التلفزيون المصري يحتفل بيوبيله الذهبي تحت شعار «50 سنة تلفزيون»

يبث على قناة خاصة تسجيلات نادرة من تراثه يحيي بها سنواته الـ15 الأولى

مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو»
TT

في إحدى أمسيات عام 1951 أطل لأول مرة في مصر وجه حافظ محمود نقيب الصحافيين آنذاك على الشاشة الصغيرة.. شاشة التلفزيون، كان ذلك بمناسبة الاحتفال بالزواج الثاني للملك فاروق، حيث استأجرت شركة فرنسية سنترال باب اللوق في وسط القاهرة لبث وقائع الاحتفال في أول تجربة لبث تلفزيوني في الوطن العربي.

كانت الشركة الفرنسية لصناعة الراديو والتلفزيون تحاول إقناع الحكومة المصرية بتشييد محطة تلفزيونية بالقاهرة، وروجت لمشروعها الإعلامي الجديد بوضع أجهزة الاستقبال التلفزيونية في بعض الأماكن بالقاهرة.

سبق المشروع الفرنسي بأربع سنوات اعتماد الحكومة المصرية مبلغ 200 ألف جنيه لبناء استوديوهات للإذاعة والتلفزيون، ولكن المشروع تأجل لأسباب غير معروفة.. ما هو معروف أن مشروع إنشاء تلفزيون في البلاد تأجل للمرة الثالثة بسبب العدوان الثلاثي على مصر، وقد كانت نذر هذا العدوان من أهم الأسباب التي دعت القيادة السياسية للثورة إلى الإسراع في خطوات تحقيقه.

كان الصاغ صلاح سالم أول من فكر في إعادة إحياء هذا المشروع وتقدم في عام 1954 بفكرته إلى جمال عبد الناصر، وبدأت الإجراءات العملية بشراء 12 ألف متر في شارع ماسبيرو بكورنيش النيل لإقامة مبنى الإذاعة والتلفزيون.. وبعد ست سنوات خاضت خلالها مصر حربا وانتصرت فيها دبلوماسيا وشعبيا، أقيم التلفزيون المصري الذي يحتفل هذا العام بيوبيله الذهبي.

وبهذه المناسبة تنطلق يوم 21 يوليو (تموز) الحالي، قناة «التلفزيون العربي» لتبث مواد نادرة من التراث التلفزيوني، تحمل عبر الأبيض والأسود تاريخا صاخبا وحيا للسنوات الـ15 الأولى من عمر التلفزيون، لمدة 8 ساعات يوميا، وسيمكن للمشاهد العربي الذي عاصر هذه الحقبة أن يقبض على زمن ربما يواصل فراره في ذاكرته، وأن يتعرف الجيل الجديد على جانب من تاريخه.

وبهذه المناسبة، يصدر التلفزيون المصري كتابا تذكاريا بعنوان «سجل ذهبي للرواد» يضم أهم الأحداث التلفزيونية التي واكبت الخمسين عاما ويسجل إنجازات رواد الإعلام في مصر خلال تلك الفترة، كما تصدر بهذه المناسبة أيضا، ولمدة عام كامل، سلسلة من الإصدارات الثقافية والفكرية لإثراء المكتبة العربية بتاريخ التلفزيون وحاضره وأهم القضايا والظواهر المواكبة له وتراجم لأهم رواد الإعلام المصري.

واختير يوم 21 من يوليو لأنه كان اليوم الأول قبل 50 عاما لأول بث تلفزيوني في الوطن العربي حيث تم افتتاح التلفزيون المصري في تمام الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم، ولمدة خمس ساعات لمواكبة الاحتفال بالعيد الثامن للثورة المصرية. وقد بدأ الإرسال بتلاوة آيات من القرآن، ثم إذاعة وقائع حفل افتتاح مجلس الأمة وخطاب الرئيس جمال عبد الناصر، وبث نشيد «وطني الأكبر»، وأخيرا نشرة الأخبار قبل أن تختتم الساعات الخمس الأولى بالقرآن الكريم.

ولاحقا، وبالتحديد بعد عامين من افتتاحه في يوليو عام 1962 كان القطار المتجه إلى أسوان يحمل على متنه الشرائط الخاصة ببرامج التلفزيون المصري لنقلها إلى محطة إرسال أسوان في محاولة لتعميم الإرسال لتغطية المناطق النائية حيث كان بإمكان سكان الأقاليم مشاهدة ثلاث ساعات من إرسال التلفزيون قبل أن يصبح لاحقا رائدا في تشكيل وجدان الإنسان العربي قبل ثورة الاتصالات الهائلة.

وتستمر احتفالات اليوبيل الذهبي لمدة عام كامل، من خلال برامج أسبوعية تحمل جميعها شعار «50 سنة تلفزيون» في مختلف القنوات التلفزيونية المصرية.

وقال وزير الإعلام المصري أنس الفقي، أمس، عقب لقائه أعضاء لجنة الاحتفال، إن التلفزيون المصري «واكب حقبة مهمة عاشتها مصر في قلب الأحداث في عالمها العربي والأفريقي والدولي ليتفاعل كوسيلة جماهيرية مع نبض الشارع ويعبر دائما عن همومه وآلامه وأفراحه وانتصاراته كمرآة صادقة عبرت عن مسيرة الشعب وتاريخه».

وأضاف الفقي في بيان أصدره أمس، أن التلفزيون المصري حقق طفرات واسعة، حيث بدأ إرساله بست ساعات يوميا، إلى أن وصل مجموع ساعات إرساله اليومي بشاشاته الكثيرة إلى 490 ساعة حاليا، «وظل على مدى نصف قرن حاضنا لمنظومة القيم والمبادئ والمثل والعادات والتقاليد والأعراف التي تمثل ملامح الشخصية المصرية».

وتتضمن فعاليات الاحتفال حفلا فنيا كبيرا في 21 يوليو الحالي في منطقة الهرم وتقدم فيه فقرات فنية تعبر عن المناسبة بمشاركة دار الأوبرا المصرية وفرق الباليه والفنون الشعبية وفرق الموسيقى العربية والعالمية، ويتم فيه تكريم رموز ورواد الإعلام المصري في الخمسين عاما الماضية.

ومن أبرز الأسماء التي تقرر تكريمها وزير الإعلام المصري الأسبق ومؤسس التلفزيون المصري عبد القادر حاتم ووزير الإعلام الأسبق رئيس مجلس الشورى الحالي صفوت الشريف ورؤساء التلفزيون السابقون، إلى جانب آخرين.

وفي يومي 19 و20 يوليو الحالي، يعقد ملتقى فكري بعنوان «آفاق وتحديات الإعلام المرئي المصري»، تحت إشراف رئيس قطاع الأخبار عبد اللطيف المناوي، وتضم محاوره «حرية الإعلام المرئي وحقوق المجتمع» و«مستقبل صناعة الإعلام المرئي» و«أثر التلفزيون المصري في تحديث المجتمع وتغيير الأنماط السلوكية».

وتشارك عدة وزارات مصرية في الاحتفالية، بينها وزارة الاتصالات من خلال هيئة البريد المصري التي تصدر طابعا بريديا تذكاريا يعبر عن المناسبة، كما تشارك وزارة المالية من خلال مصلحة سك العملة بإصدار عملتين ذهبيتين تذكاريتين فئة جنيه و5 جنيهات تعبر عن المناسبة.