كافيتريات الحكومة الأميركية تحت مجهر الأطعمة الصحية

تقدم وجبات لـ600 ألف موظف في واشنطن فقط

هذا الصيف، أعادت إدارة الخدمات العامة كتابة تفاصيل تعاقداتها المرتبطة بالكافيتريا التابعة لها لتشجيع الاعتماد على أطعمة صحية وعضوية وعناصر محلية («واشنطن بوست»)
TT

يرغب العم سام في تناول طعام أفضل، وفي الحقيقة لديه وجهة نظر سديدة في هذا الشأن، حيث يتسم أكثر من 25 في المائة من سكان بلده البالغين بالبدانة. ويعد واحد من بين كل ثلاثة أطفال أميركيين إما زائد الوزن وإما يعاني من السمنة.

العام الماضي كلفت الأمراض المرتبطة بالبدانة الولايات المتحدة قرابة 150 مليار دولار. لكن مثلما تقول الحكمة القديمة: «يبدأ التغيير من داخل المنزل». وعليه، شرعت الحكومة الفيدرالية في محاولة تقديم طعام مطبوخ غني بالعناصر الغذائية إلى العاملين لديها، بما في ذلك الـ600 ألف تقريبا الموجودون في واشنطن.

هذا الصيف، أعادت إدارة الخدمات العامة كتابة تفاصيل تعاقداتها المرتبطة بالكافيتريا التابعة لها لتشجيع الاعتماد على أطعمة صحية وعضوية وعناصر محلية.

حتى الآن، تم توقيع تعاقدات جديدة في مجال الخدمات الغذائية لصالح مقر رئاسة وزارة الخارجية في واشنطن وستة مبانٍ فيدرالية أخرى عبر البلاد. أما الخطوة التالية فستأتي من جانب وزارة الداخلية التي تأمل إنهاء إعادة تجديد الكافيتريا الخاصة بها هذا الخريف. جدير بالذكر أن إدارة الخدمات العامة تتناول عقود الخدمات الغذائية المرتبطة بنحو 350 كافيتريا بمختلف أرجاء البلاد.

يبدو كل ذلك عظيما، لكن ماذا عن مذاق الأنواع الجديدة من الأطعمة؟

من جانبنا، عمدنا إلى تفحص الكافيتريا الجديدة بوزارة الخارجية بجانب ستة كافيتريات فيدرالية أخرى داخل واشنطن، وقمنا بتصنيف الأطعمة المتوافرة حسب الخيارات الصحية والتنوع، وبالطبع المذاق. لم تحصل سوى كافيتريا واحدة على الدرجة النهائية في تصنيفنا، أما الكافيتريات الأخرى فلا يزال الطريق طويلا أمامها.

ينطبق هذا القول على الكافيتريا الجديدة المطورة في وزارة الخارجية، ففي اليوم الذي سمح لنا بتنفيذ جولة بالكافيتريا، بدت كافيتريا وزارة الخارجية بحالة ممتازة، حيث كانت أطباق السلطة المعدة طازجة ولذيذة، وجرى عرض معلومات عن العناصر الغذائية عند كل منفذ تقريبا. وضمت الكافيتريا خبير تغذية للرد على التساؤلات، واثنين من المزارعين كانا يبيعان محاصيل محلية من التوت والخضراوات الطازجة.

إلا أن وصف زيارتنا التالية التي لم تخضع لرقابة يحتاج إلى قدر بالغ من الدبلوماسية، لكن سنكتفي بالقول بأن الصين قد تفكر في فرض عقوبات ضدنا بناء على التفسير المهين الذي طرحته هذه الكافيتريا للمطبخ الصيني. وعلاوة على ذلك فإن الكثير من المعلومات الغذائية التي كنا رأيناها سابقا اختفت، ونفى أي من الموظفين الذين التقيناهم مشاهدته للسوق المصغرة للمزارعين مجددا. وعلق أحد كبار المسؤولين على الكافيتريا بقوله: «لقد باتت أفضل حالا عن ذي قبل، لكنها لا تزال مثيرة للغثيان».

الكافيتريات الحكومية الفيدرالية:

كافيتريا المحكمة العليا: هذه الكافيتريا تقدم طعاما غير دستوري، هذا ما خلصت إليه واثنان من رفاقي أثناء جلوسنا في قاعة الطعام داخل المحكمة التي كانت خالية تقريبا من الزوار.

قدم إلينا الطاهي طبقا خاصا من لحم بقري مشوي مع بيلاف أرز وكوسة مشوية (8.25 دولار). وجاءت النتيجة متمثلة في طبق يثير منظره الأسى وبه صوص مفرط في الملوحة. أما البرغر النباتي (5.75 دولار) الذي راودنا اعتقاد بأنه يضم سبانخ وقطع جزر صغيرة وفلفلا. واتسم البرغر بجفاف شديد من الخارج، بينما كان طريا على نحو مفرط من الداخل. وعندما طلبنا مسطردة زاد الأمر سوء.

