لندن تمشي على الهواء

6 آلاف دراجة هوائية ومشروع بتكلفة 140 مليون إسترليني.. والأيام القادمة ستحكم على رؤية العمدة جونسون

عمدة لندن بوريس جونسون يقف بين الدراجات الهوائية المعدة للتأجير (أ.ب)
TT

شهدت العاصمة البريطانية أمس تدشين مشروع عمدة لندن بوريس جونسون لتأجير الدراجات الهوائية. وهذه الفكرة منقولة من تجربة فرنسا في تأمين الدراجات للعموم بأسعار زهيدة، ولطالما عمل جونسون على تطبيقها في لندن التي تعاني من زحمة سير خانقة على الرغم من تطبيق قانون فرض ضريبة دخول السيارات إليها وغلاء أسعار المواقف وارتفاع أسعار الوقود.

مشروع تأجير الدراجات الهوائية في شوارع لندن، هدفه تشجيع السكان والزوار على التخلي عن السيارة والاستعاضة عنها بالدراجة الصديقة للبيئة، وهذا أمر من شأنه التخفيف من حدة الازدحام المروري داخل المدينة المعروفة بشوارعها الضيقة والتي لا يمكن أن تستوعب عدد السيارات والحافلات والشاحنات.. بجانب الزوار المشاة.

كانت هيئة النقل العام في لندن TFL متخوفة من اليوم الأول من تطبيق المشروع قائلة إنها «تتحسب لوجود بعض العقبات أو الأخطاء»، إلا أن التسجيلات التي قام بها المواطنون عبر الموقع الرسمي للشركة لتأجير الدراجات الهوائية، جعلها تأمل بالمشروع خيرا، بحيث وصل عدد المنتسبين إلى 12 ألفا وهناك 6 آلاف دراجة متوفرة في المواقف المخصصة لها في عدد كبير من شوارع لندن.

الفكرة ذكية وسهلة التطبيق جدا. إذ يكفي أن تنتسب عن طريق الموقع الإلكتروني أو من خلال ماكينة تقع بالقرب من موقف الدراجات لكي تتمكن من دفع ثمن الاستئجار والانتساب. وتبلغ كلفة الدخول (ثمن المفتاح) 3 جنيهات إسترلينية (أي نحو 5 دولارات)، ومن ثم يبدأ سعر الاستئجار من جنيه واحد ويختلف حسب مدة الاستئجار المطلوبة وتتراوح ما بين جنيه واحد إلى 50 جنيها لمدة 24 ساعة.

المشروع يسير برعاية مصرف باركليز، ولقد جرى طلاء الدراجات باللون الأزرق (اللون الشهير لشعار المصرف)، وتبلغ زنة الدراجة الواحدة 23 كيلوغراما، وهي ذات 3 سرعات. أما المواقف فمنتشرة في كل من الوسط التجاري للندن وأحياء كامدن وويستمينستر وهاكني وإيزلينغتون ولامبيث وكينزينغتون وتشيلسي وساذك وتاور هاملتس، إضافة إلى عدة حدائق ملكية عامة.

ويصف العمدة بوريس جونسون المشروع بأنه «نقطة تحول في حياة اللندنيين»، مشيرا إلى أهمية المشروع الذي يرنو إلى تشجيع الناس على استخدام الدراجة وتحسين صورة النقل في شوارع لندن المكتظة بالمارة والمركبات. ويضيف جونسون أن هدفه هو «تحويل شوارع لندن لاستعمال حافلات النقل العام الحمراء وسيارات الأجرة (التاكسي) السوداء والدراجات الهوائية»، كما أنه يطمح لأن تتحول لندن إلى «أفضل مدينة للدراجات الهوائية في العالم».

في المقابل، بين الانتقادات التي تواجه المشروع انتقاد بتعلق بالكلفة، إذ يرى البعض أن كلفة الاستئجار قد تكون متوفرة فقط لأصحاب الميزانيات المتوسطة والعالية وليس لأصحاب الدخل المنخفض. وكما ذكرنا في السابق، يتوجب على مستعمل الخدمة دفع مبلغ 3 جنيهات كثمن المفتاح، ثم دفع جنيه واحد لقاء 24 ساعة من الاستعمال، و5 جنيهات لقاء استعمال الدراجة على مدى سبعة أيام و45 جنيها لقاء الاشتراك السنوي. أما إذا أردت استخدام الدراجة لمدة 30 دقيقة فالخدمة مجانية وكل ما تحتاجه هو دفع مبلغ جنيه واحد للتسجيل.

