بطاقة حمراء للمزعجين في البرلمان البريطاني

رئيس البرلمان يطالب باعتماد وسائل نظامية على غرار تلك المستخدمة في ملاعب الكرة

جون بيركو رئيس مجلس العموم البريطاني يسعى لإعادة الانضباط إلى جلسات البرلمان العريق (رويترز)
TT

يجري الحديث في بريطانيا حاليا حول محاولات جون بيركو رئيس مجلس العموم البريطاني لإعادة الانضباط إلى جلسات البرلمان العريق.

وأعدت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) تقريرا حول ممارسات أعضاء البرلمان التي تشبهها الصحف البريطانية بمشاحنات بنش آند جودي أشهر شخصيات الأراجوز.

وفيما يتعلق بأمر الضوضاء في مجلس العموم فإن بيركو قد ضاق ذرعا بصياح زملائه في المجلس «ذلك الصياح الذي تعتبر أصوات البوق الذي استخدمه مشجعو جنوب أفريقيا في تشجيع فريقهم في كأس العالم لكرة القدم إلى جانبه بمثابة همس بعيد».

صاح رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركو في أعضاء المجلس قائلا: الهدوء! الهدوء! أرجو الهدوء!؟ في محاولة منه لحفظ النظام في المجلس. بل إنه اضطر فيما بعد لمناشدة نواب المجلس عدم الصياح بكامل طاقتهم أثناء الحديث «حرصا على صحتهم».

وتقع على عاتق بيركو بصفته المتحدث باسم مجلس العموم البريطاني مسؤولية الحفاظ على سير النقاشات في المجلس بسلاسة ومن دون مشكلات، مما دفعه مؤخرا للمطالبة باعتماد وسائل نظامية في البرلمان على غرار البطاقة الصفراء والحمراء المستخدمة في الملعب.

ترقب بيركو الوقت المخصص لرد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على استفسارات أعضاء المعارضة وانتقاداتهم حيث يتوجب على رئيس الوزراء أن يكون في كامل لياقته الذهنية وحاضر الذهن ليرد عما لم يكن يتوقعه من أسئلة.

هذه الدقائق الـ30 المخصصة لردود رئيس الوزراء على المعارضة هي التي جعلت رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يتألق أمام خصومه وهي نفسها التي أتاحت لكاميرون فرصة إحراج رئيس الوزراء السابق غوردن براون وجعله يتصبب عرقا عندما كان كاميرون زعيما للمعارضة.

يعتبر بيركو هذه الدقائق التي بدأ اعتمادها عام 1961 بمثابة «واجهة لمجلس العموم» وهو ما جعله يرى أن «التصرف الطفولي والساذج» لبعض نواب المجلس يضر بسمعته لدى الناخبين.

والحقيقة أن الناخب البريطاني يركز أكثر على وقت مساءلة رئيس الوزراء في مجلس العموم وهو النقاش الذي ينقله التلفزيون ويتابعه البعض من خلال المقاعد المخصصة للزوار في المجلس.

وباستطاعة البريطانيين الحصول على إحدى هذه البطاقات من نائبهم في المجلس. أما الأجانب فكثيرا ما يأملون في أن تتبقى بعض البطاقات مما يجعلهم ينتظرون ساعات في صفوف طويلة وغالبا ما يخيب أملهم.

كما أن نواب المجلس أنفسهم يتعاملون مع هذا الوقت بكل جدية، فلا يكاد يرى المجلس مكتظا بأعضائه كما يحدث في الوقت المخصص لرد رئيس الوزراء على المعارضة. ولا تكاد هذه الدقائق تنتهي حتى يهرول الكثير من النواب مسرعين بشكل جماعي خارج قاعة المجلس وذلك على الرغم من أن الجلسة لا تزال مستمرة.

ولا غرابة أن يحدث بيركو نفسه قائلا إن على نواب المجلس أن يحافظوا على صحة حلوقهم وأصواتهم وذلك بهدف تحقيق «المزيد من الأدب والقليل من الضوضاء والقليل من الأسئلة التي يصاحبها التوبيخ».

واضطر بيركو مؤخرا لتوبيخ أحد النواب لأنه وصف وزير التعليم البريطاني مايكل جوف بأنه «قزم مثير للشفقة». وكان أحد النواب قد هاجم بيركو نفسه قبل ذلك بأيام قائلا إنه قزم غبي، وكان وزير الصحة البريطاني سيمون بيرنس هو الجاني هذه المرة.

هذه الإهانات معروفة في مجلس النواب البريطاني منذ وقت طويل وعانت منها «المرأة الحديدية» مارغريت ثاتشر ذات يوم عندما شبهها أحد النواب بأنها «جامحة جنسيا» وعانى منها توني بلير عندما وصفه أحد النواب بأنه «رجل غبي».

ومن أكثر الإهانات شيوعا في مجلس العموم البريطاني كلمة «كذاب» وكلمة «وغد» وكلمة «منافق». ويراهن بيركو على التلفزيون في نجاح اقتراحاته الرامية لحفظ النظام في مجلس العموم على اعتماد بطاقات إنذار وبطاقات إخراج من المجلس.

وليس من حق كاميرات التلفزيون في الوقت الحالي تسليط الكاميرا إلا على النائب الذي أعطيت له الكلمة ولكن بعض النواب يستغل غياب الكاميرا في توجيه الإهانات لنائب آخر عبر لغة الإشارة.

ويسعى بيركو للسماح بالمزيد من الكاميرات في المجلس وأروقته لمنع هؤلاء المسيئين من توجيه الإساءة لغيرهم.

ويخشى منتقدو هذا الاقتراح أن تزيد هذه الكاميرات من الإضرار بسمعة البرلمان لأنها يمكن أن تضبط النواب وقد غلبهم النعاس أو عندما يدخلون في دردشة فيما بينهم.

ويريد بيركو العمل على أن تعود ساعة استجواب رئيس الوزراء لتأدية دورها الأصلي ألا وهو السماح للنواب أصحاب الصفوف الخلفية في المجلس بالتحدث، لذا فإن بيركو يقترح السماح لزعيم المعارضة بتوجيه 4 أسئلة فقط لرئيس الوزراء كما كان عليه الحال أيام ثاتشر بدلا من 6 أسئلة حسب الوضع الحالي.

ومن البدائل المطروحة مد وقت استجواب رئيس الوزراء ليصبح ساعة بدلا من نصف الساعة.