زفاف تشيلسي كلينتون.. سري حتى آخر لحظة

قسم الزواج أشرف عليه قسيس مسيحي وحاخام يهودي

العروسان مع بيل وهيلاري كلينتون (أ.ب)
TT

كان هناك احتفالان في راينبيك ليلة الأحد، وهي قرية متحضرة على مسافة مائة ميل شمال مدينة نيويورك، يذهب إليها الأغنياء والمشاهير وشبة الارستقراطيين بحثا عن الهدوء، واختارها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لزفاف ابنتهما الوحيدة، تشيلسي.

لم يكن غريبا اختيار قرية هادئة لزفاف تشيلسي التي عرفت، منذ قبل خمس عشرة سنة، عندما كانت تعيش في البيت الأبيض، بأنها بنت خجولة ومنطوية. وفعلا، وكما قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، منذ البداية، أصرت تشيلسي أن يكون حفل زفافها خاصا، بل ربما شبه سري.

كتبت الصحيفة: «ربما كانت المرة الأولى التي يتسلم فيها مشاهير وأغنياء نيويورك دعوة حضور زفاف دون الإشارة المباشرة إلى المكان». وسبب ذلك أن الدعوة قالت إن المكان «على مسافة ساعتين شمال نيويورك، وفي وقت لاحق سنرسل لكم التفاصيل».

كان هذا مثالا واحدا للسرية التي أصرت عليها العروس (والعريس أيضا). وثمة مثال ثان، وهو أن سكان قرية راينبيك أنفسهم حرموا من حضور ربما أكبر حفل زفاف في تاريخ القرية. وذلك لأن الزفاف أقيم في خيمة أنيقة أمام فيللا جميلة على ضفاف نهر هدسون، وراء حواجز مرور وشوارع مغلقة وتفتيش دقيق.

ولهذا، قرروا أن يحتفلوا بأنفسهم، حيث اصطفوا على جانبي الشارع الذي نقل الأغنياء والمشاهير، ورفعوا لافتات تهنئ العروسين، ولبسوا قمصان «تي شيرت» بهذه المناسبة.

من بين اللافتات عبارات جميلة، مثل: «لتعيشا سعيدين إلى الأبد» و«نحن سعداء مثلكما». ومن بين اللافتات عبارات ضاحكة، مثل: «تزوجيني يا تشيلسي، أنا أفضل من مارك»، رفعها رجل. و«مارك، يا خائن، وعدتني أن تتزوجني»، رفعتها بنت.

ومن بين الأشياء التي أثارت الانتباه وسط الاحتفالات الشعبية، رجل وضع قناعا لوجه كلينتون، وامرأة وضعت قناعا لوجه هيلاري، وبنت وضعت قناعا لوجه تشيلسي. جلس الثلاثة في مؤخرة سيارة مكشوفة وطافوا شوارع القرية.

ووزع محل «بيتزا» أقراصا مجانية، ووزع محل لصناعة الكيك قطعا مجانية، وقدم مطعم مشروبات مجانية مع العشاء.

لكن، طبعا، كان الاحتفال الحقيقي داخل الخيمة البيضاء، أمام منضدة بيضاء، وحيث وضعت كراسي بيضاء، وطبعا كان فستان العروس أبيض.

غير أن السرية أطبقت على الحفل، ولم يعرف الناس خارج الحفل التركيز على اللون الأبيض إلا بعد أن نشرت الصحف ووكالات الأنباء الصور في اليوم التالي. بل، حقيقة، لم يعرف الناس خارج الحفل أن الزفاف تم فعلا إلا بعد أن أصدر كلينتون وهيلاري بيانا رسميا أعلنا فيه ذلك.

قال البيان: «اليوم وفي سعادة وفخر وعواطف جياشة، شاهدنا زفاف تشيلسي ومارك في حفل جميل في استور كورت (اسم الفيللا على نهر هدسون). وأحاطت بنا عائلتنا وأصدقاء مقربون». وأضاف البيان الرسمي: «كان يوما مثاليا للاحتفال ببداية حياة مشتركة لهما. ونحن سعداء بأن نقبل مارك جزءا من عائلتنا». وفي النهاية قال البيان: «بالنيابة عن العريس والعروس، نشكر سكان قرية راينبيك الجميلة لأنهم رحبوا بنا، ونشكر كل من شاركنا هذه المناسبة السعيدة».

