب وخارجه لحضور السهرة التي نظمت في ساحة مفتوحة في حي السويسي الراقي مع إلتون جون، وواكبت ذلك إجراءات أمنية مشددة خوفا من التشويش على الحفل الذي خلق ضجة كبيرة حتى قبل انطلاق المهرجان.

وعرف الحفل حضور شخصيات رسمية مغربية، من بينهم منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة، وفتح الله ولعلو عمدة مدينة الرباط، بالإضافة إلى فنانين مغاربة.

وبعد انتهاء الحفل الذي لاقى نجاحا كبيرا على الرغم من التخوفات الأمنية، عرفت حركة المرور عرقلة في عدد من شوارع الرباط بسبب العدد الكبير من السيارات، وبخلاف الفنانين الآخرين المشاركين في مهرجان «موازين»، لم يعقد إلتون جون ندوة صحافية، وتعددت التكهنات بشأن ذلك، وقالت بعض المصادر إن الندوة لم تتم برمجتها لأسباب أمنية وتنظيمية خاصة أن مشاركة الفنان البريطاني في المهرجان تعرضت لانتقادات من جماعات إسلامية من بينها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، وجماعة العدل والإحسان الأصولية المحظورة. في حين قالت مصادر أخرى إن مدير أعمال المغني هو الذي رفض عقد الندوة خشية أن يدلي إلتون جون بتصريحات تثير غضبا في المغرب. وخلال السهرة نفسها عبر إلتون جون، الذي غنى مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة ورددها معه الجمهور في تفاعل واضح، عن سعادته الكبيرة بتقديم أول حفل له في المغرب. وقال بعد الحفل إنه يغني للسلام والأمن والسعادة، وأهدى إحدى أغانيه للجماهير التي جاءت للاستماع إليه.

وتجاوب الجمهور مع إلتون جون الذي بدأ حفله من دون أي تأخير عن موعده المحدد، وبدا نشيطا حيويا وهو يحيي الجمهور في حفل هو الأطول في المهرجان حتى الآن، حيث دام أزيد من ساعتين، وقدم فيه جون وفرقته الموسيقية عرضا موسيقيا حظي بالإعجاب.

يشار إلى أن دعوة إلتون جون للمشاركة في مهرجان «موازين» لقيت معارضة شديدة قبل وصوله إلى المغرب، بيد أن لجنة تنظيم مهرجان الموسيقى الدولي «موازين» ردت على المنتقدين بالقول إنها تعتمد في دعوتها لأي فنان للمشاركة في المهرجان «على مسيرته الفنية ومنجزاته في مجال الفن والغناء». وقال حسن النفالي، وهو أحد المنظمين «نحن لا نبحث في الحياة الشخصية للمغنين أو في مواقفهم، بل الذي يهمنا هو الجانب الموسيقي والفني».

وكانت السلطات المغربية متخوفة من احتمال حدوث ردود فعل غير محسوبة من طرف «الإسلاميين» الذين عارضوا مشاركة إلتون جون وزيارته إلى المغرب، وهو ما فسر حالة التأهب الأمني تفاديا لأي مشكلات أو تهديدات. وفي غضون ذلك أصدر أحد المجالس العلمية في الدار البيضاء (محافظة عين الشق بالحي الحسني) بيانا ينتقد فيه مشاركة إلتون جون، وقال البيان إن «المهرجانات الغنائية تطورت مضامينها سلبا لتمس مواطن العفة عند المواطن المغربي»، وزاد البيان «في الوقت الذي يتوجه فيه بلدنا المغرب نحو البناء، تطفو على السطح نبتة.. كما هو ملاحظ في بعض المهرجانات التي تقام هذه الأيام، لم يتورع منظموها عن استضافة من لا يحترم قيم بلدنا ولا مشاعر أمتنا. ذلك أنه تقررت استضافة أحد المغنين المعروفين بالمجاهرة بالشذوذ الجنسي، والمعلن لمثليته».

وندد نشطاء في مجال الحقوق المدنية بهذا الموقف، وقال كل من نور الدين عيوش وخديجة الرويسي، وهما يترأسان جمعيتين تعملان في مجال الحريات العامة، إن البيان يعبر عن موقف متعصب، وإن مسألة المهرجانات لا تعني من أصدروه، وإن عليهم أن يكفوا عن الحديث عن حفل فني لا أكثر. والتزم مجلس علماء الدار البيضاء الصمت تجاه البيان الذي أصدره المجلس المحلي لمحافظة عين الشق بالحي الحسني.

وفي أول رد فعل رسمي على الجدل الذي أثير حول استضافة المغني البريطاني ألتون جون إلى مهرجان «موازين» بالرباط، واعتراض الكثيرين على مشاركته في المهرجان بسبب ميوله الجنسية، قال خالد الناصري وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية إن «هناك حسابات أخرى لا علاقة لها بالفن» كانت وراء الجدل الذي أثير حول استضافة ألتون جون الذي وصف حفله بأنه «كان حفلا ناجحا ومر في ظروف طبيعية».

وتأسف الناصري، الذي كان يتحدث أمس في لقاء صحافي مع المراسلين ردا على سؤال «الشرق الأوسط» لكون «عدة جهات لا علاقة لها بالجانب الفني دخلت على الخط من أجل مرجعية قد يلتقي معها البعض وقد يختلف معها البعض الآخر» حسب تعبيره.

وأضاف الناصري، أن المغرب بلد الانفتاح وليس مهددا لا من قريب ولا من بعيد من أي طرف، وقد راكم تحصينات منذ 14 قرنا، وليس مغنٍّ من سيهدده»، وزاد قائلا إن الديمقراطية المغربية تتسع لكل الآراء.