الكاريكاتير والسياسة في معرض «بريطانيا الفظة»

الفنانون البريطانيون ونظرة تهكمية للساحة السياسية

دمية تمثل رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر استخدمت في البرنامج الساخر «سبتينغ إميدج» (أ.ب)
TT

الأدب والتصرفات المحسوبة التي تصل إلى الترفع والاتزان العاطفي الذي قد يصفه البعض بالبرود، تلك كلها صفات الشعب البريطاني في الخارج. ولكن معرضا يقام مؤخرا في متحف «تيت بريتن» يقلب الصورة تماما ويقدم وجها آخر لبريطانيا يصفه بـ«الفظ» عبر معرض «بريطانيا الفظة» الذي يتابع تطور فن السخرية السياسية في بريطانيا.

وحسب تعبير رونالد وايت في مقاله بصحيفة «التايمز»، فإن الصورة النمطية لبريطانيا تتناقض تماما مع ما يقدمه المعرض، بحيث وجد نفسه يتساءل بعد مشاهدته المعرض عما إذا كان أحد في العالم قابل أفرادا من الشعب البريطاني بالفعل ليصف الشعب بالأدب واتباع قواعد التصرف.

المعرض ينقسم عبر ست قاعات يقدم من خلالها عدد من التصنيفات، منها فن الكوميديا البريطانية، والسخرية والسياسة. وقد قام عدد من فناني الكاريكاتير والكوميديين المعروفين في بريطانيا بالمساهمة في إعداد غرف المعرض وتنسيق المعروضات.

وتعكس المعروضات شغف فناني الكاريكاتير البريطانيين عبر التاريخ بتصوير الأجسام بطريقة مبالغ فيها وبالتالي المقارنة بين المرأة الممتلئة والرجل النحيف، والعنق الغليظ في مقارنة بالأنف الرفيع جدا، المبالغات تعكس آراء ونقدا مباشرا.

القسم المحوري داخل المعرض يتمثل في غرفة مخصصة للسياسة تظهر كيف ينتقد الفنانون الساسة بدءا من نابليون بونابرت وصولا إلى أدولف هتلر ورئيسي الوزراء مارغريت ثاتشر وتوني بلير.

وترى صحيفة «واشنطن بوست» أن الرسومات الكارتونية البريطانية هي في العادة أشد قسوة وأعمق من الرسومات الكارتونية في أميركا الشمالية. وتضرب المثل بإحدى رسومات ستيف بيل من صحيفة «غارديان» قام فيها بتصوير رئيس الوزراء جون ميجور وهو يرتدي السروال الداخلي فوق البنطال. وقام الرسام الكارتوني مارتن روزون بعرض بلير بعد الحرب على العراق مخضبا بالدماء. وفي الثمانينات، قام برنامج العرائس الساخر «سبتينغ إميدج» بتصوير ثاتشر كامرأة تعمل في الجزارة ومعها ساطور عليه دماء. وقام الرسام الكارتوني غيرالد سكارف بتشبيهها بحيوان مفترس يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ.

في الوقت الحالي، يعترف سكارف بالإعجاب بالمرأة الحديدية على الرغم من اختلافهما السياسي. ويقول: «كانت ثاتشر إنسانة عظيمة، لأنها كانت امرأة قوية وكانت تلهم صورا قوية. ويأتي الرسم الكارتوني من الشخصية، فلا يمكن جعل الأشخاص الأقوياء ضعفاء».

وتهدف أعمال الكثيرين إلى التهكم، ولكن يسعى البعض إلى إحداث تغيير. وفي رسوم هوغارث «غين لين» التي تعود إلى عام 1751 ورسوم «عبادة باخوس» لجورج كروكشانك التي تعود إلى عام 1862 يوجد تصوير للدمار الذي يحدثه تناول الكحوليات بشكل مفرط، وساعد ذلك على تغيير الاتجاهات الاجتماعية.

وفي الثلاثينات، ساعدت رسوم ديفيد لو الكارتونية عن هتلر على تغيير المواقف داخل بريطانيا. واستخدم المحتجون الملصقات ضد غزو العراق، وكانوا ينصحون بلير بـ«الشاي بدلا من الحرب». ولا ننسى الصورة الشهيرة لتوني بلير وهو يلتقط لنفسه صورة على الهاتف الجوال وفي الخلفية انفجارات مدوية في العراق. يقول سكارف، الذي تظهر أعماله في صحيفة «صنداي تايمز» إنه في أفضل الأوقات يمكن للفن الساخر أن «ينتج نقطة يتجمع الناس حولها ليفكروا. وهذا ما كنت أشعر به، ولم أكن أستطيع صياغته في كلمات. وآمل أن يساعد على تلخيص مشاعر الناس، وفي النهاية يمكن أن يتحول إلى حركة».

ومع ذلك، فإن سكارف واقعي فيما يتعلق بحدود تأثير التهكم. ويقول إن الكثير من الساسة يستمتعون في السر بالرسوم الكاريكاتيرية التي تتناولهم، ودائما ما يسألون عما إذا كان يمكنهم شراء رسوم كارتونية لهم.