مهرجان قرطاج الدولي يفتتح فعالياته بفيلم «النخيل الجريح»

يتضمن مجموعة مهمة من العروض التونسية والأجنبية

TT

اختارت إدارة مهرجان قرطاج الدولي فيلم «النخيل الجريح» للمخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار لافتتاح الدورة 46 للمهرجان، وهي من المرات القليلة التي تتم فيها برمجة فيلم تونسي لافتتاح تظاهرة ثقافية في حجم مهرجان قرطاج. فيلم «النخيل الجريح» يروي حكاية فتاة تونسية شابة تدعى «شامة» تبحث عن حقيقة ما جرى لوالدها الذي استشهد في حرب بنزرت المعروفة في تونس تحت اسم «حرب الجلاء» التي جرت في 15 أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 1961 ويجمع فيلم «النخيل الجريح» بين الخيال والتاريخ، وذهب بالمتفرج أبعد من المسائل التاريخية ليتسلل إلى جوهر الأفكار والهواجس الإنسانية التي عادة ما تكون أقرب إلى الحقيقة الملموسة والواقع المعاش.

فيلم «النخيل الجريح» قدمه المخرج في عرض خاص بالإعلاميين قبل أيام من انطلاق مهرجان قرطاج، وتدور أحداثه على خلفية حرب بنزرت التي دارت في شهر يوليو (تموز) من سنة 1961 ولكن أحداث الفيلم تتفرع وتتقاطع مع أحداث أخرى يعيشها أبطال الشريط على خلفية حرب أخرى هي حرب الخليج الأولى التي دارت سنة 1991 وتتداخل مع الحرب الأهلية في الجزائر خلال نفس السنة.

المخرج عبد اللطيف بن عمار قال إن من واجبه طرح موضوع الذاكرة «حتى نتجاوز الاغتراب المزمن الذي يعيشه الكثير من العرب في علاقتهم مع التاريخ»... وعن برمجة الفيلم في مهرجان قرطاج قال بن عمار إنه سعيد بذلك وينتظر آراء الجمهور ومواقف النقاد من الفيلم قبل عرضه في قاعات السينما خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، كما ستتم برمجته في مجموعة من القاعات السينمائية الجزائرية.

ويبدأ الفيلم باتصال الفتاة «شامة» بكاتب أراد أن يروي التاريخ على طريقته وهي طريقة روائية فيها الكثير من المغالطة والتزوير، فتتصدى له الفتاة التي قامت بدورها ليلى الواز لتكتشف بعد مكابدة وجهد جهيد أن أحداث بنزرت تخللها العديد من المشاعر والأوضاع المتناقضة، فيها البطولات وفيها أيضا الخيانات والاستخفاف بأرواح البشر والضعفاء، كما هو الشأن في كل حروب البشرية. فيلم «النخيل الجريح» أتى بنظرة مخالفة حول حرب الجلاء التي كانت مدينة بنزرت الفضاء الذي دارت فيه معظم الأحداث، وهي من المرات القليلة التي تذكر فيها حرب الجلاء بنظرة نقدية مختلفة، فالكثير من المؤرخين والكتاب والسينمائيين ذكروها بتمجيد كبير تنقصه الجوانب النقدية، أما المخرج عبد اللطيف بن عمار فقد جمع بين حربين يجمع بينهما المستعمر الذي يود البقاء والاستيلاء على الثروات بالقوة... وقال جوهر الباسطي (شاب تونسي مقيم في بلجيكيا) وهو أحد أبطال الفيلم (يقوم بدور خليل)، إنه قدم الدور دون فلسفة وبكل بساطة وتلقائية... وقال إن الدور تطلب منه الرجوع إلى عديد المراجع التاريخية حول حرب بنزرت...

الفيلم إنتاج مشترك لتونس والجزائر وهو يحمل نظرة نقدية لظاهرة الحرب ولكنه كذلك يكشف عن المآسي والجروح الجسدية والنفسية التي تخلفها تلك الحروب التي عادة ما تكون أحداثها مغلفة بالكثير من البطولات الوهمية.