«عطر الكولونيا» في «مهرجان موسيقى البوب 2010» على ضفاف الراين

على مدى 6 أيام من الموسيقى والرقص وبمشاركة 250 فنانا وفرقة بالتزامن مع كأس العالم

TT

تعيش ألمانيا هذه الأيام «حلم يوم صيف» جديدا بعد حلم مونديال كاس العالم لكرة القدم 2006، يوم رقصت الملايين في الشوارع احتفالا بذلك العيد الكبير. وتحاول مدينة كولون هذا العام مزج الروح الرياضية بموسيقى البوب، وتحويل أهازيج الفوز الكروي إلى كلمات حب، من خلال اختيارها أيام مونديال 2010 لإقامة أكبر مهرجان لموسيقى البوب في أوروبا.

وتم اختيار الأيام بين 23 و28 يونيو (حزيران) الحالي، وأثناء المرحلة الحاسمة من دور الـ16 في المونديال، لصعود أهم الفرق الموسيقية الأوروبية والألمانية إلى خشبات المسرح. وسيجري توقيت وقائع المهرجان مع أوقات المباريات، بحيث يسمح للجمهور بمشاهدة المباريات ومن ثم الرقص حتى الصباح على أنغام الموسيقى. وطبيعي فإن الأيام الأخيرة من المونديال ستشهد مباريات أقل، وهذا يعني وقتا أكبر للشباب للمزج بين إثارة كرة القدم، ومتعة الرقص على الهواء الطلق، والتمتع بشي المأكولات في الأيام المشمسة. علما بأن المهرجانات السابقة كانت تنظم في شهر أغسطس (آب) من كل عام، إلا أن اللجنة التحضيرية قدمت موعد المهرجان هذا العام بغية دمجه بفعاليات كرة القدم.

وتبشر هذه الأيام، حيث الشمس المشرقة ودرجات الحرارة المعتدلة (22 - 25 درجة) بصيف موسيقي ساخن في مدينة الراين الأولى كولون. حيث سينصب أكثر من 70 مسرحا في ساحات المدينة ومساحاتها الخضراء، خصوصا في المدينة القديمة، على ضفتي الراين، لاستقبال الحشود. وهكذا ستكون أكبر التجمعات الموسيقية الراقصة بالقرب من كاتدرائية كولون، على الضفة الأخرى المواجهة، في ساحة نويماركت، وساحة هويمارت، وساحة فيرزن، وساحة إيبرت، وساحة الأوبرا. تضاف إلى ذلك 45 فعالية أخرى في ساحات وقاعات مغلقة تقيمها قطاعات خاصة على هامش المهرجان. وستتحول مواقع المشاهدة الجماعية لكرة القدم إلى ساحات موسيقى ورقص مساء خصوصا في المنطقة الخضراء في دويتز وداخل قاعة «الأرينا» التي تعتبر الأكبر من نوعها في ألمانيا، ومن القاعات المخصصة لمباريات هوكي الجليد وكرة السلة والطائرة والاحتفالات المغلقة.

أهم المسارح، وأهم الفرق، ستشارك قرب مجمع شركة «عطر الكولونيا» المعروف كأقدم عطر مسجل في العالم، وكذلك قرب مقر الشركة في ساحة الأوبرا في شارع النواقيس. وتعتبر شركة العطر المذكورة من أهم ممولي المهرجان إلى جانب 70 شركة جديدة اتخذت من مجمع عطر الكولونيا مقرا لها.

وأرادت اللجنة التحضيرية لـ«بوب فيستيفال» هذا العام أن يضرب الكثير من الأرقام القياسية التي تبرز المهرجانات الأخرى في إسبانيا وهولندا وفرنسا. فالعرس الموسيقي الكبير 2010 في كولون على الراين سيضرب الرقم القياسي في عدد الأيام (6 أيام)، بعد أن كان يمتد في السابق على مدى ثلاثة أيام، هي نهاية الأسبوع. وسيضرب الرقم القياسي من ناحية الفنانين والفرق التي ستصعد على المسارح لتطرب الجمهور، ثم إنه من المتوقع أن يسجل عدد حضور، معظمهم من الشباب، يتجاوز 3 ملايين.

