الأوبرا في خدمة القضايا الإنسانية.. مع الإيراني مهرزاد منتظري

25 ألفا من 80 دولة في «القرية العالمية» يتقدمهم الرئيس الأسبق كلينتون وبيل غيتس

الإيراني مهرزاد منتظري والسوبرانو بتينا شويغر (إ.ب.أ)
TT

لم يمنع هطول الأمطار الإيراني مهرزاد منتظري صاحب الصوت الأوبرالي، والسبرانو بتينا شويغر، من تقديم وصلات غنائية في الهواء الطلق لصالح الأعمال الخيرية والإنسانية.

«الآن وهنا» هذا هو الشعار الذي اختاره المنظمون لمؤتمر الإيدز العالمي الثامن عشر الذي تستضيفه العاصمة النمساوية فيينا ابتداء من أمس وحتى الجمعة المقبل 23 يوليو (تموز) بمشاركة 25 ألفا ما بين سياسي صاحب قرار وفنان وطبيب وباحث واجتماعي وناشط مدني وراع لحقوق الإنسان، بالإضافة لعدد ممن يعانون من مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، الذي تقدر الإحصاءات أن أكثر من 34 مليون نسمة مصابون به. فيما لا يزال «المحظوظون» منهم فقط يحصلون على لقاحات وأدوية تعمد لإبطاء عملية تطور المرض قاصرة عن هزيمته إذ لم يتم التوصل بعد لإنتاج لقاح ناجع يقضي عليه قضاء مبرما.

هذا وإن كانت تقارير طبية قد أشارت مؤخرا لما يمكن أن يمثل اختراقا بإعلان منظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن مكافحة الإيدز عن قرب الوصول إلى لقاح عبارة عن أجسام بشرية مضادة ثبت أن بإمكانها القضاء على 90 في المائة من فيروسات الإيدز المعروفة وما زال الأمر قيد التجربة والتحقق داخل معامل طبية حديثة.

وعلى الرغم من ذلك فإن مجرد الإشارة لإمكانية التوصل لاكتشاف مصل قد يقضي على هذا المرض أشاعت أجواء من التفاؤل داخل «القرية العالمية» وهي الموقع الذي خصصه النمساويون للمؤتمرين الذين تزيد تقديرات أعدادهم عن 25 ألفا جاؤوا من 80 دولة يتقدمهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ورجل الأعمال وراع الثورة التقنية بيل غيتس بالإضافة للكثير من مشاهير الأطباء والصيادلة والباحثين والمهتمين بمسيرة هذا المرض. ويركز هؤلاء على ضرورة أن يظل أولوية وحالة طوارئ لا بد أن توليها الحكومات جل اهتمامها خاصة مع الخوف والقلق أن تقوض آثار الأزمة الاقتصادية إمكانات الاستثمار والمنح والدعم في هذا المجال لا سيما مع انتشار تقارير تؤكد تراجعا في ميزانية مكافحة الإيدز حتى في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية، مع ملاحظة أن مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة الذي يعتبر السبب الأساسي لمعظم الوفيات في الدول الأفريقية جنوب الصحراء يعتمد أساسا على مساعدات ومنح خارجية.

يركز المؤتمر على أهداف معينة في مقدمتها إتاحة الفرص للتقييم والتشاور والحوار بين هذا العدد الكبير من المهتمين والعاملين في هذا المجال، مما يسمح لهم بتبادل الآراء والأبحاث والوقوف على آخر التطورات لسد الفجوات، ومن ثم الاستمرار في رسم مسار جماعي من أجل مزيد من العمل لتوفير الحصول على الوقاية والعلاج والرعاية وبالذات في البلدان الفقيرة حيث يتوسع نطاق انتشار المرض كل صباح حتى بين الأبرياء من الأطفال الذين يكتسبونه من أمهاتهم بالميلاد والرضاعة فضلا عن فتكه بالملايين من الشباب ممن تنتقل فيما بينهم عدواه في المقام الأول لسوء التوعية وللجهل بسبل الوقاية وفي مقدمتها ممارسة الجنس الآمن.

في المقابل، تهدف جماعات ناشطة في مجال حقوق الإنسان لتركيز الضوء ضمن فعاليات المؤتمر المختلفة للدفع في اتجاه مراجعة القوانين، مطالبين بضرورة أن تنظر الحكومات لمدمني المخدرات، وهم من أكثر الفئات التي ينتشر بينها مرض الإيدز، كمرضى وليس كمجرمين لمساعدتهم على العلاج وعدم عزلهم، مشددين على ضرورة تحليل شفاف للسياسات المتبعة حاليا لمحاربة المخدرات. ويطالب هؤلاء أيضا بمزيد من الانضباط للقضاء على السوق غير المشروعة للمخدرات. وفي هذا السياق يتوقع أن يصدر المؤتمر ما يسمى «إعلان فيينا».

هذا وكانت فيينا قد سبقت افتتاح المؤتمر بإقامة حفلها السنوي «اللايف بول» الذي يعتبر أكبر حفل خيري يعود ريعه لدعم توفير سبل الوقاية والعلاج لمرض الإيدز عالميا. وجاء موضوع الحفل هذا العام تحت العنوان الكبير «الأرض» فتبارى المحتفلون إبداعا في التزين بأزياء تمثل الأرض، وفي ذلك تزخرفوا ما شاء لهم برسومات تمجد الأرض ملونين بألوانها وزرعها وخيراتها، مرتدين تصميمات زادت بهجتها وطرافتها بمقدار غرابتها وعجب ما صحبها من إكسسوار.

من جانبها لم تشأ الأحوال الجوية في فيينا إلا أن تشارك المحتفلين اهتمامهم بالأرض فغمرتهم بكميات مهولة من الأمطار والبرق والرعد في طقس عاصف دفع الحضور فجأة للاحتماء بمعاطف بلاستيكية ومظلات، كما دفع المنظمين لإلغاء الجزء الأكبر من برنامج الاحتفال، وهو الجزء الخاص بعرض الأزياء، حرصا على العارضات من الانزلاق. وخشية تماس كهربائي قد يؤدي لما لا تحمد عقباه، بجانب ما يمكن أن يسببه من خسارة للمعدات، خاصة أن المطر رفض إلا أن يستمر فاستمروا بدورهم داخل قاعة الاحتفالات الكبرى بمبنى بلدية فيينا حيث كان في انتظارهم عمدتها مصحوبا بعمدة مدينة برلين وعدد من المشاهير.