كيفورك خاتشيريان.. ربع قرن من الإبداع المستوحى من المرأة والطبيعة

فنان لا يكرر تصميمه ويصف نفسه بالفوضوية وكره القيود

الفنان كيفورك خاتشيريان في حفل الافتتاح («الشرق الأوسط»)
TT

تنظم «ميدل إيست ميديا هولدنغ» معرضا للفنان كيفورك خاتشيريان في غرفة التجارة البريطانية في لندن على مدى ثلاثة أيام برعاية سفيرة لبنان في بريطانيا إنعام عسيران.

يتخلل المعرض آخر تصاميم خاتشيريان من الحلي العصرية والتقليدية ذات الأشكال المميزة التي لاقت إعجاب الحاضرين من دبلوماسيين عرب وأجانب إلى جانب حشد من الجاليات العربية في لندن.

وفي مقابلة قامت بها «الشرق الأوسط» قال المصمم والفنان كيفورك خاتشيريان إنه سعيد بعرض أحدث تصميماته في لندن لأنه كثيرا ما أراد تعريف الغرب بتصميماته التي تحمل الروح الشرقية في طياتها، فتصميماته يمكن وصفها بالحرفية العالية الموجهة إلى المرأة العصرية التي تفتخر بأنوثتها.

ويقول خاتشيريان وهو لبناني من أصول أرمينية ولد في لبنان إن مشواره بدأ عن طريق الصدفة، فالمشروع كان مجرد هواية تحولت إلى مهنة، بدأ بها منذ ربع قرن، واللافت وبحسب خاتشيريان أنه وعلى الرغم من غزارة التصميم والإنتاج لديه، فإنه لا يكرر نفسه في أي من تصميماته، فهو يحرص على تصنيع قطعة واحدة من كل تصميم فقط لا غير، ويعلل ذلك بأنه يسعى دائما إلى أن تكون المرأة متميزة وتنفرد بتصميم خاص بها.

وسياسة عدم التكرار تنطبق على جميع التصميمات من دبابيس وقلادات، وقام خاتشيريان بتسمية تشكيلته الأحدث التي يعرضها في لندن، «سبرينغ أو يونيفرس» وهذا يعني «ربيع الكون» ويشرح خاتشيريان سبب اختيار التسمية لأنه يعشق الطبيعة ويأسف بأن الاحتباس الحراري والمشكلات البيئية الآخذة في ضرب وغزو الكون حالت دون بسط الطبيعة سلطتها على الكون وأدت إلى اختفاء الفصول، فلم يعد هناك فصل محدد يبدأ في موعد وينتهي في آخر، لذا يرى خاتشيريان أن تصميماته هي تجسيد للطبيعة المتألمة، ويقول إن فصل الربيع على سبيل المثال لم يأت هذا العام إلى لبنان، وهذا ما حرك فيه المشاعر ودفعه إلى تصميم قطع تصور الربيع بألوانه الزاهية وفرحه، كما قال إن بيروت تعاني من مشكلة الزحف العمراني والإسمنتي وهذا يؤثر ليس فقط على الطبيعة والبيئة إنما أيضا على جينات الإنسان ويفقدها الألوان.

وعن التشكيلة الجديدة يقول خاتشيريان إنها فريدة كالعادة، وهو يركز هذه المرة على الألوان كما سبق وذكر، ويستعمل فيها الأحجار كبيرة الحجم شبه النفيسة والنحاس والكريستال، التي يتم استيرادها من فرنسا والنمسا وأفريقيا، وعنوان تصميماته «الضخامة»، فهي ملفتة للنظر وهي أشبه بقطع فنية شبيهة بتلك التي تراها في واجهات المتاحف العالمية.

خاتشيريان يعمل في بيروت في ورشته الواقعة في منطقة الأشرفية ولا يملك محلا خاصا به، إنما يرتكز في مبيعاته على زبوناته اللاتي يأتين بعد رؤية تصميماته لدى صديقاتهن، وهو يعتقد أن هذه الطريقة هي الأمثل للانتشار، فهو يقول إنه فنان أولا وأخيرا، ويعشق عمله، فالربح المادي مهم إنما التصميم والإبداع يأتيان في المقام الأول.

ويضيف خاتشيريان بأنه يقوم بالابتكار والتصميم ويساعده في التصنيع ثلاثة أشخاص يعملون معه في ورشته، ولا تدخل الآلات في تصنيع تصميماته إنما يتم تصنيع جميع القطع بواسطة اليد فقط.

