«إكسبو شانغهاي 2010» بوابة إلى مئات الثقافات

الأكبر في تاريخه من حيث الحجم والإقبال

جناح بريطانيا («الشرق الاوسط»)
TT

معارض «إكسبو» تعد على مدار تاريخ انعقادها من الفرص الفريدة للتعرف على شعوب وثقافات لبلاد متعددة قد لا تتاح للإنسان زيارتها خلال فترة حياته. ومعرض «إكسبو شانغهاي 2010» المقام هذا العام في الصين يحتوي في أرجائه على نحو 240 جناحا تضم الكثير من الثقافات، وهو فرصة نادرة لملايين من الصينيين الذين سوف تتاح لهم زيارته خلال أشهر انعقاده الستة، فهو الأضخم من حيث الحجم والإقبال الجماهيري بين جميع معارض «إكسبو» التي بدأت في الانعقاد منذ القرن السابع عشر.

وتنقسم أجنحة الدول المشاركة في معرض «إكسبو شانغهاي» داخل مساحات حسب القارات التي تضم تلك الدول. وما إن تفتح أبواب المعرض في التاسعة صباحا حتى ينطلق طوفان بشري يركض نحو الأجنحة المشاركة للوصول مبكرا، وبالتالي تقليص مدة الانتظار. معظم الأجنحة يتضمن مزيجا لمقتنيات فنية وأثرية، إضافة إلى عروض بصرية وسينمائية تعتمد بشكل كبير على تقنيات عرض فائقة التطور.

* خليط التراث والتكنولوجيا

* الجناح الصيني على سبيل المثال، وهو الجناح الأكبر في المعرض، يستخدم للتعريف بحقبة مهمة في تاريخه لوحة فنية مذهلة تجمع بين فكرة التراث والتكنولوجيا معا. فاللوحة الأثرية التي رسمها زانغ زيدوان قبل ألف سنة، وتسمى «على النهر في احتفال كوينغ مينغ»، وتعد كنزا قوميا يحتفظ به متحف بيجينغ لأنه قمة الأعمال الفنية الصينية، قد تم التعامل معها تكنولوجيّا لأجل الجناح الصيني في «إكسبو». فقد تم إعادة صناعة اللوحة بحجم يبلغ ثلاثين ضعف الحجم الأصلي، لتقف على ارتفاع 6.3 متر وطول 130 مترا، وعبر التكنولوجيا الحديثة تم إدخال الحياة إلى هذا العمل الفني الرائع بحيث إن كل الشخصيات والقوارب والعربات بداخله تتحرك.

وتضم اللوحة 814 شخصا و28 قاربا و60 حيوانا وطائرا و20 مركبة. كما أن الأضواء الموجودة في اللوحة تتبدل لتظهر مختلف المناظر الخلابة في اللوحة، والتي تعبر عن احتفالات فئات الشعب المتعددة على النهر خلال الليل والنهار. ويعرض الجناح الصيني كذلك لأول مرة خارج مقره الأصلي مجسم الأحصنة الأربعة البرونزي مع الإمبراطور بينغ ما يونغ، الذي صنع قبل ألفي سنة وجيء به من متحف جيش التيراكوتا.

* التجارب السينمائية

* الجناح السعودي، وهو ثاني الأجنحة من حيث الإقبال الجماهيري بعد الجناح الصيني، يهدف إلى التعريف بالمملكة عن طريق تجربة سينمائية جديدة تقنيا، حيث يقوم بعرض محتواها 25 جهاز عرض في وقت واحد على شاشة عملاقة تبلغ مساحتها 1600 متر مربع تحيط بزائري الصالة من جميع الجهات وتنقلهم عبر صور بالغة التطور التقني خلال 12 دقيقة بين أرجاء متعددة من المملكة العربية السعودية، بالوقوف على سير متحرك يعطيهم شعورا بالتحليق على متن ما يطلق عليه الجناح «سفينة النور».