ولاحظت وكالة «أسوشييتد برس»، وكانت واحدة من مؤسسات صحافية قليلة سمح لمصوريها بالتقاط صور الحفل (دون السماح لأي من صحافييها، وأي صحافي آخر، بحضور الحفل)، هذه السرية الكاملة تقريبا. وأن تشيلسي وزوجها حتى لم يشكرا سكان القرية، بل شكرهم والداها بالنيابة عنهما.

حتى مايكل هيل، صحافي الوكالة الذي كتب الخبر، لم يسمح له بدخول المكان، وقدمت له معلومات مختصرة عما حدث.

وحسب الصور، ارتدت تشيلسي فستان زفاف مكشوف الكتفين، طويلا لامس الأرض من تصميم المصممة الشهيرة فيرا وانغ التي حضرت الحفل أيضا وإن كانت تفادت الإجابة عن أسئلة الصحافيين حول موديل الفستان.

وحسب التقاليد، لبس العريس بدلة سوداء. وأيضا والد العروس، وهو الذي بدأ الحفل عندما دخل المكان وابنته تمسك ذراعه اليمنى. وحسب الصور، لم يكن واضحا إذا سالت دموع والد العروس في لحظة تقديم ابنته إلى عريسها.

وتوجد في مواقع على الإنترنت رهانات على ذلك. والسبب هو أن كلينتون نفسه كان الشهر الماضي قد قال إنه ليس متأكدا إذا كان سيدمع عند «وداع» ابنته الوحيدة. وبعد ذلك بأيام، علقت زوجته هيلاري بأنه يتحدث كثيرا معها عن هذا الموضوع. وتندرت بأنها ستحمل كاميره وتصور عينيه إذا دمعتا، وتوزعها على الإنترنت.

لكن، طبعا، كانت مناسبة عاطفية، وظهر ذلك على ملامح الوالد والوالدة، حيث خليط من فرح على الزواج، وحزن على «وداع» ابنتهما الوحيدة.

أوضحت الصور أن قسم الزواج أشرف عليه قسيس مسيحي وحاخام يهودي، وذلك لأن تشيلسي مسيحية معمدانية ومارك يهودي وينحدر من عائلة يهودية عريقة في نيويورك.

وكتب مايكل سافيدج، مراسل صحيفة «واشنطن بوست»، وكان واضحا أنه لم يحضر الحفل، لكنه حصل على بعض المعلومات، أن الحاخام قرأ «سيفين بليسنغز» (الدعوات السبع) من التوراة.

وكتبت مجلة «يو إس» أنه، حسب تقاليد يهودية قوية، ربما لن يكون أطفالهما يهودا، لأن اليهودية تتوارث عن طريق الأم.

وحسب الصور، وضع العريس على كتفيه «تاليت» (شال يهودي يوضع على الرأس والكتفين عند الصلاة). لكن، لم يضعه العريس على رأسه، واكتفى بوضعه على كتفيه فوق البدلة السوداء.

وكتب مراسل «أسوشييتد برس»: «ظل هذا الزفاف سريا منذ أن بدأ التحضير له. وبلغت السرية قمتها داخل خيمة الزواج».

ويتوقع مراقبون وصحافيون في واشنطن نشر تفاصيل الحفل خلال الأيام القليلة القادمة، عندما يتحدث للصحافيين بعض الذين حضروا الحفل، ولا بد أن يشترطوا عدم نشر أسمائهم ووظائفهم لأن السرية كانت جزءا من الدعوة إلى الحفل.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «نجحت تشيلسي كلينتون ومارك في المحافظة على سرية زفافهما حتى آخر لحظة. منذ مدة طويلة، لم يحط زفاف مثل هذه السرية والإشاعات والإثارة».

