«فورد» توقف سيارات «كراون فيكتوريا» و«لينكولن تاون»

من أهم سمات شوارع مدينة نيويورك المزدحمة

«كراون فيكتوريا» تشكل العنصر الأساسي لسيارات التاكسي وسيارات الشرطة، وتشبه إلى حد بعيد سيارة «لينكولن تاون» المفضلة للأثرياء العاملين في وول ستريت («نيويورك تايمز»)
TT

تحولت هاتان السيارتان اللتان تتميزان بالقوة والسعة الداخلية، إلى إحدى أهم سمات شوارع مدينة نيويورك المزدحمة، حيث تشكل سيارة «فورد» (كراون فيكتوريا) العنصر الأساسي لسيارات التاكسي وسيارات الشرطة، وتشبه إلى حد بعيد سيارة «لينكولن تاون» المفضلة للأثرياء العاملين في وول ستريت لتقلهم لقضاء السهرات.

لكن خلال أقل من عام، سيمضي كلا النموذجين إلى حيث مضت سيارات «تشيكر»، حيث تنوي شركة «فورد» إغلاق مصنعها في كندا الذي يصنع السيارات وستتوقف عن إنتاج الهيكل الضخم الذي يميز هذه السيارات.

هذا يعني نهاية السيارات التي تمثل المشهد الكامل لحياة نيويورك من السيارات التي تسير في بارك أفنيو إلى المشهد الكلي للسيارة الصفراء والتوازن لحياة المدينة المتنوعة.

ويقول ديفيد ياسكي، مفوض سيارات أجرة المدينة: «هذه السيارات هي واجهة التجارب اليومية للأفراد، ومهما كانت نوعية السيارات التي ستحل محلها سيكون لها تأثير ملموس وحقيقي على جمالية المدينة».

سيكون على الركاب الاستعداد لرحلة أكثر وعورة ومكان أكثر ضيقا، ولينسوا السيارة الفسيحة ذات الأبواب الكبيرة فالنماذج القديمة من السيارة كانت تستعمل محركا هجينيا أصغر ومقاعد خلفية ضيقة، وهياكل غير قوية.

أصاب التوقف المرتقب صناعة سيارات الأجرة بحالة من الارتباك وتقوم مفوضية سيارات الأجرة والليموزين بإقامة مسابقة لتصميم سيارة أجرة لتحل محل سيارات أجرة المدينة «كراون فيكتوريا» الصفراء البالغ عددها 8,200 وستفقد إدارة الشرطة أسرع سيارات «سيدان» اعتمدت عليها منذ عام 1992 ويجب أن تحل صناعة السيارة السوداء محل 75 في المائة من أسطولها.

التنبؤات بتوقف هذه السيارات كانت تتردد منذ فترة، إذ يترقب الكثيرون وفاة هذه السيارات منذ عام 2006 عندما نقلت فورد مصنعها من ميتشغان إلى أونتاريو الكندية. لكن الإصلاح التنظيمي الواسع والمشكلات المالية التي تواجه الصناعة تعني نهاية الرحلة بالنسبة لهذه السيارات.

تقول الشركة إنها خلصت إلى أن مبيعاتها ستنخفض خلال السنوات القادمة، حيث بدأت المزيد من الولايات تطلب من إدارات الشرطة وشركات التاكسي الالتزام بالمعايير البيئية وهو عقبة كبيرة بالنسبة لسيارات تسرف في استخدام البنزين مثل «كراون فايس» و«تاون مار»، التي تستهلك غالونا لكل 16 ميلا في المدينة.

وقد لعبت أذواق المستهلكين أيضا دورا في توقف السيارات، فهذه النماذج تسوق بصورة جيدة في الأساطيل التجارية لكن المستهلكين يميلون إلى السيارات «السيدان» الأصغر حجما، الاستثناء الوحيد هو سوق المتقاعدين في فلوريدا المغرمة بسيارات «تاون كار» (كراون فايس تباع فقط للعملاء التجاريين).

وبعبارة أخرى، تمكنت السيارات الهجينة الأكثر صداقة للبيئة من الفوز في السباق ويقول روب ستيفنز، كبير المهندسين في شركة «فورد» للسيارات التجارية في مقابلة معه: «نحن بحاجة إلى الانتقال إلى إنتاج متطور وأكثر رواجا».

لكن بعض السائقين ومالكي هذه السيارات يرون أن سيارات «كار تاون» و«كراون فايس» جيدة إلى حد بعيد وتناسب عملهم في نقل مختلف سكان المدينة بدءا مصرفيي وول ستريت إلى المجرمين المكبلين بالأصفاد في مؤخرة عربات الشرطة.

ويقول جون أسيرنو، رئيس شركة «أكزكيوتف ترانسبورتيشن غروب» عن سيارات «تاون كار» التي تشكل 80 في المائة من أسطول شركته: «إنها واسعة وآمنة ويسهل إصلاحها. وعندما تفكر في سيارة سوداء أو سيارة ليموزين، سيتجه بصرك إلى هذه السيارات. فإذا ما وجدت سيارة أمام المبنى الذي تقطن فيه فستعلم أن هذه السيارة في انتظار شخص ما».

توفر السيارة قيادة آمنة والفضل في ذلك يرجع إلى نظام التعليق الجيد، وجسم السيارة المصنوع من الصلب الموجود في كلا النموذجين. والمقاعد الجلدية الخلفية في كراون فايس تشبه أريكة على عجل.

بدأت علميات الإحلال تدخل إلى أساطيل السيارات في المدينة، لكن بعض مالكي سيارات الأجرة لم يبدوا سعادة بذلك.

