لينا الألمانية تفوز بمسابقة «يوروفيجن» وتعيد الكأس لألمانيا بعد 30 عاما

بعد تغلبها على 24 مرشحا للمرحلة النهائية

الألمانية لينا بعد فوزها بكأس «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
TT

احتفلت ألمانيا أمس الأحد بفوزها بمسابقة «يوروفيجن» للأغنية للمرة الأولى منذ قرابة 30 عاما بإطلاق الألعاب النارية وإقامة حفلات في الشوارع واحتفالات صاخبة كتلك التي تقام عادة عند الفوز بمباريات في بطولات كأس العالم لكرة القدم.

وأنهت شابة تدعى لينا خسارة ألمانيا لفترة طويلة في مسابقة الغناء التي تشمل جميع أنحاء أوروبا بفوزها على 24 مرشحا للمرحلة النهائية في برنامج أذيع على الهواء من أوسلو وشاهده أكثر من 100 مليون شخص في أنحاء أوروبا.

وعلى عكس المتبع في مسابقات «يوروفيجن» فضل كثير من الدول الغناء بلغتها الأم هذه العام ومنها ألمانيا، وبالطبع فسر ذلك بأنه رغبة ألمانية للاستفادة من مظهر القوة والتمكن الذي تظهر به الدولة الألمانية بقيادة مستشارتها القوية أنجيلا ميركل، لا سيما بعد الدور الألماني الكبير في دعم اليونان ومحاولة انتشال أثنيا من أزمتها الاقتصادية وذلك رغم الخذلان الذي أبدته دول أوروبية أخرى حتى من بين تلك التي تشاركها العملة ذاتها.

وذكرت وكالة «رويترز» أن صحيفة «بيلد إم زونتاج» كتبت في الصفحة الأولى بعد فوز لينا بالتصويت الذي شمل جميع أنحاء أوروبا بعد منتصف الليل مباشرة «أوروبا تحبنا».

وأضاءت الألعاب النارية سماء برلين وفي هامبورغ حيث تابع 70 ألف شخص المسابقة على شاشات تلفزيونية عملاقة في ميدان بوسط البلاد وفي هانوفر مسقط رأس لينا، حيث احتفل 20 ألف شخص بفوز ألمانيا للمرة الأولى منذ عام 1982 في حفل بالهواء الطلق.

واستقبل جمع حاشد لينا بعد ظهر أمس الأحد لدى عودتها إلى هانوفر ويذاع الحدث على شاشات التلفزيون في أنحاء البلاد. وهي طالبة بالمرحلة الثانوية اسمها بالكامل لينا ماير لاندروت. وربما لا تكترث بعض الدول بالمسابقة الغنائية لكنها تؤخذ على محمل الجد في ألمانيا.

وشكت ألمانيا في ما مضى حين أرسلت فرقا بارزة مثل «نو إينجلز» للمشاركة في المسابقة وانتهى بها المطاف في المراكز الأخيرة. ومنذ احتلالها المركز الـ24 عام 2005 احتلت ألمانيا المركز الـ15 عام 2006 والـ19 عام 2007 واحتل فريق «نو إينجلز» المركز الـ23 عام 2008 والمركز الـ20 عام 2009.

وقالت لينا (19 عاما) أمام عشرة ملايين من مشاهدي التلفزيون الألمان: «لم يكن هذا متوقعا على الإطلاق» في إشارة إلى الهزائم المتكررة منذ آخر فوز لألمانيا بالمسابقة الذي تحقق عام 1982 بأغنية «قليل من السلام»، وأضافت: «أنا مندهشة. لا أستطيع أن أصدق... أنا في غاية السعادة بحق».

وشارك في الحفل الذي دأب على تنظيمه اتحاد الإذاعات الأوروبية 39 دولة ونقل على الهواء مباشرة في أطول برنامج تلفزيوني في العالم حيث تم انتخاب الفائز الذي وصل لهذه المرحلة بعد دورتين سابقتين من التصفيات بالتصويت المباشر عبر خطوط الهاتف.