أما طبق السلطة المكون من مزيج من الخضراوات والتفاح والجوز (5.95 دولار) - وليس جوز البقان كما وعدتنا قائمة الطعام - فكان لا بأس به، رغم أن قطع جبن الفيتا كانت كبيرة بدرجة لا تسمح بتناولها في قضمة واحدة، بينما تسبب مزيج الخل والزيت في إصابتي بموجة من السعال الشديد. أما أردأ ما تناولناه على الإطلاق فكان طبق أرز السالمون بصلصة (6.25 دولار). وكانت النتيجة النهائية التي توصل إليها أحد المتذوقين أن «هذا الطبق لا يحمل مطلقا أي تشابه في مذاقه مع أي سالمون تذوقته من قبل». وأضاف زوجي: «هذه الصلصة تدمر مذاق كل ما يمسها». أما المفاجأة فكانت تقديم طبق كبير من رقائق البطاطا ومعها برغر نباتي.

والتساؤل الآن: هل يمكنك تناول طعام صحي هنا؟ ليس كثيرا، لكن يبقى بإمكانك تقليص عدد السعرات الحرارية التي تتناولها لأن الاحتمال الأكبر أن الحال سينتهي بك بعدم تناول الكثير من أي طبق يقدم لك.

الكافيتريا الجنوبية بوزارة الزراعة: عندما لمحتني أدون ملحوظات بالقرب من القسم الخاص بالسلطات، سألت موظفة بوزارة الزراعة مسؤولا بالكافيتريا: «هل تتولون مراجعة الغذاء المقدم هنا؟ فهو مثير للغثيان رغم كوننا وزارة الزراعة الأميركية، وبالتالي ليس هناك ما يمنع تمتعنا بطعام يفتح الشهية ولذيذ المذاق».

بدا طبق يحوي 300 سعر حراري، مؤلف من دجاج وصلصة، مصنوع من الخوخ والكزبرة وسبانخ مزينة بالبرتقال (6.29 دولار)، جيد المذاق. لكن سرعان ما تعرفنا على سبب عدم إقبال أي شخص على طلب الحصول على هذا الطبق، حيث اكتشفنا أن اللحم جاف للغاية على نحو جعله أشبه بنشارة الخشب، بينما غلب على الصلصة طعم البصل أكثر من الخوخ أو الكزبرة، ولم يكن هناك أي وجود للبرتقال في السبانخ.

أما الوجبة الوحيدة الفائزة في تقديرنا فكانت ساندويتش شرائح الدجاج (5.79 دولار)، حيث كان لذيذ المذاق ومتبلا جيدا، خصوصا بالنسبة لوجبة لا تحوي سوى 360 سعرا حراريا. لكن من بين جميع المؤسسات التي زرناها، كان يتعين أن تأتي وزارة الزراعة في المرتبة الأولى.

كافيتريا وزارة الخارجية: خلال زيارتي الأولى أرشدني قرابة عشرة مسؤولين بوزارة الخارجية عبر مختلف أرجاء الكافيتريا. وأصررت على رفض الأطباق التي طلبوها من أجلي واختيار أطباق غير تقليدية من القائمة. لكن في النهاية وجدتني أتناول ما يتناوله كل من حولي. من الهليون المشوي (40 سنتا للأونصة) حتى سوشي سالمون وأفوكادو (7.30 دولار)، كان المذاق رائعا.

أما في الزيارة الثانية عندما حضرت إلى الكافيتريا من دون الكشف عن هويتي كانت التجربة مغايرة تماما، حيث جرى عرض المعلومات الغذائية على ثلث أطباق السلطة فحسب. أما اللحم البقري المشوي فلم يبدُ مشجعا. ورأى رفيقي أن بامية لويزيانا كانت أشبه بـ«قيء في طبق إحماء». ولم نقدم على تجريب تناول هذا الطبق.

ما تناولناه في النهاية كان طبق السوشي الذي كان جيدا. وكان طبق دجاج مطهو على الطريقة المكسيكية (4.95 دولار) ومزين بقطع من الجبن والفلفل لا بأس به، لكنه يبدو أنسب لتناوله في وقت متأخر من الليل.

وبدا طبق باستا فوزيلي مغطى بصلصة فلفل مشوي وباذنجان (6.99 دولار) جذابا، لكن مذاقه بدا وكأن الطهاة قاموا بإعادة تسخينه في الفرن. أما خبز الثوم المرافق للوجبة فبدا أشبه برغوة مركب كيميائي. بوجه عام، حصلت كافيتريا وزارة الخارجية على تقدير مقبول.

كافيتريا لونغورث: اندلع جدال كبير عام 2008 عندما راجع مجلس النواب، بناء على تعليمات من رئيسته نانسي بيلوسي، الكافيتريات الملحقة به. الملاحظ أن الكمية شهدت تحسنا داخل هذه الكافيتريات. وتعتمد كافيتريا لونغورث في الحصول على اللحوم على حيوانات جرت تربيتها من دون حقنها بمضادات حيوية. وعندما تتاح لها الفرصة تشتري الكافيتريا الخضراوات والفاكهة من مزارع محلية.

