رئيسة الجامعة الخليجية لـ«الشرق الأوسط»: حجم الطلبة السعوديين في البحرين تراجع خلال العامين الماضيين

أرجعت ذلك لنشاط حركة الابتعاث وإشكالية الاعتراف.. ووصفت الطالب السعودي بـ«الجاد والملتزم»

د. منى الزياني («الشرق الأوسط»)
TT

لسنوات مضت، كانت مملكة البحرين وجهة للكثير من السعوديين الراغبين في استكمال تعليمهم العالي في الجامعات البحرينية، نظرا لقربها الجغرافي من المنطقة الشرقية، عبر جسر الملك فهد، وقلة عدد الجامعات الأهلية في السعودية، حيث تركز الكثير من الجامعات العالمية على افتتاح فروع لها في البحرين، والاستفادة من الإقبال الكبير عليها، سواء من قبل الطلاب السعوديين أو حتى من الطلاب البحرينيين أنفسهم.

ولتفاصيل أكثر بهذا الشأن، التقت «الشرق الأوسط» الدكتورة منى الزياني، وهي رئيسة الجامعة الخليجية في البحرين، حيث كشفت الزياني بخبراتها الطويلة ومنصبها الوظيفي الرفيع، عن واقع الطلبة السعوديين في الجامعات البحرينية، الذين تصفهم بأنهم يمتازون بالجدية والالتزام، إلى جانب تطرقها إلى التعليم العالي البحريني والإشكالات التي تواجه الجامعات البحرينية للحصول على الاعتراف الرسمي.

في البداية، جاء السؤال عن حجم السعوديين في الجامعات البحرينية، إذ أكدت الزياني أن نسبتهم كانت مرتفعة لعدة سنوات، بقولها: «كان الطلبة السعوديون يمثلون السواد الأعظم من طلبة نظام نهاية الأسبوع في الجامعة»، لكنها كشفت عن تراجع أعداد الطلبة السعوديين في العاميين الماضيين بصورة ملحوظة، مضيفة: «قد يرجع السبب في ذلك إلى تأخر اعتراف المملكة العربية السعودية بالجامعات البحرينية من جهة، وحركة الابتعاث النشطة إلى الجامعات الغربية التي شهدتها السعودية في الآونة الأخيرة».

وحصرت الزياني إقبال بعض السعوديين على الدراسة في الجامعات البحرينية في 4 أسباب، قائلة: «في اعتقادي أن هذا الإقبال من قبل الطلاب السعوديين على الدراسة في الجامعات البحرينية يرجع إلى: أولا، ما تتمتع به جامعات البحرين من سمعة طيبة، ومستوى أكاديمي راق، مما جعلها محل ثقة هؤلاء الطلاب. ثانيا، البعد الجغرافي، حيث أدى تجاور البلدين إلى سهولة الانتقال، خصوصا بعد افتتاح جسر الملك فهد».

وتتابع: «ثالثا، الروابط القوية بين الشعبين، مما يشعر الطالب السعودي في مملكة البحرين بأنه في وطنه وبين أهله. رابعا، البعد الاقتصادي، فلا شك في أن حصول الطالب السعودي في مملكة البحرين على فرصة لمواصلة الدراسة بمستوى مماثل لما تقدمه الجامعات العربية والغربية الأخرى يعد أمرا موفرا للنفقات التي تنفق في الانتقال والإقامة، وترك العمل، حال التحاق الطالب بإحدى الجامعات خارج منطقة الخليج العربي».

وعن نسب نجاح السعوديين الدارسين في البحرين مقارنة بغيرهم، تقول: «الطلبة السعوديون جزء من النسيج الطلابي للجامعة، ومستواهم الأكاديمي جيد إلى حد كبير، وفي إطار المستوى الأكاديمي العام لطلبة الجامعة، فمتغير الجنسية وعلاقته بالتحصيل الأكاديمي ليس موضع دراسة من قبل الجامعة التي تنظر إلى جميع طلبتها نظرة مساواة، بغض النظر عن جنسياتهم، ولكنني يمكن في هذا المجال أن أؤكد جدية الطالب السعودي، والتزامه، ورغبته في التعلم وقابليته له».

وبشأن تكاليف الدراسة في الجامعات البحرينية، تجيب الزياني قائلة: «إذا أخذنا في الحسبان عدم تلقي الجامعات الخاصة أي دعم مادي من أي جهة حكومية، فإن تكاليف ورسوم الدراسة الجامعية في مملكة البحرين تكون معقولة، أما عن الاختلاف بين جامعة وأخرى بهذا الخصوص، فهذا أمر طبيعي، فلكل جامعة خصوصيتها في تقدير التكلفة التعليمية على ضوء حجم النفقات التي تتحملها لتوفير هذه الفرصة، وعلى ضوء نفقات تحقيق الجودة التعليمية».

إلا أن كثيرا من الجامعات البحرينية ما زال يواجه إشكالية الحصول على الاعتراف الرسمي في الدول الخليجية، وهو ما تعلق عليه الزياني بالقول: «لقد عانينا كثيرا في هذا المجال، وفي اعتقادي أن السبب الرئيسي في وجود هذه الإشكاليات هو أن الجامعة مطالبة بأن تسعى منفردة للحصول على الاعتراف من كل دولة على حدة، ولا يخفى عليكم أن لكل دولة معاييرها الخاصة في هذا المجال، وبالتالي فقد أصبحت الجامعة مطالبة بتلبية شروط الاعتماد في كل دولة على حدة، وهذا أمر غاية في الصعوبة».

