«What’s Up» أول مجلة «فرانكو أراب» في مصر

توزع مجانا وهدفها جذب الشباب للقراءة

TT

بعد فترة من سيادة لغة هجين امتزجت فيها الفصحى والعامية مع بعض الألفاظ والتحويرات المشتقة من لغة أجنبية مثل «هنفول» للدلالة على ملء السيارة بالوقود، أو«هنتكس» للدلالة على استقلال عربة أجرة، و«روش» و«روشنة» و«روش طحن» وغيرها من الألفاظ التي صارت علامة على الجرأة والمغامرة ومجاراة إيقاع العصر - أصبحت «الفرانكو أراب» لغة أغلب الشباب المصري الآن، يستخدمونها في كتاباتهم على رسائل المحمول والبريد الإلكتروني وغرف المحادثة وعلى الموقع الاجتماعي الشهير «فيس بوك»، حيث يقومون بكتابة اللغة العربية بحروف إنجليزية، ويتم تعويض الحروف غير الموجودة في اللغة الإنجليزية بالأرقام، مثل حرف (ع) يكتب (3) وحرف (ح) يكتب (7) وهكذا.. وعلى الرغم من الانتقادات المتعددة الموجهة لهذه اللغة، فإن استخدامها في تزايد من قبل الشباب، ولم تعد مقتصرة على الإنترنت فقط، وإنما بدأت تقتحم الصحافة المطبوعة.

«What’s Up» مجلة شبابية ربع سنوية تصدر بلغة «الفرانكو أراب»، هي الأولى من نوعها في مصر، عن فكرة المجلة يقول عمرو منتصر، رئيس مجلس إدارة المجلة، وهو شاب مصري يبلغ من العمر 26 عامًا، «منذ أن كنت طالبًا في كلية الحقوق جامعة عين شمس وأنا أشعر بوجود مشكلات تواجهنا كشباب، ولا نعرف كيفية التعامل معها بطريقة صحيحة، وبحكم أن الشباب جيل متمرد فهو يرفض النصيحة من الكبار ولا يقتنع بها، ففكرت في عمل شيء أستطيع من خلاله التعبير عن مشكلاتنا وأحلامنا والطريقة المثلى للتعامل معها، وبعيدة كل البعد عن أسلوب الأوامر أو النصائح، في البداية أصدرت موقعًا إلكترونيًّا على الإنترنت، ولكنه لم يظهر بالصورة التي حلمت بها، ففكرت في إصدار مجلة، وبالفعل اتبعت الإجراءات المطلوبة وأصدرت المجلة».

المشكلة التي كانت تؤرق عمرو هي شكل المجلة، وكيف سيجذب الشباب لقراءتها، فيقول: «أعلم أن غالبية الشباب لا يحبون قراءة المجلات العربية، ويعتقدون أنها لا تعبر عنهم، ففكرت في كيفية جذبهم لقراءة مجلة باللغة العربية، وقررت استخدام لغة (الفرانكو أراب) في العناوين الرئيسية والثانوية، أما باقي المجلة فتكتب باللغة العامية، لأنه من الصعب قراءة صفحات كاملة بلغة (الفرانكو أراب)، وبالفعل نجحت في اجتذاب فئة الشباب الرافضة للقراءة باللغة العربية، لأنني استخدمت اللغة نفسها التي يتحدثون بها في حياتهم اليومية، وقمت بتقديم المعلومات الصحيحة لهم والنصيحة المفيدة بشكل غير مباشر من خلال الموضوعات التي تناقشها المجلة».

صدر العدد الأول للمجلة منذ ثلاث سنوات، ولاقت نجاحًا كبيرًا من قبل الشباب، وهي ربع سنوية وتوزع مجانًا، وعن السبب في ذلك أوضح عمرو أنه لا يهدف إلى الربح المادي بشكل أساسي، بل يهدف إلى أن تصل فكرته لأكبر عدد ممكن من الشباب، وتوزع المجلة في الجامعات والنوادي والكافيهات والشواطئ، وأنه يستهدف فئة الشباب من الطبقة الراقية، ولكن يعمل على أن تصل المجلة لأكبر عدد من الشباب في الفترة القادمة.

يضيف عمرو منتصر: «المجلة تناقش كل ما يهم الشباب في مصر في مجالات السياسة وكرة القدم والعلاقة مع الجنس الآخر، فهي تقدم كل ما يهم الشباب بشكل عام، ومن الموضوعات المهمة التي ناقشناها (جيلنا مقاطع الحكومة)، (بتعمل إيه في حياتك؟). ومن أكثر الموضوعات التي أثارت ردود فعل كبيرة موضوع (أصاحبها آه.. أتجوزها لأ)».

اختيار اسم المجلة كان من أكثر التحديات التي واجهت القائمين عليها، وكما يقول عمرو: «إذا اخترت اسما عربيا للمجلة، فالشباب سيعتقدون أنها تشبه المجلات العربية الأخرى، ففكرت في اختيار اسم غير تقليدي وغريب، وبالفعل اخترت اسم «What’s Up» لأنها من أكثر الكلمات الدارجة في حديث الشباب، فأول كلمة يقولونها في بداية أي حوار (ما الجديد؟) وهو ما نقدمه، فالمجلة تقدم كل ما هو جديد بالنسبة إلى الشباب».

ويعترف عمرو بأن لغة المجلة قوبلت بهجوم شديد من البعض، خوفًا من ترسيخ لغة «الفرانكو أراب» عند الشباب، مما يهدد اللغة العربية بالانهيار، ولكنه يؤكد أن اللغة العربية محفوظة، فهي لغة القرآن، ويضيف: «أنا لا أقلل من اللغة العربية عن طريق المجلة، ولكنني على يقين بأن الشباب لا يقرءون المجلات العربية، فبحثت عن وسيلة لجذبهم للقراءة بالعربية».

وعن طموحاته وخططه المستقبلية، يقول عمرو: «أسعى للقيام بمشروع يجمع عليه الشباب، وأستغل طاقتهم في عمل مفيد، بدلا من تضييع الوقت، ولكن ملامح هذا المشروع لم تتحدد بعد، فقد يكون جمعية خيرية، لها هدف محدد مثل المشاركة السياسية، أو اقتحام مجالات العمل الاجتماعي بشكل جديد وغير مسبوق، والكشف عن قضايا شائكة ومهمشة.. كل هذا وغيره وارد، لكني لم أقرر بشكل نهائي».