كان البرغر الذي تناولناه في الكافيتريا (3.25 دولار) مطهوا جيدا. تبدل الكافيتريا قائمة الطعام يوميا، وكانت تعرض أطباقا صينية يوم زيارتنا. ولم يكن طبق اللحم البقري بالبركولي على مستوى جيد، وكان ينبغي أن يطلقوا عليه «طبق لحم بقري ببقع خضراء».

في قسم المشويات كان هناك طبق ضخم من قطع صغيرة من لحم البقر (6.25 دولار)، وكان طيبا لكن الأطباق الجانبية كانت مختلطة بين جيد وسيئ. تميز طبق المعكرونة بالجبن بلون ذهبي اللون ومموج من الخارج ومذاق طيب من الداخل، لكن الملح كان النكهة المهيمنة.

لكن الجانب الإيجابي في كافيتريا لونغورث يكمن في أطباق السلطة، حيث تميزت بمكونات طازجة من الخضراوات والخيار والجزر. وجاءت أطباق السلطة المجهزة ممتازة. أما سلطة الشمار والبرتقال فينبغي إقرارها كبديل رسمي لطبق سلطة الكرنب المفعم بالدهون.

بصورة عامة، تقدم كافيتريا لونغورث طعاما جيدا وغذاء من مصادر موثوق بها بأسعار معقولة، وهو ما تؤكد الكافيتريات الفيدرالية أنها ترغب في تحقيقه.

قاعة الطعام في البنتاغون: مثل السفر جوا، يستلزم تناول الطعام داخل وزارة البنتاغون الوقوف في صف وإبراز بطاقة الهوية وتمرير الحقائب التي تحملها عبر أجهزة كشف عن المعادن. كما أجبرت على الكشف عن رقم التأمين الاجتماعي الخاص بي والوقوف لالتقاط صورة لي قبل أن أنتقل إلى قاعة الطعام.

افتتحت قاعة الطعام في ديسمبر (كانون الأول) وتتولى إدارتها «ناشيونال أند ستيت بارك كونسيشن». وتضم القاعة 220 مقعدا، وتبدو أشبه بمطعم خاص بفندق متوسط المستوى. وقرب مكتب مسؤول القاعة توجد مساحة للانتظار وبيانو أسود لامع. ويزين وسط القاعة أزهار صناعية تضفي بهجة على المكان بلونها الأصفر. يظهر نادلون يرتدون سترات بيضاء اللون يتولون خدمة الزوار (لكن الخدمة بطيئة للغاية).

كان طبق شوربة فيشسواز (4.50 دولار) جيدا بالكريمة وبالمستوى المتوقع من طاهٍ كبير سبق له العمل مؤخرا في «لا كولين» داخل «كابيتول هيل». كما تقدم الكافيتريا كعكة كابوريا جيدة (14 دولارا) مع كسرات من خبز ياباني وقليل من سلطة الكرنب. وتقدم الكافيتريا طبق أسماك تونة لفحتها النار (8.50 دولار). لكن يبقى الطبق الأفضل الطحالب البحرية بزيت السمسم، لكن شرائح السمك وأسماك الهلبوت المشوية (16 دولارا) فلم تكن على مستوى جيد. أما شرائح الحمل (14 دولارا) فرقيقة لدرجة تجعل من الصعب تمييزها عن طبقة الخضراوات الموجودة أسفلها.

الملاحظ أن قائمة الطعام التي تقدمها الكافيتريا تحوي سعرات حرارية كبيرة ودهونا في معظم الأطباق.

كان الطاهي البارز غيرارد بانغود قد ساعد في بناء هذه القاعة، لكنه رحل في أبريل (نيسان). ومع ذلك يبقى تأثيره واضحا في مذاق أطباق الحلوى المصنوعة من الفاكهة، خصوصا تورتة الأناناس (6.95 دولار) كافيتريات المعاهد الوطنية الصحية: يضم المجمع الضخم في بيثيسدا الكثير من المباني، بعضها يضم قاعات لتناول الطعام. لكن غالبية زائري المعاهد الوطنية الصحية ينتهي بهم الحال إلى تناول الطعام في كافيتريا من اثنتين من «المركز الطبي».

تضم القاعة كثيرا من العلامات والإشارات التي تثير لدى المرء شعورا بالحيرة. وأحد الإرشادات ينصح بطبق شوربة وساندويتش لما يحملانه من سعرات حرارية متوسطة (600) ودهون وكولسترول وصوديوم (600 ميليغرام). وهذه الشوربة هي شوربة دجاج افتقرت تماما إلى مذاق الدجاج (2.69 دولار للأونصة).

ويوم زيارتنا كانت هناك أطباق باستا خضراوات (7.49 دولار) وسلطة (40 سنتا للأونصة). وبجانب القاعة كان هناك منفذ بيع يبيع رقائق بطاطس وحلوى وزجاجات صودا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»