وعلى الرغم من أن المسابقة فنية بحتة بحيث يتوفر لكل دولة اختيار فرد أو فريق غنائي بشرط ألا يتجاوز عدد أعضائه الستة أشخاص لتمثيلها، فإنها تعتبر ترمومترا لقياس العواطف والمشاعر الوطنية حيث ترتفع أثناء الحفلات أعلام الدول المشاركة أكثر مما تسود صور الفنانين المشاركين. مثال آخر على تسييسها ينعكس في الاتجاهات التي تصوت بها كل دولة ولمن من الدول تدلي بأصواتها، أضف إلى ذلك الحماس الشديد الذي تبديه دول أوروبا الحديثة التي تسعى وبشدة للوصول للقمة منافسة بذلك الدول ذات الباع في هذا المجال مثل فرنسا التي سبق أن فازت بالمسابقة 5 مرات وإنجلترا والسويد التي فازت بها 4 مرات وسويسرا التي فات بها مرتين، وقد ظهرت في السنوات الأخيرة دول مثل لاتفيا وأوكرانيا وصربيا وإستونيا وجميعها تسعى للاستفادة من الدعاية التي توفرها التغطية التلفزيونية غير المعهودة عالميا لحدث خلاف الأحداث الرياضية الدولية. وكان لافتا للنظر الاهتمام الذي أبداه الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يوشينكو الذي حضر الحفل الذي نظمته بلاده عام 2005 بل صعد للمسرح محييا وخطيبا.

ومن ذلك الاهتمام، فإن دولة حديثة كدولة أذربيجان عمدت لتخصيص ميزانية ضخمة لتدريب فنانها، سافورا علي زادا، مستعينة في ذلك بفريق أميركي متخصص يضم جاك نايت مصمم الرقصات الشهير الذي يدرب المغنية بيونسيه.

لكن، وإن توفر لأذربيجان المال لصرفه على فريقها، فإن دولا أخرى حالت المادة بينها وبين والاشتراك مثل مونتنقرو ودولة التشيك واندورا والمجر، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي لم يقتصر أثرها على تلك الدول التي آثرت الانسحاب فحسب، بل تأثرت المسابقة بأكملها؛ إذ تم تقليص ميزانيتها هذا العام إلى 24 مليون يورو، بانخفاض 5 ملايين يورو عن ميزانية العام الماضي.

في سياق آخر، لا يعمد المنظمون لفرض كثير من الشروط للمشاركة في المسابقة التي تشرف عليها محليا محطات إذاعية، غير بضعة ممنوعات؛ أهمها ألا تكون كلمات الأغاني بذيئة أو سياسية الإيحاء. وقد سبق أن رفضت لجنة التحكيم قبل عامين أغنية إسرائيلية بعنوان «اضغط على الزر» وذلك بسبب احتجاجات أن الزر المقصود هو زر السلاح النووي وذلك على الرغم من اعتراض الفرقة ونفيها لتلك التهمة مستعينة بالنفي الإسرائيلي الأكبر أن دولة إسرائيل لا تملك سلاحا نوويا.

وفي حين يتوسع مجال الأغاني والموسيقى المختارة للمشاركة ما بين الشعبية والروك والبوب، تستعين بعض الدول براقصين، بينما تعمد أخرى إلى اختيار أزياء ذات أثر تتمنى أن يكون مساعدا للفوز مثل الفريق الفنلندي الذي ظهر عام 2006 وأعضاؤه يرتدون أقنعة وزيا يوحي بأنهم من عصر الإنسان الأول وحدث أن فازوا بالمسابقة.

وفي حين كان كثير من الدول يفضل تقديم أغانيه باللغة الإنجليزية لكونها الأكثر انتشار أوروبيا، فإن الملاحظ هذا العام أن كثيرا من المشاركين فضلوا الغناء بلغتهم الأم، مما فسره متابعون بأنه أثر من آثار القلق والزعزعة السياسية والاقتصادية التي تعيشها أوروبا حاليا، معللين ذلك بأن الشعوب عادة ما تلجأ لجذورها عند الأزمات بحثا عن الأسس والمقومات التي تثبت أقدامها وتدفعها معززة بمشاعر وطنية دافقة.

ولا تعتقدون أن اليونان بدورها تترك المناسبة تمضي من دون الاستفادة منها تذكيرا بمجدها وعزمها على الفكاك من مشكلاتها المتفاقمة حاليا للمضي قدما. وعند ترجمة نصوص الأغنية التي يشارك بها الفريق اليوناني بقيادة الفنان غيرقوص إيلكايوس وأصدقائه تقول بعض مقاطع الأغنية واسمها «أوبا»:

اجلس على النار كل ما هو قديم سأغيره سددت كل واجباتي واصرخ عاليا سوف آتي اجلس على النار  سوف آتي