«الهندسة المعمارية في الأندلس» تعيد الماضي العربي الإسلامي

في معرض «الربيع الثقافي الأندلسي» بمراكش

احدى من صور المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

شكل معرض صور «الهندسة المعمارية العربية بالأندلس»، الذي نظمه معهد «سرفانتيس» الإسباني، في إطار «الربيع الثقافي الأندلسي» بمراكش، فرصة لاستحضار تاريخ طويل ومتنوع من الوجود العربي والإسلامي في بلاد الأندلس.

المعرض، الذي عرض بمبنى «دار الشريفة»، في المدينة القديمة، قبل أن يتم نقله إلى قاعة العروض بفضاء المعهد الإسباني، ضم 43 صورة فوتوغرافية، تصور المآثر والعناصر المعمارية والتزيينية المتميزة من الماضي العربي والإسلامي، التي توجد في ثمان من مدن إقليم الأندلس، هي ألمرية وقادس وقرطبة وغرناطة وويلبة وجيان وملقة وإشبيلية. ويتيح «معرض التراث المعماري الأندلسي، خلال وجود المسلمين بالأندلس، للزائر القيام بجولة عبر الهندسة المعمارية لإسبانيا المسلمة».

الصور، التي التقطت بالأبيض والأسود وبالألوان، رافقتها تعاليق، باللغتين الإسبانية والعربية، مع عناوين، مثل «قرطبة.. المسجد من الداخل» و«قرطبة.. صالة المحراب الداخلية» و«غرناطة.. بوابة الدخول إلى فناء الفحم» و«إشبيلية.. البرج الذهبي» و«إشبيلية.. نهر الوادي الكبير والميناء» و«إشبيلية.. برج الخيرالدا والكاتدرائية» و«ألمرية.. منظر المدينة من الناحية الغربية.. في العمق الميناء والقصبة».

من بين التعاليق، نقرأ عن صورة لمدينة ألمرية: «تأسيس قصبة ألمرية تم في منتصف القرن العاشر، عندما قام عبد الرحمن الثالث بتثبيت أرض خلافة قرطبة، حيث قام بتحصين النواة البحرية، وذلك بتكوين دفاعات تحمي المدينة. واعتبارا من هذه اللحظة، وطيلة خمسة قرون، أصبحت مدينة ألمرية الميناء المرجعي في جميع منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر القصبة، اليوم، التي تبلغ مساحتها ثلاثة وأربعين مترا مربعا، من أكبر القلاع الإسلامية التي تمت المحافظة عليها في إسبانيا».

وقالت دولوريس لوبيز إنامورادو، مديرة معهد «سرفانتيس» في مراكش، لـ«الشرق الأوسط»، إن «معرض (الهندسة المعمارية العربية بالأندلس) يشكل نقطة تواصل بين حضارتين وثقافتين، يجمع بينهما ماض مشترك، انتهى إلينا، اليوم، في صيغة هندسة معمارية تؤرخ لزمن وفضاء عاش فيه العرب والمسلمون، يوم كانت أندلس الأمس هي إسبانيا اليوم، وحيث الحدود التي تفصلنا، اليوم، لم تكن موجودة في ذلك الوقت».

ورأت لوبيز إنامورادو أن «المعرض يجسد أثرا مشتركا هو في ملك المغاربة، بشكل خاص، والمسلمين، بشكل عام، وكذا الإسبان، وبالتالي فحين يتطلع مغربي، اليوم، إلى صومعة «الخيرالدا» يرى فيها جانبا من ماضيه الأندلسي، وكذلك الشأن بالنسبة للإسبانيين في إشبيلية وفي غيرها من المدن الأندلسية، الذين حين يتطلعون إلى هذه الصومعة يجدون فيها جانبا من ماضيهم». وتنتهي لوبيز إنامورادو إلى القول «إن المعرض هو تكريم لماضينا المشترك».

وجاء برنامج «الربيع الثقافي الأندلسي بمراكش» متنوعا، مع عناية بمختلف المواضيع ذات الصلة بالشأن الثقافي، حيث اشتمل على لقاءات أدبية، كان بينها لقاء مع الكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، في موضوع «هوس الأندلس»، فضلا عن حفلات موسيقية اشتملت، في جانب منها، على حوارات موسيقية جمعت بين فنانين مغاربة وإسبان، ومعارض للكتب وعروض سينمائية ولقاءات شعرية.

كما تضمن البرنامج معارض فنية وفوتوغرافية متنوعة في مواضيعها، منها «نظرات مغربية إلى غويا»، و«نظرات إلى بحر ضيق» الذي عرضت فيه صور فوتوغرافية للمصور يوري كيلز كارليي، جاءت نتيجة الذاكرة المرئية لضفتي المضيق التي يشاطرها مع أشخاص من محيطه، إلا أنه يلتقط صوره بحس خاص، حيث نكون مع قارتين تشاهد إحداهما الأخرى، توحدهما حركات المياه تارة وتفرقها تارة أخرى، فيما أفواج الناس تعبر من ضفة إلى أخرى.

«الربيع الثقافي الأندلسي بمراكش» سيتواصل إلى الصيف، إلى غاية شهر يوليو (تموز)، وفي هذا الإطار، يتضمن المعرض الفوتوغرافي، الذي يحمل عنوان «جذور عربية في تراث إشبيلية وجهتها»، مجموعة من الصور الفوتوغرافية، التي تم التقاطها، ابتداء من سنة 1907، من طرف مصورين قاموا بإنجاز مادة فنية بواسطة تقنيات متعددة، يتجلى من خلالها الدور المهم الذي تلعبه الصور في دراسة الفن من جهة وإبراز البصمات المهمة التي ميزت الفترة الإسلامية بالمنطقة من جهة أخرى.

وشكل الحوار المتقاطع، الذي جمع الكاتب المغربي إدمون عمران المليح بالكاتب الإسباني خوان غويتسولو، إحدى أبرز وأقوى لحظات الربيع الثقافي الأندلسي، الذي تحول، في رأي البعض، إلى برنامج للفعل الثقافي في المدينة الحمراء، وتقليد سنوي يراهن، حسب إدارة العهد الإسباني، على تمتين روابط الفعل والتفاعل الثقافي بين المغرب وإسبانيا.