«دبلوم دراسات المرأة»: شهادة جديدة في لائحة تخصصات جامعة بيروت العربية

TT

في عصر تتفاقم فيه القضايا الاجتماعية، وفي بلد تطبع مجتمعه صفة الانفتاح والتطور رغم ما يعتريه من ثغرات قانونية تمس حقوق المرأة اللبنانية التي استطاعت أن تثبت بجدارة قدرتها على الوصول إلى أعلى الدرجات، اختارت الجامعة العربية في بيروت أن تطلق شهادة خاصة بها تحمل عنوان «دبلوم دراسات المرأة». هذا العنوان الكبير يحمل في طياته عناوين متعددة وشاملة هي في أحيان كثيرة غائبة عن أذهان كثيرين ممن هم في صلب العمل الاجتماعي والمجتمع المدني، فكيف الحال بالنسبة إلى من هم لا يزالون بعيدين عن متطلبات هذه المرأة وحقوقها وكذلك واجباتها بما فيهم المرأة نفسها؟

أمام هذا الواقع، وفي خطوة متقدّمة هي الأولى من نوعها في العالم العربي، أطلقت كلية الآداب في جامعة بيروت العربية «دبلوم دراسات المرأة»، مفسحة المجال أمام كل من يهتم، رجلا كان أو امرأة، بالتعرف على كل ما يمكن أن يدور في فلك حياة المرأة الاجتماعية والبيولوجية والقانونية، وصولا إلى كل ما يتصل بها من قضايا عامة.

وفي تعريفها لهذا الدبلوم، تقول عميدة كلية الآداب بجامعة بيروت العربية الأستاذة الدكتورة ميساء النيال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أسباب إطلاق هذا المشروع تأتي بناء على إدراك الجامعة وأساتذة الكلية أن هناك ضرورة ملحة لتدريب المهتمين في مجال قضايا المرأة، لا سيما أن المجتمع اللبناني يزخر بالجمعيات الأهلية التي تعمل لهذا الهدف، لكن قد تنقص في أحيان كثيرة العاملين بها ثقافة شاملة عن هذه القضايا وأبعادها الاجتماعية والقانونية، إضافة إلى ما يطرأ على المجتمعات العربية من تغيرات في التركيبة السكانية، حيث صارت المرأة تحتل نسبة عالية منها، وضرورة وعي المجتمع لها». وعما إذا كانت هذه الخطوة تصب في خانة المطالبة بالمساواة، تقول النيال «هدفنا ليس المطالبة بمساواة المرأة مع الرجل، وهذا ليس دورنا، لا سيما أن هذه المساواة موجودة في نواح كثيرة من دون إغفال الجوانب والاختلافات البيولوجية التي تحول دون القدرة على الوصول إلى مساواة شاملة. وبالتالي فإن (دبلوم المرأة) الموجود في دول متقدمة أخرى مع اختلاف في طبيعة بعض البرامج والمواد المعتمدة لدينا والتي وضعت بالتعاون مع شخصيات لها تاريخ في العمل في المجتمع المدني، لا يختلف عن أي دبلوم أكاديمي آخر إلا من ناحية تخصصه في مجال قضايا المرأة».

وبالتالي فإنه، إضافة إلى علمي الاجتماع والنفس اللذين يأخذان حيزا مهما من المواد التي تدرس في «دبلوم المرأة»، تدخل في البرنامج الذي يمتد على سنة دراسية كاملة مواد أخرى يدرسها متخصصون وأهمها، ثقافة الجندر، والعلوم القانونية والقضايا الحديثة التي تواجهها النساء مثل الاتجار بالمرأة وغيرها، والصحة العامة للمرأة، والصحة الإنجابية، والتغيرات البيولوجية والفيسيولوجية وما يرافقها من تغيرات مزاجية وسلوكية، والمرأة في التاريخ وأهم إنجازاتها. كما تشير النيال إلى أن هذا الدبلوم يشمل الجانب النظري والجانب التطبيقي للمواد على حد سواء، فإن لمنهجية البحث العلمي حصة في هذا البرنامج كي يتسنى للمنتسبين إليه مقاربة الواقع عن قرب وليس فقط الاكتفاء بالنظريات.

ورغم أن «دبلوم دراسات المرأة» يحمل اسم المرأة، فإن النيال تؤكد أن ذلك لا يعني توجيهه إلى النساء فقط، بل إن مضمونه وأهدافه تهم كل الفئات، لا سيما أولئك الذين يعملون في المجتمع المدني، والدليل على ذلك أنه وبعد أقل من شهر من إطلاقه لاقى صدى إيجابيا من هؤلاء من مناطق لبنانية عدة، لا سيما أنه يؤهل من يجتازه للعمل في مراكز الإرشاد والتوجيه النفسي والاجتماعي والصحي ومنظمات حقوق المرأة والاستشارات القانونية ومراكز دراسات المرأة. وتلفت إلى أنه يتم العمل على إفساح المجال أمام المهتمين في المناطق اللبنانية من خارج بيروت لتلقي المحاضرات عبر شبكة الإنترنت، وذلك تطبيقا لمبدأ الدراسة عن بعد، مع العلم بأنه لن تكون هذه الشهادة صعبة المنال بالنسبة إلى كل الفئات الاجتماعية نظرا إلى كلفتها المنخفضة مقارنة مع أي اختصاص آخر.

وكانت النائبة اللبنانية بهية الحريري قد أعلنت في احتفال إطلاق «دبلوم دراسات المرأة» أنها ستكون الطالبة الأولى فيه، وتمنت أن تساعدها الظروف لتكون في الدفعة الأولى من خريجيه.

ومن جهته، قال رئيس الجامعة العربية في لبنان الدكتور عمرو جلال العدوي «بعيدا عن الشعارات الرنانة التي استنفدت غاياتها، بات لزاما علينا أن نفكر في قضايا المرأة بطريقة علمية، وأن نسعى إلى إيجاد الحلول الأكاديمية لها. لذا فإن مبادرة جامعة بيروت العربية اليوم هي استحداث دبلوم جديد في كليـة الآداب تحت اسم (دبلوم في دراسات المرأة)، المرأة التي هي نصف المجتمع، ويقع على عاتقها بناء المجتمع كله». وأوضح أنه سيكون من أولويات دور الدبلوم تعزيز الثقافة الخاصة بالمرأة لتتمكن من ممارسة دورها الفعال في الحياة العامة.