من جانبه، قال رونالد شيرمان، رئيس «متروبوليتان تاكسيكاب بورد أوف تريد»، التي تمثل 28 شركة كبيرة مالكة للأساطيل، إنه عاين عملاء يتجاهلون سيارات الأجرة طراز «شيفروليه ماليبو» و«فورد إسكيب»، مفضلين عليها الانتظار لفترة أطول من أجل ركوب «كراون فيك» الأكثر رحابة. وأضاف شيرمان أن «هذه السيارات شديدة الصغر سخيفة، حيث يصعب على الركاب الدخول فيها»، مؤكدا أن ضآلة حجم المقعد الخلفي وانخفاض سقف السيارة جعل السيارات العاملة بالوقود المختلط غير مريحة وربما خطيرة بالنسبة للركاب.

وأعرب كيفين هيلي، مالك آخر لأسطول من سيارات الأجرة، عن اتفاقه مع الرأي السابق. وقال عن «فولكس فاغن جيتا»، واحدة من سيارات الأجرة البديلة: «أعجز عن دخول هذه السيارة فعليا. وأحتاج إلى طبيب للخروج منها».

ورغم هذه الاعتراضات، تبدي حكومة مدينة نيويورك عزمها على تحويل أساطيل سيارات الأجرة لديها إلى سيارات صديقة للبيئة. ويتوافر لدى عمدة المدينة تفويض بالتخلص من السيارات القديمة الضخمة التي تستهلك الوقود بصورة مفرطة، ويستخدم مفوضو حكومة المدينة حاليا سيارات تعمل بالوقود المختلط وقلصت الشرطة من سياراتها من طراز «فورد كراون فيكتوريا» إلى 1.400 سيارة اليوم، بدلا من 1.800 عام 2006.

كما ترغب المدينة أيضا في إقرار معايير معينة لمستوى الانبعاثات الكربونية المسموح بها من سيارات الأجرة. وقد أيدت الهيئة القضائية تطبيق هذه المعايير، لكن أصحاب أساطيل سيارات الأجرة سارعوا باتخاذ إجراءات استباقية للتكيف مع الوضع الجديد. ما تزال «فورد كراون فيكتوريا» تشكل قرابة 60 في المائة من سيارات الأجرة الصفراء، لكن وجودها الوفير هددته أعداد متزايدة من «فورد إسكيب» (2.637 سيارة أجرة) وسيارات «تويوتا سينا» الصغيرة (1.381).

وتبقى سيارة «لينكولن تاون كار» واحدة من المشاهد المألوفة في «بارك أفنيو» وخارج المقار الرئاسية للشركات الكبرى بالمدينة. بيد أن هناك مؤشرات على تبدل أذواق العملاء أيضا.

على سبيل المثال، كان نصف السيارات الموقفة خارج «لينكولن سنتر» في مساء أحد الأيام القريبة فقط من «لينكولن تاون». بدلا من ذلك، تحول العملاء الميسورون إلى اقتناء «كاديلاك» و«مرسيدس بنز» و«بي إم دبليو».

وحمل صباح الأربعاء مشهدا مشابها في «لويز ريجينسي هوتيل» في «بارك أفنيو» وشارع 62، حيث اختار الأثرياء «فورد إكسبيديشنز» و«ليكزس» و«تويوتا كامري» العاملة بالوقود المختلط.

من ناحية أخرى وعلى مدار الأعوام الـ35 التي قاد خلالها سيارته الخاصة داخل المدينة كسائق خصوصي، استخدم زيغي كينغستون سيارة «لينكولن»، لكنه تحول أخيرا إلى «بريوس»، مشيرا إلى أن عملاءه، الذي يضمون المايسترو راشيل راي والممثلة سارة جيسيكا باركر، غالبا ما يفضلون السيارات العاملة بالوقود المختلط.

وفسر ذلك بقوله: «إنه يعطي انطباعا جيدا عنهم». ومشيرا بيديه نحو «تاون كار» القريبة، أضاف كينغستون: «كانت تلك هي السيارة المرغوبة عندما لم يكن هناك من يعبأ بأمر التلوث ولم يكن العمدة مهتما بالأمر». واستطرد بأنه الآن «بات لزاما عليك الاستعانة بما يخدم البيئة».

من ناحيتهم، يبدو أصحاب أساطيل سيارات الأجرة غير واثقين من الطراز الذي سيحل محل «تاون كار»، رغم أن «لينكولن» أنتجت العديد من الطرز الجديدة المخصصة لأغراض الأجرة. لكن لا يتميز أي منها بحجم «ياو مينغ».

سعيا للحفاظ على سوق سيارات الأجرة، عرضت «فورد» نسخة مخصصة لخدمة العملاء من شاحنة «ترانزيت كونيكت» التي تشبه في تصميمها سيارات الأجرة المستخدمة في لندن. تستهلك الشاحنة غالون لقطع مسافة 22 ميلا داخل المدينة، ومجهزة بنوافذ كبيرة تسمح بمطالعة المناظر الخارجية. وقد جرى عرض تصميمات أكثر راديكالية على اللجنة المعنية بشؤون سيارات الأجرة والتي عرضت تصميمات جديدة تماما، وليس تعديلات لسيارات قائمة بالفعل. أما الفائز الذي لن يعلن عن اسمه قبل شهور، فسوف يتمتع بحق حصري لبناء أسطول سيارات الأجرة على مدار عقد.

من ناحيته، قال شيرمان، الذي يملك أسطول سيارات أجرة خاصا به، إن احتياجاته، وكذلك احتياجات الركاب بسيطة: «إن ما يبحث عنه الناس في سيارة الأجرة هو التوصيل الآمن من البداية للنهاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»