فرقة «غوريلاز» تسرق قلوب الشباب اللبناني

بعد أن ألغت حفلا إسرائيليا.. غنت في جبيل وتنتقل إلى «قلعة دمشق»

فرقة «غوريلاز» تؤدي أغنياتها على مرفأ جبيل أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت «مهرجانات جبيل» أول من أمس، واحدة من الحفلات الشبابية الأكثر شعبية لهذا الصيف. فقد تقاطر آلاف الشبان ليلتقوا فرقتهم المحببة «غوريلاز» التي طالما انتظروها، بعدما سمعوا اسطواناتها التي باعت 30 مليون نسخة حول العالم.

«غوريلاز» التي اعتبرتها موسوعة «غينيس» الفرقة الافتراضية الأكثر شعبية في العالم، حضر حفلتها ما يزيد على خمسة آلاف شاب وشابة من لبنان، كما استفاد السياح من وجودها وحجزوا أماكنهم.

بدأت الفرقة بتأخير ساعة كاملة - وهو ما بات من تقاليد «مهرجانات جبيل» هذه السنة - بالأغنية الرئيسية في ألبومها الأخير «بلاستيك بيتش» حيث أعدت شاشتان أعلى المسرح لعرض الأفلام التي برعت «غوريلاز» في إنتاجها. هذه الأفلام صنعت مجد الفرقة بعد أن صارت لها شخصيتها الافتراضية التي توازي الشخصيات الواقعية الموجودة على المسرح.

وخلال أغنية «بلاستيك بيتش» يختلط عليك الأمر بين المغني الافتراضي الذي يؤدي على الشاشة، والمغنين في الفرقة وكورسها وعازفيها الموجودين أمامك على الخشبة. لم يتمكن الشبان من كبت حماستهم تجاه الفرقة، فهم آتون إلى هنا من أجل إخراج طاقاتهم بالرقص والغناء. القسم الكبير من المنصة المخصصة لحاضري الحفل وقوفا امتلأ عن بكرة أبيه كما المقاعد، التي وقف الموجودون فيها بدورهم من شدة الاندماج. لا تعرف إن كانت هذه الفرقة البريطانية التي تخلط أنواع الموسيقى، من الـ«بوب» إلى «الراب» و«الروك» وكذلك الموسيقى الشرقية، هي من النوع الذي يطرب هذا الشباب العربي بالفعل أم أن عدوى الشهرة الغربية وحدها كافية لتصنع هذا الهيجان في جبيل. ولا بد أن تتساءل أيضا: لماذا انشرح صدر الحاضرين، بالقدر نفسه وربما أكثر حين اعتلت «الأوركسترا الوطنية للموسيقى العربية» القادمة من دمشق المسرح، لتؤدي معزوفات ذات نكهات إيقاعية أخاذة؟ ورغم أن بعض الحاضرين أظهروا امتعاضا من ذكر اسم سورية من قبل أحد أعضاء الفرقة، التي ستنتقل إلى دمشق بعد لبنان لتقدم حفلة في قلعة دمشق، فإن هذا الامتعاض تحول دهشة عندما بدأت الموسيقى العربية الأصيلة يتردد صداها على مسرح ميناء جبيل. وربما أن المزج العربي - الغربي الذي لجأت إليه الفرقة في ألبومها الأخير بالتعاون مع الأوركسترا السورية الماهرة، هو من أهم ما كان يمكن أن تشاهده في جبيل. فأثناء الأداء الموسيقي العربي الذي جعل أعضاء «غوريلاز» يتمايلون ويرقصون، كنا نشاهد على الشاشات رقصة الدراويش التي تعتمد على الدوران بشكل أساسي، ثم عرضت بعدها مباشرة مشاهد لأحد راقصي الراب يدور حول نفسه، رجلاه في الأعلى ورأسه في الأسفل، بعد أن استند على كفه ليدور حول نفسه. الربط بين دوران مؤدي ما يعرف بـ«البريك دانس» و«الدراويش» ومن ثم عرض وصلة لراقصة شرقية تدور حول نفسها أيضا، في محاولة، لإظهار وحدة الفن الإنساني والتشابه بين الثقافات، هو تجسيد لروح هذه الفرقة التي تضم بين أعضائها السود والبيض. وأثناء أداء إحدى الأغنيات التي ترافقت مع رقص الدراويش على الشاشة بملابسهم البيضاء حمل أحد أعضاء «غوريلاز» علما أبيض ضخم الحجم وجال به على المسرح. وسط تصفيق الجمهور الذي تحمس بعضه للقاء الفرقة بعد أن ألغت حفلتها التي كانت مقررة في إسرائيل أثناء جولة «غوريلاز» الحالية في الشرق الأوسط اعتراضا على مذبحة أسطول الحرية.

المخلوقات الافتراضية للفرقة عالقة بمخيلة معجبيها، وهي مخلوقات لا تتوقف على الشخصيات البشرية، وإنما هناك الحيوانات الغريبة والعوالم الصحراوية والسيارات والمسدسات، وكلها كانت حاضرة في أمسية جبيل، التي استمرت نحو ساعة ونصف الساعة. ومن جميل المبتكرات الافتراضية للفرقة وجود الجمهور الافتراضي أيضا لا المغنين فقط، فلحظة بدا أن الحماس قد بلغ مبلغه عند الحاضرين، شاهدنا على الشاشات الجمهور الافتراضي الذي انضم إلينا لتصفق شخصياته، وتقفز، وتغني، وتندمج كما الجمهور الحقيقي. أصدرت «غوريلاز» ألبومها الأول عام 2001، ومن ثم ألبومها الثاني «ديمون دايز» عام 2005 ومن ثم ألبومها الأخير «بلاستيك بيتش» الذي بدأت الفرقة على أثره جولتها الأخيرة في بلدان عدة، بينها لبنان. تأسست الفرقة عام 1998 على يد الفنانين دايمون آلبرن وجيمي هيولت، بحيث جلب الأول معه شهرته من فرقة «بلور» التي كان جزءا منها، في ما عمل الثاني على رسم شخصياتها الافتراضية. واكتسبت «غوريلاز» شهرة كبيرة، بفضل قدرتها على اجتذاب فنانين معروفين باستمرار للمشاركة معها في ألبوماتها، وفي حفلاتها، التي حطت رحالها في جبيل، مساء الثلاثاء الماضي، وستكون يوم الأحد 25 من الشهر الحالي في «قلعة دمشق».