لندن عاصمة أكبر «تفاحة» في العالم

افتتاح أكبر محل لـ«أبل» في كوفنت غاردن بحضور آلاف الأنصار لـ«آي فون» و«آي باد»

يتميز متجر «أبل» الجديد الذي افتتح أمس في «كوفنت غاردن» في لندن بمبناه الأثري والتاريخي، وخصصت الشركة ميزانية عالية لترميمه واستغرقت العملية أكثر
TT

أصبحت لندن أمس صاحبة أهم متجر في العالم، بعدما شهدت ولادة أكبر محل لـ«أبل» في العالم، في منطقة كوفنت غاردن، في وسطها، ونقول «أهم» لأن الفرع الجديد لـ«أبل» هو جنة حقيقية لأنصار «آي فون» و«آي باد» و«آي بود»، بعدما كان الفرع الواقع في شارع ريجنتس ستريت أكثر فروع الشركة نجاحا في العالم بالنسبة لعدد الزبائن والأرباح وتسجيل أعلى نسبة مبيعات، تعدت تلك التي تحققها متاجر «أبل» في شارع فيفث أفينيو في مانهاتن، يمكن القول اليوم إن فرع كوفنت غاردن الجديد سوف يسحب البساط من تحت فرع ريجنتس ستريت، لما يقدمه من خدمات إضافية وعصرية تهم كل مهتم بعالم التكنولوجيا، وجميع أنصار ما يعتبر واحدا من أهم ما توصلت إليه التكنولوجيا في عصر الاتصالات الحديث.

الفرع الجديد ليس عاديا، فهو يقع عند رقم 1 «ذا بياتزا» في ساحة كوفنت غاردن السياحية، التي تجذب إليها الفنانين الجوالين، وتعتبر من أكثر أماكن التسوق عصرية في لندن، والمبنى تراثي يعود للعهد الفيكتوري، وهو مدرج على لائحة المباني المحمية التراثية من «الدرجة الثانية»، يعود تاريخ بنائه إلى القرن السابع عشر، فالعنوان في حد ذاته جذاب ومميز، كما أن مميزات المبنى من الداخل تزيد محل «أبل» رونقا، فالجدران كلها من الطوب الخام، الأسقف عالية جدا، ويتوسطه سلم عملاق مصنوع من الزجاج، ويستعمل في ديكوره العصري الحديد، وتتوسطه طاولات من خشب السنديان. ومن ناحية الخدمات، تخصص «أبل»، التي تُعرف بمزايا الخدمة لديها، غرفا كل منها لمنتج معين، يقوم شخص مختص بشرح جميع تفاصيل المنتج وطريقة تشغيله فيها، وسيكون بإمكان الزبائن الانضمام إلى ورش عمل يقوم فيها متخصصون من شركة «أبل» بشرح مزايا منتجات الشركة الجديدة، مع إعطاء الفرصة للمشاركين بطرح الأسئلة وتلقي المعلومات، التي تساعدهم على تشغيل أجهزتهم، والاستفادة من جميع مزاياها المتقدمة.

ويقدم المتجر الجديد طريقة جديدة للدفع، تحمي الزبائن من الانتظار في طوابير لا تعرف نهاية للدفع بعد اختيار المنتج، فيكفي أن تختار ما تشاء، وتتوجه إلى أي طاولة من الطاولات الموزعة في كل مكان، وستجد ماكينة مخصصة لقراءة بطاقات الائتمان، ولن تكون بحاجة إلى التوجه إلى صناديق البيع التقليدية.

وعند شرائك أي منتج، يقوم عامل في المحل بنقل كل بياناتك وأرقامك من جهازك القديم إلى جهاز «آي فون» و«آي باد» الجديد، وبالتالي يكون جاهزا للعمل قبل مغادرتك المحل. كما يقوم العاملون أيضا بوضع الأجهزة في الخدمة، وتجهيزها بالكامل للزبون.

يشار إلى أن «أبل» باعت 3 ملايين جهاز «آي باد» حول العالم، في فترة زمنية لم تتعد الـ80 يوما منذ طرح الجهاز في الولايات المتحدة، في أبريل (نيسان) الماضي. والإقبال الشديد على جهاز «آي باد» لأنه يضم الكثير من المزايا، من بينها خدمة قراءة الكتب والصحف، ويتمتع بشاشة بحجم 9.7 بوصة، مع إنارة خلفية على طريقة الـ«ليد» الحديثة، ويبلغ ثمن الجهاز في بريطانيا 429 جنيها إسترلينيا (نحو 600 دولار أميركي). ومن المتوقع أن يكون العنوان الجديد لـ«أبل» الأهم في تاريخ الشركة، التي تملك الآن 300 فرع حول العالم، بما في ذلك فروعها الجديدة، التي من المتوقع أن تُفتتح قريبا في كل من شنغهاي وباريس وشيكاغو.

