طبعة جديدة بالعربية من كتاب تدريسي عن التصحر

بدعم من برنامج الأمير سلطان لتعزيز لغة الضاد في اليونيسكو

غلاف الكتاب
TT

صدرت الطبعة الثانية من «مجموعة الموارد التدريبية لبلدان الأراضي الجافة» عن قطاع العلوم الطبيعية في اليونيسكو، مزيدة ومنقحة، بدعم من برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود لتعزيز اللغة العربية في المنظمة. وكانت الطبعة الأولى لهذه المجموعة صدرت عام 2003 بدعم من الإدارة البلجيكية الفلمنكية.

وتشكل الأراضي الجافة نحو 40 في المائة من مساحة كوكب الأرض ويسكنها ما يزيد على ملياري شخص، يعيش الكثير منهم تحت خط الفقر. ولمنطقة الدول العربية حصة الأسد من هذه الأراضي الجافة، من المغرب، مرورا بحوض وادي النيل، وصولا إلى بلدان الجزيرة العربية.

وتتعرض الأراضي الجافة لخطر شديد بسبب التقلبات المناخية والضغوط البشرية. وقد أثر تردي التربة والغطاء النباتي تأثيرا سلبيا على 70 في المائة من الأراضي الجافة في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، غالبا ما تكون البلدان والشعوب الأكثر تضررا من التصحر هي نفسها التي تمتلك أقل قدر من الموارد. كما تتأثر جميع قطاعات السكان بالتصحر وبمشكلات التعري التي تؤدي إلى تدهور البيئة وتؤثر على قدرة البشر على العيش في بيئة طبيعية ملؤها التحديات. غير أن مكافحة التصحر ممكنة من خلال استصلاح الأراضي الجافة المتدهورة، وعبر تربية الأجيال الطالعة على أهمية صون البيئة والحفاظ عليها مثل حفاظها على الحياة.

وتستهدف «مجموعة الموارد التدريبية لبلدان الأراضي الجافة»، مدرسي المرحلتين الابتدائية والثانوية في جميع أنحاء العالم. وهي تقوم على نهج ابتكاري يدعو إلى الإبداع وصقل الحس الفني لدى التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم تقريبا بين 6 سنوات و15 سنة. وتعمل اليونيسكو على توزيع هذه المجموعة على المدارس، عبر اللجان الوطنية للمنظمة في مختلف البلدان وعبر شبكاتها للمدارس المنتسبة. وتتألف المجموعة من ثلاثة عناصر: دليل المدرس، ودفتر (أو كراس) الفصل، وخريطة مناطق الأراضي الجافة في العالم.

دليل المدرس هو المحور الرئيسي في المجموعة، ويتركز حول ثلاثة فصول: اكتشاف النظام البيئي وتنوعه البيولوجي، والحفاظ على الغطاء النباتي، وحفظ موارد المياه. وقد صممت المجموعة لمدرسي مواد متباينة مثل الجغرافيا وعلم الأحياء والتعبير الفني. وخارج المدارس يمكن استخدام المجموعة أيضا على سبيل تعزيز الجهود التي يضطلع بها صناع القرار الراغبون في مراعاة المسائل البيئية عند صياغة سياساتهم الإنمائية.

تستند جميع الأنشطة المعتمدة في هذه المجموعة إلى أسلوب مبتكر في التعليم، إذ يتم تشجيع التلاميذ على استخدام الحواس في التعرف على البيئة. فالأطفال في البلدان المتأثرة بالتصحر، غالبا ما يعيشون في الأرياف ويتمتعون بخبرات عملية في بيئتهم الطبيعية. وميدانيا، يخرج التلاميذ إلى الهواء الطلق لاستقصاء البيئة المحيطة بهم برفقة مدرسهم وبتوجيهاته. وهم يتعلمون طرق الملاحظة وكيفية «قراءة» البيئة بصورة أفضل ومعاينتها عن قرب وبالتفصيل، مما يجعلهم يتعرفون على أشياء لم يكونوا يعرفونها من قبل. وفي أنشطة أخرى يتعلم التلاميذ كيفية التعرف على روائح النباتات والأطعمة والأطباق المعدة منها، ومذاقاتها المختلفة، وكيفية وصف هذه الروائح والمذاقات.

تأتي هذه الأنشطة لتشجيع الحوار مع أصحاب المعارف والخبرات المحلية من رعاة وفلاحين وعمال غابات وخبراء النبات والحرفيين. بحيث تنشأ علاقة ثلاثية الأبعاد بين المدرسين والتلاميذ وأصحاب الخبرات المحلية، الأمر الذي يجعل هذه الخبرات أكثر فائدة في محاربة التصحر. وعلى سبيل المثال، يهدف النشاط المعنون بـ«الشكل والتصميم: تشريح بنية النبات» إلى دراسة شكل النبتة، وخصوصا الأشجار، ومراقبة نموها وتعلم كيفية تحديد نوعها عن بعد. ويستفيد المدرس، في ذلك، من المعرفة العملية المتوافرة لدى السكان والمعايير التي يستخدمها الأهالي للتعرف عن بعد على شجرة معينة والتمييز بين شجرة وأخرى على الرغم من تشابههما. فكثيرا ما يستخدم هؤلاء بيانات وقدرات تجريبية تمكنوا منها من خلال اتصالهم اليومي بالبيئة في رحلتهم الطويلة على الأقدام لجني الثمار أو للبحث عن العلف وفي التماسهم للطرق التي من شأنها أن تحسن تعايشهم مع البيئة التي ينتمون إليها.

وفي نشاط «الحديقة التجريبية» يقوم مجموعة من المدرسين بتطوير مشروع تعليمي يستند إلى حديقة. ويشمل هذا النشاط عنصر التنمية المستدامة من حيث إنه يشجع التلاميذ على القيام بأعمال طويلة الأجل يستفيد منها، بالإضافة إليهم، تلاميذ المستقبل والأجيال القادمة. وحرص المشرفون على هذه المجموعة على استنباط كل ما يمت إلى صون البيئة وحمايتها من مختلف الثقافات والحضارات. فيجد التلميذ مؤشرا ثقافيا أو أكثر في مرجعيته الحضارية إلى قضية مكافحة التصحر، من الهند إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية والبلدان العربية.