لبنان يدخل في شهر عسل رياضي والآلاف مهددون بدخول السجن!!

قوى الأمن تناشد اللبنانيين أن يكون تشجيعهم للرياضة راقيا

ظاهرة رفع أعلام غير لبنانية مظهر احتفالي تجده الأكثرية الساحقة من اللبنانيين طبيعيا رغم وجود قانون يمنعها («الشرق الأوسط»)
TT

ما كادت نهائيات كأس العالم لكرة القدم تنطلق في جنوب أفريقيا، حتى تخلى الكثير من اللبنانيين عن جنسيتهم الأصلية و«اعتنقوا» جنسية أحد البلدان المشاركة في «المونديال»، فرفعوا أعلامها على سياراتهم وعلقوها على شرفات منازلهم، فيما تدلت أعلام عملاقة من بين المباني العالية تعلن «هوية» الحي المؤقتة، ويكون السؤال الطبيعي «أنت شو (ماذا)»؟ فيأتي الجواب «أنا إيطالي» أو برازيلي.

ورغم أن القانون اللبناني يعاقب بالسجن كل من رفع علما أجنبيا فوق الأراضي اللبنانية دون ترخيص، فإن آلاف الرايات والأعلام تباع في الشارع وفي المتاجر الكبرى، فيما يتنافس أنصار الفرق في إبداء مظاهر الفرح بإطلاق المفرقعات وتسيير التظاهرات السيارة احتفالا بفوز الفريق المفضل، مما يؤدي أحيانا إلى «اشتباكات» بين أنصار المتنافسين. وفي ضوء هذه التطورات، ناشدت قوى الأمن الداخلي اللبنانيين عامة بأن «يكون تشجيعهم للرياضة حضاريا وراقيا من خلال التوقف عن إطلاق المفرقعات، وعدم التعدي على حدود حرية الآخرين» وأكّدت أنها «لن تتوانى عن اتخاذ التدابير القانونية اللازمة في حق المخالفين للقرارات الإدارية التي تمنع إطلاق المفرقعات من دون ترخيص، بالتنسيق مع القضاء المختص».

وظاهرة رفع أعلام غير لبنانية على أرض لبنانية مظهر احتفالي تجده الأكثرية الساحقة من اللبنانيين طبيعيا، إلا أنه لو خضع لأحد القوانين اللبنانية الصادرة عام 1945 لكان عشرات الآلاف من اللبنانيين دخلوا السجن أو دفعوا غرامات مالية. فقانون رفع العلم اللبناني الصادر عام 1945 ينص في مادته الأولى على الآتي «لا يجوز رفع أي علم غير العلم اللبناني في الأراضي اللبنانية». كما تقول المادة الثانية: «لا ترفع الأعلام الأجنبية إلا على دور وسيارات البعثات الدبلوماسية والقنصليات وقوات الجيوش الأجنبية وعلى ثكناتها وعلى المواكب الأجنبية وفقا للتقاليد الدولية المرعية. أما في الحفلات العامة فلا يجوز رفع أي علم غير العلم اللبناني إلا بعد استئذان وزارة الداخلية. وكل من يخالف أحكام هذا القانون يعاقب بالسجن شهرا إلى سنة وبغرامة من عشرين ألف ليرة لبنانية إلى مائتي ألف ليرة لبنانية».

ورغم وضوح النص القانوني، تقف الدولة اللبنانية عاجزة عن تطبيق هذه المادة من الدستور، فلا سجون قد تتسع للمخالفين، ولا شك أن الثورة الشعبية ستأتي لا محال للانقلاب على القانون ومطبقيه.

ثورة توقعها المسؤولون فبادروا إلى دفع 800 ألف دولار أميركي لمحطة الجزيرة ليتمكن جميع اللبنانيين من مشاهدة مباريات المونديال دون دفع أي كلفة إضافية. واللافت أن لبنان تمكن خلال مفاوضاته من تأمين مشاهدة كل المباريات بـ800 ألف دولار في حين ألزم اتفاق «التلفزيون السوري» مع «الجزيرة» سورية بدفع 10 ملايين دولار لنقل 22 مباراة عبر القنوات الأرضية بينها الافتتاح ومباراتين من الدور ربع النهائي ولقائَي النصف النهائي والمباراة النهائية.

وأكّد ممثل قناة «الجزيرة» في لبنان محمد الخطيب لـ«الشرق الأوسط» أن «الجزيرة والإخوة في قطر قدموا الكثير من التنازلات للتوصل إلى تسعيرة الـ800 ألف دولار وهو ما يعد مبلغا رمزيا، علما بأن التلفزيونات اللبنانية الخاصة كانت لتدفع الملايين للحصول على الحق الحصري لبث مباريات المونديال». وقال: «منذ بدء المفاوضات كنا نعلم تماما أننا سنصل إلى توافق مع الدولة اللبنانية فالنوايا الحسنة كانت موجودة». وعن أيّة تدخلات سياسية للحلحلة قال الخطيب: «نحن لا نخضع لهكذا نوع من الضغوطات التي لم تحصل أساسا».

وتشهد المطاعم والمقاهي اللبنانية يوميا عند إطلاق الحكم في جنوب أفريقيا صفارة البداية، زحمة رواد يتهافتون للتلاقي وحضور أولى المباريات المنتظرة... يلبسون الحلل الخضراء والحمراء ويتجهزون بالعدة الاحتفالية من الزمامير إلى القبعات والطبول حتى.

ويلفت إيلي نخلة «الأرجنتيني» (29 عاما) إلى أنّه «عمل جاهدا كي تبدأ عطلته السنوية في 11 يونيو (حزيران) لتمتد حتى 11 يوليو (تموز) فهو ينتظر المونديال كل أربع سنوات على أحر من الجمر لكن أحواله المادية لم تساعده في السفر إلى جنوب أفريقيا». من جهتها فإن لينا زيدان (22 عاما) «الألمانية حتى الموت» لا ترى لزوما للسفر لمشاهدة المباريات فالمظاهر الاحتفالية اللبنانية برأيها رائعة والأجواء في بيروت ولعانة».