مختصون: معرض «روائع الآثار السعودية» بـ«اللوفر» سيكون له دور مهم في إبراز البعد التاريخي والحضاري للمملكة

اعتبروا الخطوة ضرورية للتعريف بكنوز المملكة من الآثار

من القطع المعروضة إفريز ملون عليه رسوم آدمية ونباتية عثر عليه في قرية الفاو
TT

أكد عدد من أساتذة وعلماء الآثار على الأهمية البالغة لمعرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي ينظمه متحف اللوفر بباريس (المقرر افتتاحه في 30 رجب 1431هـ، الموافق 12 يوليو/تموز 2010م)، ودوره في إبراز البعد التاريخي والحضاري للمملكة وتعريف العالم بالآثار السعودية وما تزخر به المملكة من إرث كبير قامت عليه ثقافتها التي أسهمت في التاريخ البشري.

وأشاروا إلى أن إقامة هذا المعرض في أشهر متاحف العالم وفي وقت ذروة عدد زواره ستسهم بشكل بارز في إعطاء الصورة الحقيقية لمكانة المملكة التاريخية وقيمة ما تزخر به من مواقع أثرية، بالإضافة إلى إسهاماتها الحضارية والإنسانية.

ولفت عضو هيئة التدريس بكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود، عضو اللجنة الاستشارية للآثار، الأستاذ الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي إلى أن أهمية هذا المعرض تتأتي من أن كثيرين لا يعرفون أن الاستيطان البشري بدأ في المملكة قبل أكثر من مليون سنة، وأنها تضم من المواقع التاريخية والمعطيات الأثرية وتنوعها وامتدادها على مختلف الحقب التاريخية ما لا يتوافر لكثير من بلدان العالم، وهو ما سيبرزه هذا المعرض ودوره في التعريف بالمملكة.

وطالب بأن تتبع هذه الخطوة (إقامة المعرض في اللوفر) خطوات مماثلة بإقامته في مختلف دول العالم وفي المتاحف العالمية الأخرى كالمتحف البريطاني بلندن ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الهرميتاج بموسكو وغيرها، وهو تقليد صار عالميا، نظرا لما لهذه المعارض من أهداف بعيدة المدى في التعريف بمنجزات البلدان التي تقيمها وما حققته البشرية على ترابها من تقدم حضاري وإنساني مميز، متوقعا أن يغير هذا المعرض من نظرة الكثير من السياح الزائرين لفرنسا إلى المملكة، لقيمة المعروضات المعروضة، مما سيغرس أطيب الأثر في نفوسهم تجاه المملكة وحضارتها وتاريخها.

من جهة أخرى، ارتأى عضو اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري أن هذا المعرض يمثل خطوة فعالة توضح للعالم أهمية التبادل الحضاري بين الجزيرة العربية والعالم القديم منذ آلاف السنين، وأماكن التراث العمراني بالمملكة وما تزخر به من إرث حضاري. وأكد أن هذه الخطوة كانت ضرورية مع ما تتبوأه المملكة اليوم من مكانة دولية وحضارية توجب على أهلها التعريف بما تحويه من كنوز تمتد إلى عصور سحيقة، قائلا «أغلب الظن أن يشهد هذا المعرض إقبالا هائلا لحرص فئات المجتمع الدولي على التعرف على المملكة بصورة اشمل وأوضح». وفيما يخص اختيار متحف اللوفر، قال الدكتور الأنصاري «لا يخفى علينا ما يحظى به اللوفر من مكانة وأهمية عالمية، إذ يعد من أعرق المتاحف في العالم وأقدمها، مما سيوفر مكانا مناسبا لما تسعى إليه هيئة السياحة من التعريف بآثارنا»، مشددا على أن هذا المتحف هو أحد دلائل النهضة المتنوعة التي تحياها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بالتواصل بين الحضارات والثقافات المختلفة بين أمم وشعوب العالم.

في المقابل، أوضح مدير عام مركز الأبحاث والتنقيبات الأثرية في الهيئة العامة للسياحة والآثار، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، وأستاذ الآثار والتاريخ القديم في جامعة الملك سعود، الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن جار الله الغزي، أن المعرض يشمل عددا كبيرا من القطع الأثرية الأصلية التي اكتشفت من خلال العمل الأثري الميداني المنظم في مواقع تنتشر في أرجاء المملكة العربية السعودية وتمثل فترات زمنية مختلفة، تبدأ بالعصور الحجرية الموغلة في القدم وتستمر حتى يومنا الحاضر، كما تتنوع هذه المعروضات لتشمل مناشط حياة الإنسان جميعها مثل الأدوات الحجرية، والفنون، والنسيج، والفخار، والكتابات، والمسارج، والمجامر، والمصنوعات المعدنية، وأدوات الزينة، والأحجار الكريمة، والمشغولات الذهبية، والنصوص المكتوبة، والأسلحة المعدنية، وغيرها من القطع، لافتا إلى أن العدد الكبير للقطع الأثرية المعروضة والذي يزيد على أربعمائة وخمسين قطعة، يكفي لإقامة متحف مستقل.

وثمن الدكتور الغزي اختيار «اللوفر» دون غيره لإبراز الوجه الحضاري للمملكة، قائلا «اختيار (اللوفر) اختيار في غاية الذكاء والوعي والإدراك للنظرة المستقبلية، فهو أشهر متحف في العالم في الوقت الحالي، كما أنه مقترن بأحد أشهر ملوك فرنسا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، ويقع في قلب عاصمة من أرقى العواصم الثقافية الأوروبية وأشهرها، وموطن فلسفة غيرت في حياة إنسان العصر الحديث، وبهذه الدلائل بكل تأكيد نقول إن اختيار اللوفر لإقامة المعرض عمل رجل على معرفة وعلم واطلاع بحاجات الأمر، وقادر على تصور ناتج العمل، وصاحب نظرة مستقبلية ثاقبة».