أبها تستهدف «غينيس للأرقام القياسية» بأكبر «لوحة صلصال»

صنعتها أيدي 450 طالبا من 11 جنسية.. واستمر العمل فيها نحو 5 سنوات

أكبر لوحة صلصال بتوقيع 450 طالبا من 11 جنسية («الشرق الأوسط»)
TT

على مساحة 100 متر مربع، أزيح الستار في أبها عن أكبر لوحة تشكيلية من نوعها، أعدت بمادة الصلصال، التي وصل وزنها إلى 186 كيلوغراما، صنعتها أيادي 450 طالبا من 11 جنسية، واستمر العمل فيها نحو خمس سنوات.

وكُشِف عن اللوحة المرشحة لدخول موسوعة «غينيس للأرقام القياسية» خلال معرض بينالي عسير، الذي حضره ممثلون عن دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى اليمن، وحملت اللوحة توقيع أطفال بمواهب وقدرات إبداعية، وضمت 7500 قطعة شارك فيها طلاب المدرسة السعودية بأبها، بإشراف ومتابعة الفنان التشكيلي فايع يحيى الألمعي، الذي استطاع تحويل مادة التربية الفنية من مادة جامدة مفروضة إلى مادة تعليمية مرغوب فيها، وتنافسية على نطاق أوسع.

ويشير فايع الألمعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العمل الذي استغرق نحو خمس سنوات، كان يتم توثيقه وجمع لوحاته ورصد تطوراته بشكل دقيق، وأردف: «لاحظت تفاعل الطلاب مع المشروع، ثم عممت الفكرة على جميع الصفوف في المدرسة، وكنت أضع بين أيدي الطلاب أحجاما مختلفة من قطع الكرتون أو الخلفيات التي يمكن أن تثبت عليها مادة الصلصال, وتترك حرية اختيار المساحة والموضوع المناسب للطالب».

وأضاف: «تم قص ما يقارب من 15 ألف قطعة مختلفة الأحجام من الكرتون والخلفيات، التي استخدمت لكي يبدع الصغار عليها، وكان من بين الأعمال التي تم تجميعها أصغر لوحة مكتملة العناصر من الناحية اللونية، والمساحة والفكرة والموضوع».

وأشار إلى أنه كان يحاول طرح أكبر عدد من الموضوعات على الصف الواحد، مدعومة في كثير من الأحيان بصور أو بأعمال سابقة منفذة من طلاب مدارس أخرى، وفي أحيان أخرى يعرض عليهم صور بعض اللوحات لفنانين من مختلف البلدان، ليتسنى للطفل اختيار ما يراه مناسبا من الموضوعات، مع توجيهم ببعض مفردات اللوحة والعمل الفني.

وللتحكم في طريقة إخراج اللوحة وفق نمط أو شكل معين، قال مشرف المشروع: «كان طموحنا في بداية الأمر أن نصل إلى عدد 3000 لوحة، وبعد أن تم ذلك، بدأت التفكير في أن تكون أكبر لوحة جدارية بالصلصال من حيث المساحة، وذلك من خلال أكبر عدد من القطع الفنية التي من الممكن تجميعها لتشكل لوحة واحدة متناغمة ومتجانسة»، لافتا إلى أنه من الممكن أن تكون 8000 لوحة (قطعة فنية) أو تكون لوحة واحدة بجميع هذه القطع، مضيفا أن الحنكة الإبداعية تتجسد في جعل كل مساحة، مهما كبرت أو صغرت في هذا العمل، لوحة مكتملة العناصر.

وأبان فايع الألمعي في حديثه أن هذه اللوحة ضمت مدارس فنية متنوعة, شملت المدرسة التأثيرية والتنقيطية والتجديدية والتكعيبية والزخرفية، وكذلك كانت هناك قطع كثيرة اتخذت من الزخرفة الشعبية، أو «القط» المعروف في منطقة عسير، موضوعات لها.

وعن مساحة العمل ووزنه أفاد الألمعي بأن مساحة العمل الإجمالية تقدر بـ48 مترا طولا في ارتفاع مترين، أي ما يعادل 100 متر مربع تقريبا. أما وزن أعمال الصلصال المنفذة على هذه اللوحة هي 186 كيلوغراما, مبينا أنه تم وزن العمل في ميزان خاص في البريد السعودي في مدينة أبها.

وأشار إلى أن أهمية هذا العمل تكمن في جعل الآخرين يشعرون بأهمية عمل الطفل الصغير، وما يحمله من قيمة كبيرة, بجانب التأكيد على كل طفل بأنه يملك موهبة وقدرة تجعل من عمله عملا مهما يشار إليه بالبنان.

التشكيلية منال الرويشد، عضو في مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية التربية الفنية التي تسهم في تكامل نمو الطالب والطالبة من النواحي الفردية والفكرية والاجتماعية والثقافية, وقالت: «هي تثري حياتهم وتساعدهم على التكيف مع محيطهم الاجتماعي، والتنفيس عن مشاعرهم وأحاسيسهم واستثمار أوقات فراغهم، وتنمية الإبداع والابتكار». إلا أنها لفتت إلى بعض التحديات التي تواجه التربية الفنية بشكل عام، ومنها ما يتعلق بالتربية البيئية والسياحية والمتحفية، وما يشهده العالم من تغيرات كبيرة وتطورات واسعة في مختلف مجالات الحياة؛ من مجالات كثيرة كزيادة عدد السكان وتداعيات هذه الزيادة، وصولا إلى تزايد المعرفة وتدفق المعلومات.

وأكدت الرويشد على أهمية دور المختصين في العناية بالتعليم في مجال التربية الفنية عن طريق الزملاء، وأساليب التعلم الذاتي، وربط التعليم الأساسي بحاجات المجتمع وبمواقع العمل، بجانب التفاعل الإيجابي مع مصادر المعلومات ومواقع التربية والتعليم, إضافة إلى أن أساليب التعاون مع الأسر والمجتمع الدولي من خلال المعطيات التقنية لا تقل أهمية عن دور الأسرة نفسها.