الأزواج السياسيون.. و«نشر غسيلهم» أمام الناس

الانتقادات أحيانا تكون جذابة وأحيانا مبتذلة.. لكن للصمت حدود وطموحات سياسية

ناوتو كان وزوجته (إ.ب.أ)
TT

من الصعب جدا أن تعترف امرأة بخصال زوجها السيئة إلا عندما تقع الواقعة ويحصل الخلاف والطلاق.

رغم التقاليد المحافظة التي تقيد المجتمع الياباني، خصوصا الأمور التي تخص العائلة، على الرغم من تقدمه التكنولوجي، فإن تعليقات زوجة رئيس الوزراء الياباني الجديد، ناوتو كان، على زوجها جاءت مغايرة لما هو متوقع وصريحة بشكل يثير التساؤل والاستغراب. لكن في نفس الوقت تثير صراحتها الإعجاب والتقدير. لقد وصفت زوجها بأنه يفتقر إلى المعرفة والذوق في الملبس ولا يمتلك أي نوع من المهارة في فن الطهي.

إذا كان الرجل لا يستطيع سلق بيضة أو تحمير النقانق فذلك أمر خاص به، لكن إذا كان الرجل مفتقرا إلى المعرفة فهل هناك ضرر في أن تقول زوجتك ذلك عنك؟ ومن هو أفضل من يتحدث بأسرار البيت أكثر من المقربين أو الأسرة؟ الصراحة اليابانية جاءت مخالفة لكل ما هو معروف عن زوجات السياسيين. ولكن عندما تصل الأمور إلى نقطة اللارجعة، تأخذ الاتهامات منعطفا غير محمود. وهذا ما حصل مع رئيس وزراء إيطاليا الذي ظلت زوجته فيرونيكا صامتة على سلوكه غير المقبول وعلاقاته النسائية إلى أن طفح السيل الزبى، وقررت «كفى ما كفى»، وبعدها أصبحت اتهاماتها له مادة إعلامية دسمة للصحافة ووسائل الإعلام. في المقابل لقد ظلت هيلاري كلينتون صامتة على أعمال زوجها بيل كلينتون عندما كان رئيسا للولايات المتحدة، على الرغم من فضيحة علاقته بمونيكا لوينسكي التي كان المكتب البيضاوي شاهدا عليها وعلى تفاصيلها المحرجة والمهينة جدا لهيلاري، وزيرة الخارجية الأميركية الحالية. الإهانة التي تعرضت لها لم تكن غير مسبوقة. هل كان عليها أن تأخذ موقفا نسويا تحرريا وتترك زوجها بيل كلينتون لنزواته الجنسية وبهذا تنقذ ما تبقى لها من كرامة؟ وهذا ما كانت تتطلبه منها نساء الطبقة الوسطى من المثقفات في الحركة النسوية. إلا أن حساباتها كانت مختلفة، وأصبح واضحا فيما بعد أنها طموحة سياسيا وتريد أن تخوض المنافسة الرئاسية وتفوز بالبيت الأبيض. وظيفتها الحالية هي نتاج هذا الطموح. وقد نقل عن هيلاري كلينتون قول في حق زوجها «لو لم أكن ألكزه كل يوم لما صار شيئا يذكر». ولذا ربما يكون بعض اللكز وعدم التمادي في إرضاء الغرور مفيدا إلى حد بعيد. وبهذا أرادت أن تقول إن خلف كل رجل عظيم امرأة. ويثير ماكس ديفيدسون في مقال في «الديلي تلغراف» تساؤلات حول زوجة رئيس الوزراء المحافظ الجديد ديفيد كاميرون. ويقول إن كاميرون أيضا يفتقر إلى المعرفة العميقة فهو سياسي يصلح لعصر العلاقات العامة. لكن في بلد يتوقع فيه من زوجات السياسيين أن يبدين الولاء الأشبه بالخنوع - من العبوس وتشابك الأيدي والجلوس مقطبة الجبين خلال الخطب المطولة حول عجز الميزانية - ستكون سمانثا زوجته آخر شخص يعترف بهذا.