كما أن هناك تجربة سينمائية أيضا لدى الجناح السويسري تطوف بزائريه فوق جبال الألب السياحية قبل أن يقدم لهم الجناح فرصة للصعود على متن المصاعد الجبلية التي تنقل المتزلجين عادة إلى قمة الجبل. الجناح الأميركي والإماراتي والكندي والكازاخستاني كذلك، كلهم يعبرون عن أفكارهم وثقافتهم وينقلونها إلى زائريهم عبر الصور المتحركة والأفلام السينمائية. أما الجناح الإسباني فيضيف إلى التجربة السينمائية عرضا حيا مدته 30 ثانية لرقصة فلامنكو تتداخل مع العرض السينمائي.

* تفاوت الموارد والتصاميم

* الجناح البريطاني تميز بشكل خارجي مثير للغاية معماريا، وقد يكون الأكثر جاذبية فنيا أيضا بين كل أجنحة «إكسبو»، بينما عرض الجناح الإيطالي منتجاته من سيارات وألبسة، ونسخ عن بعض التماثيل والمباني المشهورة به. أما المعرض الفرنسي، إضافة إلى المنتجات، فتوجد به سبعة أعمال فنية، وهي لوحات تعرض للمرة الأولى، منها عمل بو شيزان وهو «المرأة وإبريق القهوة»، وعمل لفان جوخ هو «قاعة الرقص في آرليس»، وعمل لمونيه هو «الشرفة».

كما يحتوي معرض «إكسبو شانغهاي 2010» أيضا على أجنحة أصغر حجما تتشارك تحت سقف واحد. ففي الساحة الآسيوية توجد أجنحة أبقت على الإطار التقليدي، وأخرى طغت عليها سمة بيع منتجاتها التقليدية من مفارش وخناجر ومصنوعات فضية تعرف الزائرين من خلالها على طبيعة البلد.

* اجتذاب الزوار بطرق مبتكرة

* هناك أجنحة أخرى تحاول زيادة الإقبال عليها واجتذاب المزيد من الزوار، وبالتالي تستخدم وسائل تتعدى الهدايا الرمزية لجذب الزائرين. الجناح القطري مثلا يقوم برسم الحناء على أيدي زائريه من النساء، بينما يقدم الجناح التايلندي 15 دقيقة من «المساج»، ويقدم الجناح البلجيكي فرصة للحصول على ماسة حقيقية.

وفي الساحة الأفريقية هناك الجناح المصري الذي توجد به بعض الآثار الفرعونية، ولكنّ كثيرا من الأجنحة الأفريقية الأخرى كانت صغيرة للغاية وتقع تحت سقف واحد يضمها جميعا، عدا نيجيريا وجنوب أفريقيا وأنغولا ودول شمال أفريقيا العربية.

أما الأجنحة في ساحة أميركا الجنوبية فهي تتميز بمطاعمها التي تقدم المأكولات اللاتينية المتنوعة، ولكنها عادة أجنحة صغيرة عدا جناحي الأرجنتين والبرازيل، تبحث عن زوار لتسويق فرص استثمارية أو سياحية. جناح تشيلي قدم عملا متميزا، فتقع تشيلي جغرافيا في مكان مقابل تماما للصين من الجهة الأخرى للكرة الأرضية، ولذلك فإن الجناح خرج بفكرة نفق افتراضي يصل بين البلدين عبر كاميرات عرض وشاشات استقبال بحيث يمكن من خلال هذه الحفرة التواصل بين زائري الجناح وبين سكان في تشيلي.

* تأشيرات للخروج

* شيء آخر يتسابق عليه الزوار في معرض «إكسبو شانغهاي 2010» هو أختام جوازات «إكسبو». فمئات الألوف الذين يدخلون يوميا إلى معرض «إكسبو» لزيارة الأجنحة الموجودة هناك يحملون دفاتر جوازات الإكسبو هذه، وهي جوازات سفر تذكارية يصدرها منظمو معرض «إكسبو» وتباع للزوار حتى يتم ختمها من قبل الأجنحة التي يزورونها، وكأنها تأشيرة لدخوله ليحتفظون بها ذكرى للمعرض. وتبلغ عدد صفحات الجواز 48 صفحة تضم صفحات لأجنحة محددة مثل المملكة العربية السعودية والصين وأستراليا وبلجيكا وكندا والبرازيل ونيبال وغيرها، ويختم البقية على صفحات لأجنحة مشتركة.