دورة «موسيقيون من تونس» تمزج بين شاعرية الموسيقى العربية وصخب الجاز

عرض الافتتاح «كيف الدنيا» قدم تضمينات مقتبسة من الزخرفات اللحنية العثمانية

عازف البيانو التونسي محمد علي كمون يعزف مقطوعة «كيف الدنيا» («الشرق الأوسط»)
TT

الجاز والموسيقى الغجرية والإنشاد الأوبرالي، إلى جانب الموسيقى الهندية والعربية، وكذلك الألحان التونسية، جمعتها الدورة الرابعة لتظاهرة «موسيقيون من تونس»، التي ينظمها مركز الموسيقى العربية والمتوسطية، المعروف باسم «النجمة الزهراء». الدورة الجديدة فتحت أبوابها كذلك أمام الكثير من الفنانين التونسيين المقيمين بالخارج ممن لهم أعمال موسيقية ناجحة، وهي تصادف الاحتفال بمئوية الفنان التونسي محمد الجموسي، لذلك سيقع تكريمه في حفل اختتام التظاهرة بعرض موسيقي يقام غدا، ويحمل اسم «لحن الوجود».

الدورة الرابعة تستمر حتى يوم غد، وكانت سهرة الافتتاح مميزة للغاية؛ إذ تمازجت فيها أنغام الناي العربي مع آلتي الساكسفون والترومبيت بإيقاعات البيانو، في عرض أطلق عليه عازف البيانو التونسي محمد علي كمون اسم «كيف الدنيا». هذا العرض عبارة عن تأليف موسيقي جديد يجمع بين الموسيقى الغربية ونظيرتها الشرقية، ويستلهم إيقاعاته من الجاز والروك، ونجد في ثناياه نغمات من المغرب العربي وتركيا والهند وغيرها، بحيث إنه يجعل المستمع يقر بدعوى خفية إلى موسيقى ذات طابع عالمي، تختفي فيها الهوية المميزة لكل شعب من الشعوب، والموسيقى أحد تعبيرات تلك الهوية. محمد علي كمون، صاحب عرض الافتتاح، قال للصحافة التونسية: إنه يقدم أسلوبا جديدا لانصهار النغمات الشرقية والغربية للجمهور الحاضر، وأكد أنه «لا حدود للموسيقى».

الجمهور الحاضر تفاعل مع معزوفات، تولى صاحب السداسي الموسيقي المكوِّن للفرقة العاملة معه تأليفها وتقديمها بالمناسبة، وقدم مقطوعات موسيقية تحمل اسم «دوار» وأخرى تحت اسم «سقوط غرناطة»، ومعظمها يسعى إلى إبراز ذلك التباين في الجرس الموسيقي بين آلة الناي التي يعزف عليها هشام البدراني وآلتي الترومبيت والساكسفون اللتين يعزف عليهما الإيطاليان رينو مونيي وإنريكو لوكوني.

ولا بد من الإشارة إلى أن أسلوب محمد علي كمون في العزف على آلة البيانو تضمن عناصر تمازجية، من ذلك أسلوبه في الأداء الذي يشتمل على الكثير من التضمينات المقتبسة من تيار «البي بوب» ومن الزخرفات اللحنية العثمانية.

سهرة الافتتاح للدورة الرابعة لتظاهرة «موسيقيون من تونس» حملت الكثير من المزج بين الموسيقى العربية بشاعريتها المميزة، وموسيقى الجاز بصخبها المؤثر، ولكن الامتياز كان لآلة العود العربية التي أبقت على نغمة عربية أصيلة تبزغ إشراقتها من بين آلات موسيقية غربية أخرى حاولت إسكاتها، ولكنها لم تقدر.

بقية العروض ضمن هذه الدورة تمزج بدورها بين الموسيقات العربية والتركية والفارسية والهندية بتوزيع موسيقي غربي. وتقدم كذلك مجموعة من القطع المستمدة من المدونة الغجرية بشقيها التركي والبلقاني، وذلك بمصاحبة ثلاثة موسيقيين غجريين، الأول مقدوني، والثاني صربي، والثالث روماني.