هوس «المونديال» يجتاح الأسواق السعودية.. ودمية «زاكومي» نجمة الواجهات

كأس العالم تفتح باب رزق جديدا للسعوديين.. وتشجيعهم الأكبر للمنتخبين البرازيلي والإيطالي

فتاة سعودية تشتري دمية «زاكومي» المعروضة حاليا بمعظم المتاجر («الشرق الأوسط»)
TT

سيطر «هوس» المونديال على الأسواق والمتاجر السعودية، التي شهدت إعادة هيكلة في مظهرها تماشيا مع الأجواء الكروية المشتعلة، وتنافست على عرض منتجات المونديال كالأعلام والشعارات والشالات الرياضية لتبيعها بجانب الملابس والأحذية والعطور، فيما سجلت «زاكومي» الحضور الأكبر في تزيين واجهة المحلات، وهي الدمية الرسمية للبطولة، والتي تأتي على شكل فهد أصفر له شعر أخضر مجعد.

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» داخل متاجر متفرقة تقدم المنتجات «المونديالية»، أفصح العاملون فيها أن الطلب يرتفع على «تي شيرتات» المنتخبات التي تنافس على لقب المونديال، خاصة منتخبي البرازيل وإيطاليا اللذين سجلا الاهتمام الأكبر لدى المتسوقين السعوديين من مختلف الأعمار، يليهما منتخبات أخرى كالأرجنتين وإسبانيا وفرنسا، في حين يبدو ملاحظا الارتفاع الكبير في أسعار ملابس المنتخبات العالمية، إذ وصلت قيمة الـ«تي شيرت» الواحد إلى 300 ريال (80 دولارا).

حول هذه المشاهد، تقول الدكتورة شيرين السعيد، أستاذة الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أن قيمة الحدث ليست بكونه حدثا عالميا أو بأن لدينا هوسا بالمونديال يدفعنا للبس الـ(تي شيرتات) وما إلى ذلك، بقدر ما هو يشبع لدينا رغبة في الترفيه، من ناحية كرة القدم تحديدا، كلعبة نعشقها ولها جماهيرية كبيرة».

وترى السعيد أن شغف الجمهور السعودي بالمونديال يبين كونه حدثا سياحيا واقتصاديا وثقافيا إلى جانب أنه حدث رياضي، مشيرة إلى دور وسائل الإعلام في شحن حماسة الجماهير من خلال التركيز على قيمة «الشهرة» عبر تسليط الضوء على نجوم الكرة، وقيمة «الصراع» في تنافس المنتخبات العالمية، وتذكر أن هذه الأجواء الكروية الملتهبة دفعت ابنها لسؤالها «من ستشجعين في كأس العالم؟»، مع الاعتقاد بضرورة أن يكون كل فرد مشجعا لأحد المنتخبات المشاركة.

أما نجوى فرج، وهي اختصاصية اجتماعية في مستشفى قوى الأمن بالرياض، فتفسر شغف السعوديين بالمونديال، بالقول: «هو حدث عالمي، ليس لدى الشباب والمراهقين فقط، بل لدى الناس كلها، فشريحة بسيطة جدا هي التي ليست مهتمة بكأس العالم»، موضحة وجهة نظرها كمختصة اجتماعية بأن الاهتمام بالأحداث والتطورات العالمية أمر إيجابي لا عيب فيه.

وتابعت فرج حديثها لـ«لشرق الأوسط»، قائلة: «الرياضة شيء جميل جدا، لكن المشكلة في توقيت المونديال غير المناسب لأننا نمر الآن بأصعب فترة وهي فترة اختبارات آخر السنة، والواضح أن كأس العالم استطاعت شد اهتمام الشباب بطريقة غير عقلانية، وأخذت حيزا كبيرا من تفكيرهم واهتمامهم بكيفية ومكان مشاهدة المباريات وغير ذلك».

ومن داخل أحد المتاجر المزدانة بألوان وشعارات الفرق العالمية والمزينة بلوغو الفيفا، تبحث ابتسام المحمد (15 عاما) التي تشجع المنتخب الإيطالي عن ميدالية «زاكومي» الصغيرة لتزين بها حقيبتها المدرسية، قائلة: «بعض صديقاتي بالمدرسة أحضرن ميدالية ودباديب زاكومي من خارج السعودية، وأنا أحاول البحث عنها في السوق».

وربما لا تعرف ابتسام وغيرها من المتنافسين على اقتناء «زاكومي»، أن اسم الدمية ينقسم إلى شطرين، هما «زا» أي الاسم المختصر القديم لجنوب أفريقيا، و«كومي» التي تعني الرقم عشرة في العديد من اللغات الأفريقية، وقد ظهرت على شاشة التلفزيون في شكل دمية متحركة يرتديها شخص بالحجم الطبيعي في 16 يونيو (حزيران) عام 1994، وهي تحضر اليوم في المتاجر السعودية بأسعار متفاوتة تختلف بحسب حجمها، إلا أنها تبدأ بـ80 ريالا (20 دولارا) للحجم الأصغر.

في المقابل، كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن بعض الجامعات السعودية أصدرت تعميما بمنع الطالبات من ارتداء الملابس الرياضية التي تضم شعار المنتخبات المشاركة في المونديال داخل الحرم الجامعي، وهو ما يأتي كرد فعل على تسابق الكثير من الفتيات السعوديات على متاجر الملابس الرياضية في ظل تحولها إلى موضة «نسائية» هذه الأيام.

هذا الهوس الكروي ساهم أيضا في فتح باب رزق جديد للشباب السعودي ودفع بعضهم إلى إقامة «أكشاك» رياضية داخل الأسواق والأماكن العامة، تبيع مختلف المنتجات المونديالية، على أن تكون مشروعا موسميا ينتهي بتتويج المنتخب الفائز بكأس العالم، من ذلك «كشك» يشرف عليه بعض الشباب السعودي في «مجمع الظهران التجاري» شرق السعودية، وعن دافع إنشائه يكتفي أحدهم بالقول «هو موسم»، مؤكدين أنهم قاموا باستيراد بضاعتهم المونديالية من الفيفا!.

ولم تقتصر حمى المونديال في السعودية على المتاجر والأسواق فقط، حيث يبقى للمقاهي النصيب الأكبر من الكعكة الرياضية، بعد أن اشتدت أجواء المنافسة بينها وانتشرت إعلاناتها «الكروية» بهدف جذب أكبر عدد من الزوار، مثل: «شاهد مباريات كأس العالم على أكبر شاشة»، «عرض البلازما داخل أجواء خاصة وممتعة»، «مسابقات خاصة وسحب جوائز مع كل مباراة». ويرفع تشفير مباريات المونديال من حظوظ هذه المقاهي، إذ يتأهب عشاق كرة القدم لمتابعة منتخباتهم المفضلة داخلها مما يمكنهم من مشاهدة المباريات دون دفع اشتراكات باهظة وبرفقة أكواب «الموكاتشينو المثلج» والمشروبات الباردة، وتتنافس في ذلك أيضا بعض المجمعات التجارية عبر وضع الشاشات العملاقة لبث المباريات للمتسوقين داخل المجمعات، والسحب على مسابقات تخص جولات كأس العالم، الأمر الذي ينبئ بصيف ساخن «كرويا» في السعودية.