وقالت إن مكان الزفاف، فيللا «استور كورت» لم يكن معروفا حتى للمدعوين، حتى أوصلتهم حافلات إليه. حسب الدعوة، وضعت ترتيبات لإنزال المدعوين في فنادق قريبة، وتنقلهم حافلات إلى «مكان الزفاف».

لكن، قبل يومين من الزفاف، عندما شاهد سكان قرية راينبيك الرئيس الأسبق كلينتون يأكل في مطعم شعبي في القرية، وكان سعيدا، وصافح الحاضرين واحدا واحدا، تأكد أن مكان الزفاف سيكون في مكان قريب. كما أن عمالا وموظفين في الشركة التي نظمت حفل الزفاف أوعزوا إلى آخرين للكشف عن اسم المكان على الإنترنت (هم أنفسهم كانوا أقسموا ألا يكشفوا عن الاسم).

لهذا، ظل السؤال قبيل الزفاف، وبعده: من هم المدعوون؟

يعتقد أن أربعمائة حضروا الحفل، وكان سهلا على سكان القرية وعلى الصحافيين وكاميرات التلفزيون والإنترنت الوقوف على جانبي الطريق ليعرفوا إذا كان وجها مشهورا في طريقه إلى الحفل.

ومن بين الذين شوهدوا وعرفوا: الممثل تيد دانسون، والممثلة ماري ستينبيرغر، ومصممة فستان الزفاف فيرا وانغ، ووزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، ورئيس الحزب الديمقراطي السابق تاري ماكولاف، والمخرج السينمائي ستيفن سبيلبيرغ. لكن، لم يقدر أي صحافي أو قروي أن يؤكد حضور الممثلة والمغنية باربرا سترايسند، ونجمة المقابلات التلفزيونية اوبرا وينفري. وكانت شائعات قالت إنهما ستحضران.

ولم تقدر «واشنطن بوست»، حتى أمس، أن تؤكد من حضر ومن لم يحضر.

وكانت قد كتبت، أول من أمس، في صدر صفحتها الأولى عن الحفل تحت عنوان كبير: «زفاف تشيلسي كلينتون: دعوات مهمة، لكنها لم تشمل شخصيات مهمة في واشنطن».

وسئل الرئيس باراك أوباما في مقابلة صحافية إذا كان سيذهب، فقال إنه لن يذهب، رغم أنه، طبعا، كان على رأس القائمة.

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن كلينتون، عندما زار البيت الأبيض، قبل ثلاثة أسابيع، دعا أوباما، لكن أوباما اعتذر، وبالتالي، لم توجه له دعوة. في ذلك الوقت، لم تشر الأخبار إلى دعوة زفاف، وأشارت إلى أن كلينتون أطلع أوباما على خطط للحزب الديمقراطي للمحافظة على أغلبيته في الكونغرس بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) القادمة.

وقبل الزفاف، أصدر آل غور، نائب الرئيس كلينتون سابقا، بيانا قال فيه إنه لن يذهب، ربما لأنه كان قد طلق زوجته، وكانت تدور حوله إشاعات خيانة زوجية قبل الطلاق، ولا يريد أن يكون رمز سوء طالع للعروسين.

لكن، طبعا، لم يقل البيان ذلك.

وكتبت صحيفة «فلادلفيا انكوايارار» عن مارك ميزفنسكي، العريس، وهو من فيلادلفيا، وقالت: «تشتهر العروس حول العالم لأن والديها من أشهر السياسيين في العالم. لكن العريس أقل حظا». وقالت إن العريس ربما سيحس بذلك وهو يدخل مكان الحفل ليلة أمس، وإنه ربما يتأثر.

لكن، قالت الصحيفة إنه «عريس لقطة» حتى بالنسبة إلى ابنة بيل وهيلاري. وإنه مليونير رغم أن عمره 32 سنة، وجمع ثروته من «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك)، وسيسكن في منزل قيمته أربعة ملايين دولار في حي راق بنيويورك.