هذا يعني أن أيام المهرجان ستشهد موسيقى من كل العالم، من الهند والصين أيضا، بين 23 و28 يونيو الحالي، حيث تشكل الفرق الأجنبية 50 في المائة من عدد الفرق الذي يتجاوز 250 فرقة. وبهدف توفير المتعة للجميع، بمن فيهم الأطفال وعوائلهم، ستقام 49 مدينة ألعاب متحركة في مختلف أحياء المدينة وساحاتها، كما أجيزت مئات عربات بيع الطعام المتحركة بهدف توفير الأكل والشرب للمشاركين.

ومن أهم المشاركين في عروض الموسيقى بوغ فيسلهوغ المشهور بموسيقى الجاز في ألمانيا، وهينريك شفارتس (موسيقى إلكترونية)، وفرانسيسكو تريستانو، وفرقة فونيكس، وستريت غيغز.. إلخ.

جدير بالذكر أن «مهرجان الموسيقى» في كولون ليس جديدا على هذه المدينة التي تعتبر من أهم المدن السياحية في ألمانيا، وأهم المراكز الثقافية في البلد، ومدينة الإعلام الأولى من دون منازع. إذ كانت المدينة تحتضن، طوال عقود، مهرجان «بوب كوم» الذي يقام سنويا، في أغسطس، على هامش المعرض الدولي لشركات الاسطوانات والأجهزة الموسيقية «بوب كوم». وكان هذا المهرجان يقام على مدى ثلاثة أيام ويجتذب سنويا 2.5 مليون متفرج يتدفقون من مختلف المدن الألمانية والهولندية والبلجيكية والفرنسية القريبة.

ونجحت العاصمة برلين، في محاولة لاستقطاب الكثير من الفعاليات الكبيرة، في كسب إدارة معرض «بوب كوم» إلى معرض برلين منذ سنوات، وحققت العاصمة نجاحا على صعيد المعرض، إلا أنها فشلت في الحفاظ على شعبية وتنظيم المهرجان الموسيقي المرافق له. وكان حضور الفرق الموسيقية والجمهور قليلا في السنوات «البرلينية»، وهو ما شجع كولون على استعادة المهرجان بأشكال أخرى.

وعلى هذا الأساس فقد ابتكرت إدارة مدينة كولون وضعية اقتصادية - فنية لحشد الدعم لمهرجان موسيقى البوب. ونجحت في استقطاب الكثير من شركات الموسيقي، والشركات الاقتصادية الأخرى، حول شعار «موسيقى وأعمال» (pop&business) وهو سر المشاركة الفعالة لشركة «موهلنز»، صاحبة امتياز «عطر الكولونيا»، وبقية شركات المدينة، خصوصا «فورد» للسيارات، و«باير» للأدوية، في هذا المهرجان، الذي سيتحول أيضا إلى دعاية صناعية وتجارية للشركات التي ترعاه. علما بأن 120 مقدما مشهورا لبرامج الشباب والموسيقى في الراديو والتلفزيون سيقومون بنقل وقائع الحفلات الموسيقية التي تتخللها الندوات الاقتصادية.

وفي كولون يتجمع عدد مهم من أجهزة الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، فهي مقر جهاز القناة الثالثة (الغربية) الذي يعتبر أكبر قناة للراديو والتلفزيون في ألمانيا، والممول الحقيقي للقنوات الأخرى، ويتخذ تلفزيون «RTL»، بكل قنواته، من كولون مقرا له، كذلك التلفزيون الموسيقى «فيفا» ورديفه «لايف وان» ومحطة «فوكس» التلفزيونية وشركة «EMI» إلخ. وسيكون مهرجان البوب فرصة لكل هذه الأجهزة لتغطية الفعالية، وتمويل بعض المسارح التي تستضيف المزيد من الفنانين في المدينة.

ويتجمع الكثير من شركات الموسيقى والأفلام والإعلام والتقنية في حي الإعلام المسمى «ميديا بارك» بالقرب من محطة القطارات الرئيسية، وهناك سيقام مسرح كبير حيث تتسع ساحة الحي لاستيعاب عشرات الآلاف من المتفرجين.

عام 2000، وبينما كان فريق «دي توتن هوزن» يعزف أغانية بحضور حشد هائل من الشباب، وبسبب الحر، اضطرت إطفائية المدينة للتدخل وتبريد حمى الراقصين عن طريق رش الماء عليهم من خراطيم سيارات الإطفاء. ويقول جيرد تشوبسكي، مدير إطفائية المدينة، إن فرق الحريق ستسهم هذا العام أيضا إذا تطلب الأمر، لكن بواسطة رشاشات مياه تطلق رذاذا باردا يعادل حرارة الجو من دون أن يبلل الراقصين.