على صعيد الأمن والسلامة، سيحصل كل منتسب على بوليصة تأمين خاصة به طيلة فترة استخدامه الدراجة، يحصل عليها تلقائيا من دون إجراء أي عملية تسجيل إضافية. والبوليصة تفيد في حال وقوع أي حادث أو مكروه للراكب. وهناك أزرار إنذار في حال تعرضت الدراجة لأي عطل أو مشكلة ميكانيكية، يكفي المستخدم أن يضغط على الزر لإنذار المسؤولين وإحاطتهم بالمشكلة. ولكن أهم ما في المشروع هو أن هناك أكثر من 400 موقف في أماكن مختلفة من العاصمة.. وكلها قريبة من محطات القطارات ومترو الأنفاق. والعبرة في ذلك تأمين الخدمة لمستخدمي وسائل النقل العام وإكمال مشوارهم إلى العمل أو أي وجهة أخرى في المدينة عن طريق الدراجة. ثم إنه ليس من الضروري إرجاع الدراجة إلى الموقف الذي استؤجرت منه، يل يكفي تركها في أي موقع آخر.. شريطة وضعها داخل الموقف، الذي يشبه المرسى الصغير، وبمجرد إدخال الدراجة بوضعها الصحيح، تقفل الماكينة العجلات ولن يعود بإمكان المستخدم أو غيره تحريرها إلا بعد الدفع من جديد. هذا، وتوجد عند كل نقطة تأجير خريطة للطرقات التي ينصح بأن يسلكها مستخدم الدراجة، وأغلبها طرقات فرعية لتحاشي الطرقات الرئيسة المزدحمة. ويعطى كل مستخدم 15 دقيقة إضافية مجانية عند انتهاء مدة التأجير، تحسبا لأن يكون الموقف مكتمل العدد، وعليه توفر المدة الإضافية فرصة للوصول إلى موقف آخر توضع الدراجة فيه. ويشار إلى أن نقاط الدفع مجهزة لقبول كل أنواع بطاقات الائتمان، وهناك خط ساخن يساعد الأشخاص الذين يجدون صعوبة في استعمال الخدمة، كما يوجد أشخاص يقدمون النصائح والمعلومات عن طريقة استعمال الدراجة وطريقة ركوبها، بجانب تأمين الخرائط لكل مستخدم وتزويد الدراجة بسلة لوضع المتعلقات الخاصة فيها.

ما يستحق الإشارة، هو أن عدد الدراجات المتوفرة في المشروع الذي أطلق في لندن يوازي ربع عدد الدراجات المتوفرة في المشروع الذي بدأته باريس من قبل. كما أن مشروع «Cycle Hire Scheme» في لندن يغطي مساحة جغرافية أصغر بكثير من تلك المساحة المخصصة للدراجات في باريس. لكن جونسون وهيئة النقل العام في لندن يأملون بتوسيع نطاق المشروع إذا ما كتب له النجاح وتعدى كل العقبات والمشكلات التي قد تعترض سبيله، لا سيما وأن كلفة المشروع وصلت إلى 140 مليون جنيه إسترليني.

أيضا، ثمة مخاوف أيضا متعلقة بسلامة المستخدمين، إذ يرى منتقدو المشروع أن لندن غير مؤهلة لتكون مرتعا لسائقي الدراجات الهوائية نظرا لضيق شوارعها وشدة ازدحامها. وتساق في هذا المجال إحصائيات تفيد بأنه في عام 2005 قتل 20 سائق دراجة وجرح 338 وفي العام الماضي قتل 14 سائقا وجرح 253.. وهذا الأمر يزعج من يرى بأن الدراجة الهوائية وسيلة نقل غير آمنة في مدينة مزدحمة، مثل لندن - خاصة أنه لم يطبق بعد قانون وضع الخوذة على الرأس.

للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي: www.tfl.go.uk