يجب أن لا ننسى أن سمانثا تنتمي إلى المفاهيم المحافظة مثل زوجها ولن تجرؤ على أن تهاجم زوجها بطريقة قد تؤذي مستقبله السياسي. فقد اقتصرت انتقاداتها العامة لزوجها على الفوضى التي يحدثها في المطبخ وترك الثياب على أرضية غرفة النوم، ودائم العبث بهاتفه الجوال ودائم التنقل من قناة تلفزيونية إلى أخرى. وهذه الانتقادات محببة تظهره كأي إنسان آخر، وقد يكون الوصف إيجابيا لأنه يعطي الانطباع بأن الشخص غارق في القضايا الأخرى المهمة التي تخص إدارة سدة الحكم. هذه اتهامات مبتذلة ومعروفة ومن ثم لم يكترث أحد لذلك، لكن ربما بدا آل كاميرون مبتذلين في أعين الكثيرين عندما يتشاحنان على الغسيل والريموت كنترول، ويفتقران إلى العمق والانفعال والأوقات السعيدة والسيئة في حياة حقيقية لعلاقة فعلية. لا يتوقع أحد أن تتحدث السيدة كاميرون عن زوجها كما فعلت زوجة رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني المنفصلة عنه، فيرونيكا، التي قالت عنه: «لم أعد قادرة على ردعه عن جعل نفسه أضحوكة»، لكنها قادرة على أخذ ورقة من كتاب ميشيل أوباما التي لم تغضب زوجها في سياق الحملة الرئاسية في 2008 فقط عندما تحدثت عن أذنيه الكبيرتين، بل حذرت الناخبين من أنه لن يكون «المسيح الجديد»، وقد كانت تلك النقطة بحاجة إلى التوضيح وكانت هي أفضل من يقوم بذلك. وحتى هذه الاعترافات ليست بالشيء المؤذي كما اعتقد بعض المعلقين.

إنها أشياء واضحة والجميع قادر على أن يراها. ولكن في المقابل عندما تتناسى بعض الزوجات أن إظهار الزوج بأنه النموذج للزوج الجيد تنقلب الأمور رأسا على عقب وتصبح مبتذلة. فمن يستطيع أن ينسى سارة براون التي أعلنت عن حبها المتأجج لغوردن في مؤتمر حزب العمال عام 2009، عندما امتدحت رقته؟ وهو ما أضفى على تعليقاتها نوعا من الغرابة إلى حد بعيد.

لكن الصدق، عموما، هو السياسة المثلى، فالناخبون ليسوا حمقى وبإمكانهم التأقلم مع الروايات التي لا تكون فيها الشخصيات جيدة أو سيئة ولكن بين هذا وذاك. ويقول بعض المعلقين إن شيري بلير كانت تملك نوعا من الذكاء الأحمق عندما كشفت عن زواجهما أكثر مما ينبغي، عندما زلت بالقول إن توني بلير عرض عليها الزواج وهي تنظف المرحاض، ربما كانت تعتقد أن الناس ستجد هذه الحكاية جذابة.

هذه القواعد هي ذاتها بعيدة عن المجال السياسي، فالمرأة التي تطري زوجها بالكثير تجازف بأن يسخر منها الجميع خاصة في هذا البلد؛ حيث يحظى الإعلان العلني عن المشاعر بنوع من عدم الثقة. ربما يكون من الأفضل الثناء غير المباشر أو إظهار الاستياء أو الاعتراف بالقصور وإن كان مثيرا للحرج. وهل كان على فيكتوريا بيكام أن تخبر العالم بأن زوجها يحب استعارة سراويلها الداخلية الخاصة؟ ربما ما كان ينبغي عليها ذلك من وجهة نظر زوجية، فتلك الأمور دائما ما تظل حبيسة جدران المنزل. لكن هل حط ذلك من قدر زوجها؟ كلا على الإطلاق. فالمرء يمكن أن يلاحظ في تفاصيل الحياة الزوجية لعائلة بيكام نوعا من السعادة. وعندما كان هوارد ويب يستعد للمشاركة في تحكيم مباريات كأس العالم الشهر الماضي، لم يكن ليسعد عندما قالت زوجته «إنه لا يستطيع تولي مسؤولية أبنائه»، لكن كم من الأفراد قلل ذلك من شأن ويب لديهم؟ فالمزاح خفيف الظل دائما ما يقوي علاقاتنا معا، أما الأفراد الشغوفون بالحفاظ على جبهة موحدة طوال الوقت فهم من تنفصل عرى رباطهم الوثيق.