القاهرة تحتضن أول معرض في العالم لفن «المايكرو موزاييك»

يضم 39 لوحة نفذت في 18 عاما

الفنان المصري سعد روماني يتلمس لوحة لعمر الشريف وفي الاطار لوحة لفيروز
TT

قد لا تصدق الملكة إليزابيث ملكة إنجلترا أن صورة لها قد نفذت فيما يقرب من عامين!، ولكن هذا ما حدث بالفعل على يد الفنان التشكيلي المصري سعد روماني، عندما قام بتنفيذ لوحة لها تنتمي لفن المايكرو موزاييك بناء على توصية من فنان إنجليزي زميل له، والتي يمكن لزائر قاعة الفنون التشكيلية بالأوبرا المصرية مشاهدتها داخل معرضه الأول لفن المايكرو موزاييك (الفسيفساء الدقيقة) الذي يعد المعرض الأول من نوعه في العالم.

يحتوي المعرض على 38 لوحة أخرى، استغرق الإعداد لها 18 عاما، فلوحة واحدة تنتمي لفن المايكرو موزاييك قد تستغرق من العمل عاما أو عامين حيث تحتوي كل لوحة على عشرات الآلاف من القطع الدقيقة المكونة لكل لوحة فنية.

يقول الفنان سعد روماني لـ«الشرق الأوسط»: فن الموزاييك أو الفسيفساء فن إنساني يعد من أوائل الفنون التي عرفها الإنسان البدائي الذي اهتم بوجود تكوينات فنية بتجميع مجموعة من الأحجار الطبيعية الملونة أو المكونات الطبيعية، لكن بالطبع لم يكن في صورته الحالية، ولكن بشكل مبسط، وهو ما نلمسه أيضا في البيوت الريفية والبدوية، لكن بشكل عام يمكن تعريف فن الموزاييك بأنه مجموعة من الأحجار مختلفة الأنواع والأشكال والمقاسات عندما توضع بجوار بعضها تكون شكلا له دلالة فنية، وقد يدخل إليه بعض الأحجار الكريمة مثل الياقوت والزبرجد والفيروز والزمرد، وكان له نصيب من الازدهار في فترة عصر النهضة، ومنه نشأ المايكرو موزاييك (الفسيفساء الدقيقة) النابع من نفس الفكرة لتكوين لوحات فنية وتكوينات إبداعية ازدهرت بشكل خاص في قصور الملوك والسلاطين.

ويفرق روماني بين الفسيفساء الدقيقة والعادية بقوله: «لوحة الفسيفساء العادية تحتاج عددا من الأحجار المختلفة، أما الفسيفساء الدقيقة فتحتاج لأحجار أكثر 400 مرة مما تحتاجه اللوحة العادية، فالمايكرو موزاييك أكثر دقة وأكثر تعبيرا وأكثر مقدرة على توصيل الأفكار الإبداعية، كما أنه فن صعب، وتكمن صعوبته في التناول وقيادة تلك الأحجار لتعبر عن مشاعر إنسانية أو أفكار، فالتعامل معها وتطويعها هو العائق الأكبر في تناول هذا الفن أمام أي فنان يمارسه، لذا فهناك ندرة في عدد الفنانين على مستوى العالم الذين عملوا في هذا الفن قد لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة».

عند تجولك بين لوحات المعرض تلحظ أن كلا منها اختير بعناية شديدة كما يظهر لك المجهود الفني المبذول فيها والوقت الطويل لتنفيذ كل منها، فهذه لوحات لنجيب محفوظ وفيروز وعمر الشريف وأوبرا وينفري وأينشتاين وبيتهوفن، وهناك من لوحات تحاكي لوحات عالمية شهيرة مثل روميو وجولييت، إلى جانب اللوحات التي تجسد الحصان العربي وطبق الفاكهة، والتي نال جميعها ترحيبا كبيرا من جانب الفنانين التشكيليين من مختلف بلدان العالم وعلى رأسهم الفنانة جيزيلا جيبون خبيرة فنون الموزاييك العالمية في الرابطة البريطانية لفن الموزاييك.

يكمل صاحب المعرض وهو يتجول بين لوحاته: «على الرغم من أن الموزاييك حولنا في كل مكان إلا أنه فن لم ينل حقه في التقدير، على الرغم من أن له من التاريخ والرسوخ الفني ما يجعلنا نحتفي ونهتم به بقدر ما يستحق، لذا حاولت إحياء هذا الفن وتوصيل رسالة فنية من خلال لوحاتي مضمونها أن هذا الفن الرفيع المستوى قادر على البقاء والخلود لأنه من خامات تكون صلبة ولا تتأثر بالعوامل الجوية أو بالعوامل المحيطة، وقد سئلت كثيرا لماذا اخترت الطريق الصعب، وإجابتي بأن هناك دافعا شخصيا وراء ذلك فكنت أقول لنفسي إذا كان هناك شخص يستطيع فعل ذلك فأنا أحق أن أفعله».

وحول ما يستغرقه فن المايكرو موزاييك من أوقات طويلة جدا من العمل يؤكد روماني أنه «من الأهمية أن لا تقاس اللوحات بما أخذت من وقت في تنفيذها فالعبرة بالنتائج، فكم من الوقت يهدر دون فائدة، والقيمة الفنية للوحة تكتسبها بقيمة العمل الفني الموجود بداخلها، وهل استطاعت أن توصل الفكرة الفنية أم لا، وفي فن المايكرو موزاييك كلما أحسن الفنان اختيار خاماته ومعاملتها بدقة واهتمام شديدين استطاعت اللوحة أن تصمد طويلا».