محاولات دؤوبة في المغرب لجمع تراث فن «الملحون» الأندلسي

قصائده كتبها ملوك وأمراء وتنوعت بين العشق والغزل والسياسة

TT

أعلن عباس الجراري، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن المجلد الخامس من موسوعة موسيقى «الملحون» التي يشرف عليها ضمن سلسلة «التراث» التي تصدرها أكاديمية المملكة المغربية، سيصدر قريبا بعد أن اكتمل العمل فيه. وقال الجراري، الذي كان يتحدث في «مهرجان موسيقى الملحون» في مكناس، إن أكاديمية المملكة المغربية عازمة على مواصلة جمع وإصدار تراث فن الـ«ملحون» المغربي، والحفاظ عليه كواحد من مرتكزات الهوية المغربية وإرثها الثقافي العريق.

وأضاف الجراري، الذي يرجع اهتمامه العلمي بفن «الملحون» المغربي إلى دراساته الجامعية بالقاهرة خلال النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، أنه أصبح أكثر اطمئنانا على مستقبل فن الـ«ملحون» مع ظهور خَلَف حمل مشعل مواصلة إنتاج هذا الفن في عدد من المدن المغربية، وفي ظهور الكثير من الجمعيات التي تهتم بحفظ هذا التراث الرائع والمحافظة عليه.

وشارك في الدورة الرابعة من مهرجان «النزاهة» لفن الـ«ملحون» بمكناس 142 مهتما وباحثا في فن «الملحون»، و12 جمعية من مختلف المدن المغربية. وقال محمد المقدم، محافظ جمعية فضاء مكناس لـ«الملحون» التي نظمت المهرجان «أردنا من خلال إطلاق هذا المهرجان إعادة إحياء تقليد عريق لاحظنا مع الأسف أنه توقف مند سنوات، وهو اجتماع عشاق الـ(ملحون) خلال فصل الربيع من أجل إحياء حفلات في الطبيعة، عبر الخروج إلى الحقول أو الضيعات، احتفاء بالطبيعة. وكانت هذه الحفلات تشكل أحد الروافد الرئيسية لتناقل فن الـ(ملحون) بين الأجيال والحفاظ عليه».

وأضاف المقدم أن الفضل في الحفاظ على تراث الـ«ملحون» في المغرب يرجع بالأساس إلى شريحة الصناع التقليديين في المدن العريقة، مثل فاس ومكناس وسلا وتارودانت وتافلالت، الذين كانوا ينظمون حفلات أسبوعية في بيوتهم، بالإضافة إلى حفلات فصلية، خاصة في فصل الربيع. غير أن انحسار الدور الاقتصادي والاجتماعي لهذه الشريحة أدى إلى تراجع دورها في المحافظة على هذا التراث وتوقف الكثير من أنشطتها الثقافية. وأشار المقدم إلى أن شريحة اجتماعية جديدة تتكون من أطر في القطاع العام والخاص ومهن حرة قد أخذت المشعل في السنوات الأخيرة من خلال إنشاء جمعيات خاصة بتراث الـ«ملحون» في عدد من المدن المغربية. وشرعت هذه الجمعيات في إحياء الكثير من التقاليد الآخذة في الاندثار مثل تقليد «النزاهة» في مكناس.

ويقول المقدم إن فن «الملحون» عريق جدا، وكان في البداية يلقى سردا من دون تلحين، إلا أنه قبل ستة قرون تأثر بالفن الأندلسي فتم إدخال الآلات الموسيقية والألحان. ويتوفر المغرب على تراث ضخم من فن الـ«ملحون»، منه قصائد كتبها ملوك وأمراء، وأخرى كتبها نساك وعباد، وقصائد في العشق والغزل، وفي السياسية، وغيرها من المواضيع. وعدد من الأمثال الشعبية الرائجة في المغرب هي في الأصل أبيات من شعر الـ«ملحون». ومن تقاليد شعراء الـ«ملحون» في المغرب توقيع قصائدهم، إذ يذكر الشاعر في نهاية قصيدته اسمه إما بشكل مباشر أو عن طريق لغز لغوي باستعمال حساب الجمل وغيرها من طرق التشفير التقليدية في اللغة العربية.