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كانت هذه التصميمات تليق بجميع السيدات من جميع الأعمار، يقول خاتشيريان، إنه لا علاقة للعمر بالتصميم، فالمرأة كائن رائع، لكن يجب عليها أن تتقن لعبة إظهار أنوثتها بشكل يليق بها، كما أن التصميمات هذه مخصصة للمناسبات الكبرى وهي تغني عن التفكير بما ستلبسه المرأة لأن القلادة وحدها كافية بأن تظهر المرأة بأجمل حلة، نسبة لحجمها وتصميمها وشكلها، لذا يمكن القول إن التصميمات مناسبة لكل امرأة تحب الأناقة والظهور بالشكل المميز.

ويقول خاتشيريان إنه تربطه علاقة جميلة بزبوناته، فهن من جميع الطبقات الاجتماعية ومن جميع أنحاء العالم، وهو يتعامل مع كل منهن بشكل منفرد، وأصبح اليوم يفهم ما تريده المرأة بسرعة كبيرة. يستعمل النحاس في تصميماته لأنه يرى أن هذا المعدن مرن ويلبي رغباته في التصميم على عكس الذهب، ويعطي خاتشيريان مثالا على ذلك، فأخذ خاتما مصنعا من النحاس ومرصعا بالأحجار الملونة والكريستال وقال إن هناك سيدة مجتمع معروفة طلبت للتو أن يصنع لها نفس الخاتم ولكن من الذهب، فهو يقول إنه ليس لديه مشكلة في ذلك، وهو يصنع الذهب أيضا، إنما يفضل التعامل مع النحاس، لأنه أرخص ثمنا وفيه كل المميزات التي من شأنها إظهار التصميم بشكل جميل، ولكن الذهب غالي الثمن وله قوانينه في التصميم، فتوقف خاتشيريان هنا للحظة ليقول: «أنا فوضوي، أكره التقيد بالقوانين في العمل»، كما أن التصميمات غنية جدا بالأحجار وكريمة من حيث الحجم، وهذا لا يمكن تطبيقه إذا كان المعدن المستعمل فيها ذهب، بحيث قد تصل تكلفة القطعة إذا كانت مصنعة من الذهب إلى 200 ألف دولار، إنما في حالة النحاس فتبدأ أسعار القطع من 20 جنيها إسترليني إلى 10 آلاف جنيه إسترليني.

وأشار خاتشيريان إلى أجمل قطعة صممها وكانت عبارة عن قلادة ضخمة تدخل فيها عدة أحجار شبه نفيسة من جميع الألوان وتم طلاء النحاس بالذهب، وهي تغطي منطقة الرقبة بالكامل وصولا إلى منتصف الصدر، ويصف الفنان هذا التصميم بأنه المفضل لديه، لأنه عندما قام بتصميمه كان في ذروة الإبداع، ويتذكر النور الساطع الذي رافق ذلك الصباح وزقزقة العصافير وحالته النفسية الساكنة والسعيدة، ويضيف خاتشيريان بأن عمله غير تقليدي فهو فن عالي المستوى، تحركه المشاعر والمرأة والطبيعة، فهو يعشق المرأة، فهي الأم والأخت والزوجة، ومنها يستوحي أفكاره وإبداعاته.

كيفورك خاتشيريان اسم لامع في لبنان والعالم العربي في كوكب التصميم اللافت، وإلى جانب تصميماته التي يقوم بها بهدف البيع بالمفرق، يقوم بتصميم الحلي والإكسسوارات المستعملة في مسرحيات الرحابنة، كما قام بتصميم عدة تيجان من بينها تاج نينا قديس التي مثلت لبنان في مسابقة ملكة جمال الكون عام 1998، كما صمم تاج ملكة جمال «البورتريه» في لبنان وتاج ملكة جمال الجامعة الأميركية في بيروت وتاج ملكة جمال المنتجعات في لبنان إضافة إلى تصميم عدد لا يحصى ولا يعد من الإكسسوارات التي استعملت في عدد من عروض الأزياء في الإمارات العربية وفرنسا، كما يقوم بتصميم الإكسسوارات في الأعراس الضخمة في العالم العربي، وشارك في عدد من المعارض في لبنان والعالم وهذه المرة الثانية التي يعرض فيها تصميماته في العاصمة البريطانية لندن. يتخذ خاتشيريان من القلب المرصع بحجارة الكريستال الحمراء توقيعا له في تشكيلته الجديدة فيتخلل هذا القلب الصغير الأحمر كل قطعه الربيعية، الملونة. ويقول إنه يعشق التصميم، ففي بعض الحالات يقوم بتصميم قطع خاصة به وغير مخصصة للبيع، إنما هي بمثابة الماء الذي يروي عطشه للابتكار والإبداع ورغبة منه لإرضاء نفسه.

للمزيد من المعلومات يمكن زيارة الموقع: www.arvesti.com