إيمان.. أول محكمة مصرية في مسابقات جمال الخيول العربية

تنضم إلى الأميرة عالية ابنة الحسين.. ومهمتها قراءة جمالياتها واكتشاف أسرارها

السواد من أبرز علامات جمال الخيول، لكن يجب ألا يعتمد عليه فقط كمقياس اختيار الفرس («الشرق الأوسط»)
TT

يتسم الحصان العربي بمقومات جمالية جذابة تتجسد في نسب الحصان المنضبطة والمتناغمة مع رونقه الجمالي، وقراءة مواطن الجمال هذه والتعرف عليها أمر ليس بالسهل، لكن الشابة إيمان حمزة استطاعت أن تتقن ذلك كونها أول محكّمة مصرية في مسابقات جمال الخيول العربية.

تربت إيمان منذ نعومة أظافرها وسط الخيول العربية حيث اعتبرتها جزءا من عائلتها، ونتيجة وجودها الدائم مع الخيول عرفت عن عالمها الكثير، ومع مرور السنوات دعمت اهتمامها بالبحث والقراءة لتتعلم المصطلحات وأنساب الخيل وعلامات الجمال وغيرها من الأمور المتعلقة بالحصان العربي، مما جعل منظمة «الإيكاهو» العالمية الخاصة بإقامة مهرجانات الخيول في جميع أنحاء العالم تختارها لتقوم بالتحكيم في مهرجان جمال الخيول العربية بالإمارات العربية المتحدة هذا العام.

عن قصة عشقها الخيول، تقول إيمان: «منذ الطفولة وأنا أحضر سباقات الخيول ومهرجانات الجمال، كما كنت دائما أذهب إلى المزرعة في يوم الجمعة من كل أسبوع مع أبي، وهناك نشأت قصة حبي للخيول وبدأت أكتسب خبرتي في هذا العالم بشكل تلقائي نتيجة وجودي الدائم معهم، وللعلم فهذا الحب للخيول ورثته عن أبي الذي ورثه بدوره عن جده الذي كان يشغل منصب وزير الزراعة والتموين قبل ثورة يوليو (تموز) 1952، حيث كان يعشق الخيل ويشتريه، وفي عام 1942 بني إسطبل (مزرعة) حمدان الموجود حتى الآن، وقد أسماه حمدان على اسم حصان اشتراه من الملك فاروق، وفي عام 1962 تم تأميم جميع خيول المزرعة لكنه عاد واشتراها من مزاد مرة أخرى».

رغم دراسة إيمان الإعلام وعملها في سفارة كوريا بالقاهرة، فإن ذلك لم يتعارض أو يشغلها يوما عن ممارسة هوايتها في تربية الخيل التي أكسبتها شخصية تعرف متى تكون حازمة داخل الإسطبل ومتى تكون رقيقة وهادئة عندما تريد أن تكتسب ثقة فرس جديد، كما بدأت التدريب منذ نحو ثلاث سنوات على ركوب الخيل ولكنها توقفت لفترة بعد أن سقطت من فوق فرس في إحدى المرات في منطقة نزلة السمان، ولكنها عادت للتدرب حاليا في نادي الفروسية وفي مزرعة خالد بن لادن.

تستكمل إيمان: «هناك 420 مربيا للخيول في مصر فقط، وهذا الرقم يزداد مع الوقت ولكن ليس كل من يربي خيولا الآن يعشقها، فللأسف البعض يأخذها كتجارة مربحة، ولكن كما أن هناك فرقا بين سائق السيارة وصانعها، فليس كل من يركب الخيل فارسا أو يفهم في تربية الخيول وتميز أنواعها وأصولها، فأصعب وأهم شيء في تربية الخيل هو دراسة أصول السلالة والأجداد لكل حصان وفرس حتى نستطيع أن نزوج أفضل ثنائي فنحصل على سلالة ممتازة من الناحية النوعية والجمالية، بمعنى آخر أن نرى ما هو الشيء الناقص عند هذا الحصان ونختار الفرس التي تكمل هذا الشيء، وكيفية الاختيار هذه لا تأتي بالدراسة بل بالخبرة والملاحظة».

مع الوقت ومع تزايد خبرة إيمان في عالم الخيول أهلها ذلك للمشاركة في مسابقات جمال الخيول المحلية التي تعقد في مصر مثل مهرجان الهيئة الزراعية المصرية ومهرجان جمعية مربي الخيول العربية الأصيلة الذي يقام في منطقة سقارة، هذا إلى جانب المهرجانات التي تقام في محافظتي البحيرة والشرقية.

