معرض «آثار المملكة» في اللوفر سفير متجول يعرف بالحضارة العربية

السفير السعودي في باريس: فكرة المعرض بدأت مع زيارة جاك شيراك للسعودية في عام 2006

السفير آل الشيخ وبعض القطع التي يضمها معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية»
TT

تنتظر باريس هذه الأيام، وكذلك عشاق التاريخ بكل فروعه، والخبراء في مجالات التاريخ والحضارة الإنسانية والديانات، والمتخصصون في دراسات الحضارة الإسلامية، كل هؤلاء ينتظرون المعرض الأول الذي يقيمه متحف اللوفر الباريسي ما بين 12 يوليو (تموز) و27 سبتمبر (أيلول) تحت عنوان «روائع آثار المملكة العربية السعودية».

المعرض يضم قطعا تعرض للمرة الأولى خارج المملكة العربية السعودية، علما بأن بعض هذه القطع الأثرية كان قد عرض في المتحف الوطني السعودي وبعضها استخرج حديثا من خلال عمليات التنقيب المستمرة بفضل جهود الهيئة العليا للسياحة والآثار والدأب الشخصي للأمير سلطان بن سلمان، كما أكد لـ«الشرق الأوسط» سفير السعودية في باريس محمد آل الشيخ.

السفير آل الشيخ كشف لـ«الشرق الأوسط» القصة التي كانت وراء هذا المعرض، حيث أكد أن السبب في إقامته كان زيارة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك للرياض، حيث زار المتحف الوطني السعودي برفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، وفي ذلك الحين تم اقتراح هذا المعرض وقوبل الاقتراح بالحماس والترحيب من قبل الرئيس الفرنسي وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، الذي رحب بالفكرة وساعد على إنجازها. وبدأ العمل فعليا على هذا المعرض في عام 2006.

ويؤكد السفير آل الشيخ، النشط جدا على المستوى الثقافي والعلمي، أن العلاقات بين الدول لا تبنى فقط على السياسة والاقتصاد، على أهمية هذه الجوانب، إنما أيضا على الجانب الثقافي والإنساني والعلمي، حيث «إنها تعطي أبعادا هامة جدا للعلاقات الدبلوماسية لأنها تكون ليست بين دولتين فقط وإنما بين شعبين بينهما علاقات وصلات إنسانية وتاريخية وعلمية وأواصر وروابط أمتن من الموقف السياسي أو حتى من العلاقات الاقتصادية المرهونة بأوقات محددة». لذلك فإن هذا المعرض سيكون «فرصة كبيرة للشعب الفرنسي لكي يتعرف على الحضارة العربية الموجودة في المملكة العربية السعودية».

يقول السفير آل الشيخ إن إدارة متحف اللوفر تتوقع أن يزور هذا المعرض عشرة ملايين شخص، في حين تتوقع المملكة أن يفوق عدد الزوار هذا الرقم لأسباب كثيرة، منها أنه «المعرض الأول على مستوى العالم الذي ينظم عن المملكة والحضارات التي مرت عليها منذ العصر الحجري»، وأيضا «لأن القاعة التي سيعرض فيها داخل اللوفر هي قاعة نابليون الواقعة تحت الهرم الزجاجي مباشرة، أي أنها تقع في المدخل الأساسي للمتحف الذي يعد الأكبر عالميا». ويضيف السفير آل الشيخ أن «المعرض يحتوي على قطع لم تخرج من المملكة طوال تاريخها».

يضم هذا المعرض ثلاثمائة قطعة أثرية تمثل الحقب الحضارية والإنسانية التي وجدت على أرض المملكة، والتي تغطي الفترة التاريخية التي تمتد من العصر الحجري، أي نحو مليون سنة قبل الميلاد، وحتى العصر الحديث، وما بينهما من حقب مثل حقبة العبيد وحقبة الممالك العربية القديمة والمبكرة نحو الألف الخامس قبل الميلاد، والممالك العربية المتأخرة نحو الألف الثاني قبل الميلاد، ثم فترة العصر النبوي وما يليها من فترات مهمة، مثل تكوين الدولة الإسلامية الأموية والعباسية ومن ثم العصر العثماني ثم فترة توحيد المملكة مع المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود.

المعرض بهذا المعنى سيقدم صورة بانورامية شاملة عن تاريخ المملكة، وهو أيضا سيقدم على هامشه مجموعة من الصور للمناظر الطبيعية والكثير من اللوحات التي تنبض الحياة فيها في قلب الصحراء.

وسيتضمن هذا المعرض معرضا آخر مصاحبا له يحكي قصص الرحالة الفرنسيين الذي يمموا وجوههم شطر تلك الأرض منذ القدم وحتى العصر الحالي. أيضا سيتم عرض أفلام عن المملكة، وكذلك ستوزع مئات آلاف المطبوعات حول المملكة ومعظمها تبرز الدور والمكانة التاريخية لهذا البلد.

يشير السفير آل الشيخ إلى أن المعرض لن تكون نهايته في فرنسا، بل قد تشمل «إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا»، الأمر الذي يعني أن هذه القطع «المهمة في دلالتها ووجوديتها لن تعود إلى أرض الوطن الذي خرجت من باطن أرضه قريبا، بل ستتحول إلى سفير متجول يعرف بالحضارة العربية التي تعتبر الجزيرة العربية مهدها ومنبعها الأساسي».