وتواصل حديثها: «البديل الأمثل هو تفعيل المبدأ القائل بأنه إذا كانت الجامعة معترفا بها في دولة المقر، فإن على باقي دول مجلس التعاون الخليجي الاعتراف بها. وفي هذه الحالة ستصبح الجامعة مطالبة بتوفير شروط الجودة والاعتماد التي تقرها وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين ممثلة في مجلس التعليم العالي من جهة، بالإضافة إلى شروط هيئة ضمان الجودة والاعتماد من جهة أخرى، فإذا اعترفت الوزارة بالجامعة أتى اعتراف باقي الدول الخليجية مترتبا على هذا الاعتراف».

وفيما يخص جهود جامعتها للحصول على الاعتراف السعودي، كشفت الزياني عن تفاصيل جديدة، بقولها: «لدينا تنسيق مع وزارة التعليم العالي السعودية بشأن الحصول على الاعتراف الرسمي للجامعة، وقد أسفر هذا التنسيق عن عدة زيارات قامت بها وفود متعددة من وزارة التعليم العالي السعودية إلى مقر الجامعة في البحرين عبر السنوات الماضية».

وتضيف: «وقد تفقدت هذه الوفود عبر الزيارات الميدانية المنشآت الجامعية، وحصلت على نسخ من البرامج الأكاديمية، وعقدت عدة اجتماعات مع أعضاء مجلس الجامعة، وطلبت مستندات واستوضحت أمورا، وقد تم تزويدها بما طلبت، ونحن في انتظار مواصلة التنسيق مرة أخرى، ونعقد الأمل على استجابة وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، وإتمام الإجراءات الخاصة بالاعتراف بالجامعة».

وحول واقع التعليم العالي في مملكة البحرين، تصفه الزياني بالقول: «من أجود أنواع التعليم التي تقدمها دول المنطقة، وذلك للتاريخ الطويل لمملكة البحرين في مجال التعليم، وكونها سباقة في هذا المجال من جهة، وللدعم المتواصل من قبل القيادة السياسية لهذا القطاع من جهة أخرى، إذ تنظر القيادة السياسية إلى التعليم العالي باعتباره الواجهة الحضارية المشرقة للمملكة، التي تمكنها من القيام بدورها الريادي تجاه شقيقاتها من دول المنطقة».

وتتابع: «جاء إنشاء كل من مجلس التعليم العالي، وهيئة ضمان الجودة والاعتماد في مملكة البحرين كخطوتين رئيسيتين في مجال محافظة المملكة على سمعتها الأكاديمية وجودة تعليمها العالي الذي حظي باستقطاب أفواج كبيرة من الراغبين من أبناء المنطقة في مواصلة الدراسة».

وبسؤالها عن مستوى التنافس بين الجامعات البحرينية، تقول الزياني: «نهج الجامعة الخليجية في هذا المجال هو السعي الدائم إلى تحقيق أعلى معايير جودة التعليم المطبقة في أرقى الجامعات العالمية، وإن قدرة الجامعة على تحقيق متطلبات الجودة والاعتماد هو أقوى الأسس التي تمكنها من المحافظة على مكانتها المرموقة بين جامعات المملكة، مع النظر إلى سائر الجامعات البحرينية بوصفهم شركاء في مجال تطوير التعليم العالي والارتقاء بمخرجاته».

وبعيدا عن الشأن الأكاديمي تعلق الزياني، التي تحتل منصبا يندر أن تصل إليه المرأة الخليجية، على ذلك بقولها: «في حقيقة الأمر فإن عدد النساء العربيات على وجه العموم اللاتي حصلن على هذا المنصب قلة، لكن في اعتقادي أن هذه الصورة ستتغير على ضوء المكانة التي تحظى بها المرأة العربية في الوقت الراهن، والناتجة عن مشاركتها بجدارة في شتى قطاعات الحياة المجتمعية».

وعن المعوقات التي تواجهها في هذا الإطار، تقول: «في رأيي الخاص أن منطقتنا تجاوزت مرحلة التمييز بين المرأة والرجل، مما حيد متغير النوع فيما يتعلق بالمشكلات التي قد يواجهها شاغل منصب معين، فالمشكلات التي تواجه المرأة الحاصلة على منصب (مدير الجامعة) هي ذات المشكلات التي تواجه الرجل الحاصل على ذات المنصب، فالمعيار هنا هو الكفاءة والتأهيل والخبرة، لا النوع».

معلومات عن الدراسة الجامعية في البحرين

* توجد في مملكة البحرين جامعتان حكوميتان، هما: جامعة الخليج العربي، وجامعة البحرين.

* تضم البحرين 12 جامعة خاصة، يدرس فيها نحو 17 ألف طالب جامعي بمختلف التخصصات والمستويات، منها: الجامعة الخليجية، والجامعة الأهلية، والجامعة العربية المفتوحة، وجامعة «إيه إم إيه»، وجامعة نيويورك، وجامعة دلمون، وجامعة بنتلي، والجامعة الملكية للبنات، وجامعة العلوم التطبيقية، وجامعة البحرين الطبية، والكلية الجامعية في البحرين.

* يضاف إلى ذلك 3 معاهد تدريب، هي: معهد البحرين للتدريب، ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، ومعهد البحرين للتكنولوجيا.

* عام 2005، صدر قرار إنشاء مجلس التعليم العالي البحريني، الذي يختص بالشؤون المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي، ويعتبر هذا المجلس المرجعية الأولى للتعليم الجامعي وما فوق الجامعي في البحرين، بعد أن كان التعليم الجامعي تابعا لوزارة التربية والتعليم البحرينية في السنوات السابقة.

* توصي وزارة التعليم العالي السعودية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، بالجامعات البحرينية التالية: جامعة البحرين، وكلية العلوم الصحية، وجامعة الخليج العربي.

مواعيد التسجيل للسنة الدراسية الجديدة (الفصل الدراسي الأول) تنطلق في الجامعات البحرينية خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).