وعن حصولها على لقب أول محكمة مصرية في مهرجان جمال الخيول العربية، تقول: «تعقد مسابقات الجمال لعدة أسباب أبرزها تقييم الحصان والتعرف على مواطن الجمال فيه بواسطة المتخصصين أو عمل دعاية جيدة للخيول لبيعها، ولهذا السبب طلبت جمعية الحصان العربي الإماراتية والهيئة الزراعية المصرية من منظمة (الإيكاهو) المسؤولة عن اختيار الحكام الدوليين، أن تقيم دورة في التحكيم ثم تختبر المتدربين فيها لاختيار أفضل الحكام، وبالفعل سافرت إلى إمارة الشارقة في شهر مارس (آذار) 2010 وأخذت الدورة وكان الامتحان ينقسم إلى قسمين، الأول نظري والثاني عملي عبارة عن معاينة حية للخيول، وقد استفدت كثيرا من هذه الدورة التي تقدم لها 14 شخصا في عدة دول ونجح فيها 4 من مصر، كنت أنا الفتاة الوحيدة بينهم، ولم أكن أعلم أنه بفوزي سأصبح الفتاة الوحيدة المصرية إلا لاحقا، لأكون ثاني امرأة عربية تصبح محكمة رسمية في (الإيكاهو) بعد الأميرة عالية ابنة الملك الحسين بن طلال».

وتتابع إيمان: «مسألة التحكيم لم تكن سهلة على الإطلاق لأنها تحتاج إلى صبر وقوة ملاحظة، لكن الآن ومع تزايد خبرتي في أسس التحكيم أصبح بإمكاني الاشتراك في مسابقات جمال الحصان داخل أو خارج مصر». وتلفت إيمان إلى أن الحصان له شهادة ميلاد مثل الإنسان بالضبط، تتضمن سلالته حتى سابع جد وصفاته، ويعتبر أهم شيئين يجب أن يتوافرا في الحصان العربي هو أن يكون من سلالة أصيلة، وأن يكون تكوين عظامه ممتازا، ولو فقد الحصان أيا من الميزتين يخسر في مسابقة الجمال، ثم يأتي بعد ذلك تناسق الجسد، بمعنى أن لا تكون الرقبة طويلة والظهر قصيرا أو العكس، كما يجب أن تكون عيناه مستديرتين وواسعتين وأن يكون الذيل مرفوعا والأقدام سليمة، لأن القدم إذا لم تكن سليمة فإنها ستؤثر على أدائه حينما يكبر.. أيضا من علامات الجمال في الحصان العربي الحركة الرشيقة وفتحة الأنف العريضة المتناسقة مع حجم الفم وتكوين الجسم.

أما عن لون الحصان فتوضح أنه ليس دليلا مطلقا على نقاء سلالته، فهناك خيول شديدة السواد يعتقد البعض أنها خيول ممتازة وعربية أصيلة وهى ليست كذلك، فعلى الرغم من أن السواد من أبرز علامات جمال الخيول، فإنه لا يصح الاعتماد عليه فقط كمقياس اختيار الفرس.

اللقب ليس الفائدة الوحيدة التي اكتسبتها إيمان من اقترابها من عالم الخيول، فقد تعرفت على الكثير من صفاتها، والأجمل أنها عرفت كيف توطد صداقتها معها.. تقول عن ذلك: «الخيول تشعر وتتأثر مثل البشر، فأنا أشعر أنها من أفراد عائلتي عند مرض أحدها، أيضا فهناك وجه شبه كبير بين الخيول والكلاب في الوفاء، كما يجب أن لا تكون خائفا وأنت تتعامل معها لأنها تستشعر ذلك. وحتى تجعل الحصان يطمئن لك يجب أن تجعله يشم كف يدك أو أن تتنفس الهواء من فمك باتجاه فتحتي أنفه وتطعمه السكر أو الجزر. وهناك شيء تعلمته قبل ركوب الحصان وهو أن أقوم بعمل تدليك خفيف وبحنان خلف الأذن حتى لا ينزعج، لأن الخيل يبتعد عن الشخص الذي لا يعرفه ويحب من يحبه، كما أن الحصان العربي هو أذكى حصان ولكي تركب حصانا عربيا لا بد أن تكون أذكى منه».