اللقاء التحضيري الأول لـ«القمة الثقافية العربية» ينهي أعماله في بيروت

حشد من المثقفين والأكاديميين ناقشوا 8 أزمات ملحة

الأمير خالد الفيصل يلقي كلمته في افتتاح اللقاء التحضيري الأول لـ«القمة الثقافية العربية» في بيروت أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

افتتح اللقاء التحضيري الأول لـ«القمة الثقافية العربية» بفندق «لو رويال» في بيروت مساء أول من أمس، بدعوة من «مؤسسة الفكر العربي» والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة تحت مظلة جامعة الدول العربية، وذلك بحضور الأمير خالد الفيصل، رئيس «مؤسسة الفكر العربي» وحشد من المفكرين والمبدعين والكتاب والأكاديميين من مختلف الدول العربية وممثلين عن المؤسسات والهيئات الثقافية ورجال دين، إضافة إلى رؤساء اتحادات الكتاب والأدباء ورؤساء اتحادات الناشرين وممثلين عن المجامع اللغوية العربية ورؤساء المجالس الثقافية الوطنية ورؤساء تحرير صحف عربية.

بدأ اللقاء بكلمة للأمير خالد الفيصل أكد فيها أن «(القمة الثقافية العربية) تمثل فرصة لتوظيف رؤى المثقفين حول قيم التقدم والاستنارة والنهوض»، وشدد على أن التضامن الثقافي العربي ضرورة قومية لتوظيف القواسم المشتركة للأمة. وقدم الأمير الفيصل اقتراحين إلى الملتقى؛ الاقتراح الأول دعا فيه إلى التركيز على المشروع الثقافي العربي - للعقدين القادمين - كقضية محورية واحدة، وقال: «لعلكم تتفقون معي في أن إنقاذ اللغة العربية من أهم قضايانا الملحة على المشهد الثقافي». أما الاقتراح الثاني، فكان إنشاء صندوق تمويل ثقافي عربي، يتم توفير موارده من مساهمات حكومات الدول العربية، «على أن تقدر حصص الدول فيها طبقا لمعايير يراها القادة، للإنفاق على المشروعات الثقافية العربية ذات البعد القومي والطابع الاستراتيجي، التي تخدم قضيتنا المحورية.

وألقى وزير الثقافة اللبناني سليم وردة، كلمة في الافتتاح، أكد فيها على «الحاجة إلى قمة ثقافية عربية، خاصة أن القمم السابقة كانت قمم أمن سياسي وعسكري واقتصادي»، معتبرا أن «الأزمة الثقافية ليست أقل خطورة على العالم العربي على الرغم من اختلاف وتباين الضغوط الثقافية على مجتمعاتنا العربية».

وألقى الأمين العام لـ«مؤسسة الفكر العربي»، الدكتور سليمان عبد المنعم في الجلسة الافتتاحية كلمة عرض فيها لمنهجية اللقاء التحضيري، مؤكدا أن الهدف هو وضع قضايا الثقافة أمانة في يد المثقفين، مشيرا إلى أن المؤسسة أعدت استطلاعا لآراء المثقفين العرب حول أولويات وقضايا الثقافة العربية، و«قد ناشدنا المثقفين النصح والرأي حول أهم المبادرات والمشروعات الثقافية، وورد إلينا 233 ردا قام فريق خاص من المؤسسة بتحليل نتائجها، ويمكن القول إنه أصبح لدينا خارطة طريق، كما أعددنا ملفا وثائقيا يتضمن التوصيات الثقافية الصادرة عن قمم عربية سابقة ومشروعات ومبادرات ثقافية».

وتابع المؤتمرون أعمالهم يوم أمس، حيث تشكلت 8 لجان؛ كل منها تعنى باختصاص معين. وبدا واضحا أن هاجس أزمة اللغة العربية طغى على عمل اللجان، كما تبين أن انخفاض مستوى التعليم يؤرق الجميع أيضا. ففي لجنة حماية التراث كانت اقتراحات بجمع وأرشفة وتوثيق كل أشكال التراث بما فيها الموسيقى والمخطوطات، والعناية بالمباني الأثرية. وتحدث المجتمعون عن ضرورة جعل التعليم الوسيلة الأساسية للتعريف بالتراث وتقريب الناس منه. وبما أن اللغة العربية بدت الشغل الشاغل للجميع، فقد حضر إلى لجنة حماية التراث عبد العزيز البابطين معرفا بعمل مؤسسته ساردا إنجازاتها، مقترحا التعاون مع المؤسسة، لنشر إعلان في مختلف وسائل الإعلام الهدف منه، استجلاب اقتراحات لحل أزمة اللغة العربية. وقال البابطين إن «هذه ستكون طريقتنا لعدم عزل المثقفين من ناحية؛ وإشراكهم، معنا، وتحميلهم المسؤولية، والاستفادة من اقتراحاتهم». ورأى البابطين أن لجنة ستتألف بعد ذلك وظيفتها «جوجلة» المقترحات وتقديمها للقمة العربية المزمع عقدها.

وكان من اللافت أيضا أن اللجان على اختلافها مثل لجنة الإبداع وحماية الملكية الفكرية، ولجنة رعاية الطفل والشباب ولجنة المحتوى العربي الرقمي على شبكة الإنترنت، ولجان أخرى، تطلعت إلى صناديق عربية تستطيع دعم المقترحات التي ستتقدم بها إلى «القمة العربية الثقافية». ولعل ألطف اللجان تلك التي بحثت في موضوع المحتوى الرقمي على الشبكة. واتفق المجتمعون على نقطتين أساسيتين لرفعهما للقمة؛ إحداهما عدم محاولة فرض رقابة على الإنترنت لأنها فاشلة سلفا. وثانيهما، أن محاولة وضع رقابة ستلتهم المحتوى العربي كله، خاصة أن هذا المحتوى لا يزال ضعيفا. وتحدث المجتمعون عن ضرورة تنبيه المسؤولين إلى المكان الهامشي الذي تحتله اللغة العربية على محركات البحث الكبيرة، وضرورة أن تتخذ موقفا من هذه الشركات وفرض شروط عليها كما تفعل اليابان مثلا.

واستمرت جلسات اللجان طوال النهار، حيث تقدمت كل لجنة بمقترحات محددة في مجالها. وعقد مؤتمر صحافي مساء أمس، اختتمت به الورشات، وتمت تلاوة مختصرات للمقترحات، وهي بمثابة توصيات اختتم بها هذا اللقاء التحضيري الأول لـ«القمة الثقافية العربية»، في انتظار أن تعقد لقاءات أخرى في دول عربية مختلفة، لبلورة مزيد من الأفكار قبل عرضها على القادة العرب، لمناقشتها ودراسة إمكانية تبنيها.