ووصل آلاف الناس إلى كوفنت غاردن قبل ساعات من موعد الافتتاح، وانتظروا حتى فتحت الأبواب لأول مرة، انتظر بعضهم منذ الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة، ليكونوا من أوائل الداخلين إلى المحل، وكان من بين الذين انتظروا 24 ساعة ليشهدوا فتح الأبواب لأول مرة، الأميركية روز وليامز، وهي طالبة تدرس القانون الدولي في إحدى جامعات بنسلفانيا، وتقول وليامز إنها جلبت معها كتابين عن القانون لقراءتهما إلى أن يجيء موعد الافتتاح الرسمي للمتجر، وقالت وليامز إنها في نهاية المطاف لم تستطع قراءة أي من الكتابين؛ لأن المارة والصحافيين كانوا يتكلمون معها بصورة مستمرة، رغبة منهم في معرفة سبب انتظارها لوقت طويل لافتتاح المحل، وردت وليامز بأن السبب هو أنها تحب منتجات «أبل»، وترغب في أن تكون أول من دخل المتجر، لأن الافتتاح ضخم وهذا اليوم تاريخي، وأضافت وليامز أنها ستشتري جهاز «آي فون 4» و«آي باد» أيضا.

وتقديرا من القائمين على محل «أبل» الجديد لجهود وطول انتظار أنصار «الماك»، تم توزيع الهدايا التذكارية لأول 4 آلاف زائر للمحل، ومن بين الهدايا «تي شيرت» رسمت عليها التفاحة الشهيرة، شعار «أبل». وكان الإقبال على المستوى الذي توقعه المسؤولون في الشركة، بحيث علق رون جونسون، نائب رئيس قسم المبيعات بالتجزئة في الشركة: «إنه من المعروف عن فرعنا في ريجنتس ستريت، أنه أكثر فروع الشركة حركة وربحية، إلا أننا نعتقد أن الناس سوف يعجبون بالفرع الجديد أيضا لما يقدمه من خدمات».

وتعد شركة «أبل» بأن يحوي الفرع الجديد أكبر عدد ممكن من المنتجات، لا سيما الـ«آي فون»، ليكون أكثر الفروع من حيث تخزين المنتج فيه، كما يتوقع أن توفر الشركة في الفرع الجديد جهاز «آي فون 4»، الذي رافق إطلاقه، الشهر الماضي، الكثير من الانتقادات حول فعالية الإرسال فيه، التي تتأثر بوضعية اليد حوله، ولكن تسعى الشركة إلى إطلاق جهاز «آي فون 4» بنسخة معدلة تراعي مشكلة الإرسال، التي تواجه بعض الزبائن في بعض من الأجهزة.

وبحسب المحللين، فإن شركة «أبل» تحتاج إلى مثل هذا الفرع الكبير ليكون بإمكانها تخزين وتوفير أكبر عدد من منتجاتها، لتكون على مستوى المزاحمة والمنافسة في السوق في عالم التكنولوجيا والاتصالات.

المعروف عن فروع «أبل» حول العالم أنها تتميز بهندسة خاصة، وتقع في عناوين مهمة وأبنية فريدة، والفرع الأول للشركة افتتح منذ عشر سنوات في فيرجينيا، واليوم أصبحت الشركة موجودة في الصين وسويسرا، وفي عدد كبير من أهم دول العالم، ففي نيويورك يقع فرعها في شارع المال (وول ستريت) وفي باريس تملك فرعا في اللوفر.

وبما أن منتجات «أبل» لا تجذب فقط رجال المال والأعمال، إنما أيضا النساء والأطفال، فقد تم تخصيص مساحة للأطفال في فرع كوفنت غاردن الجديد، تقدم فرصة التدريب إليهم، كما سيكون بإمكان أصحاب الأعمال والمشاريع الصغيرة الاستفادة من الدورات التدريبية في المحل.

تضم «أبل» فرعين في لندن إلى جانب فرعها في ريجنتس ستريت، الأول في مركز «ويستفيلد» التجاري الأكبر في أوروبا، والثاني في مركز «برينت كروس» التجاري في شمال لندن، إلا أن وسط لندن كان بحاجة لفرع إضافي لسد الحاجة الملحة لمنتجات «أبل»، خاصة الـ«آي فون» بجميع طرزه، لذا اختارت الشركة كوفنت غاردن لتكون مركزا جديدا لمبيعات الشركة في وسط المدينة.

ويعتبر فرع «أبل» في ريجنتس ستريت أكثر مراكز البيع الكبرى نجاحا في لندن، إذ تشير الأرقام إلى أن إنتاجية المحل توازي 2000 جنيه إسترليني لكل قدم مربع، مقارنة بـ536 جنيها إسترلينيا تحققها محلات «ديكسونز» للإلكترونيات، و1000 جنيه إسترليني تحققها محلات «توب شوب» في شارع أكسفورد ستريت التجاري.

وفي رأي المحللين، فإن «أبل» اليوم تعدت مفهوم بيع الأجهزة الإلكترونية، وأصبحت علامة فارقة في عالم التكنولوجيا، ومن قام باستخدام منتجاتها مثل «آي فون» أو «آي باد» يدرك مدى اهتمام الشركة بتطوير فكرة البيع إلى عالم متكامل من الخدمة، وتقديم النصائح تحت لواء الإدارة الجيدة، وتحت سقف واحد. وبحسب جونسون فإن أي متجر يجب أن يملك روح الخدمة وتحقيق الأحلام، وليس فقط وضع المنتجات على الأرفف وبيعها. وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها «أبل» التيار في الأسواق، وتمشي عكسه، فقد أثبتت منذ عشر سنوات أنها تملك الرؤية السليمة للإدارات والابتكار والتسويق، والدليل هو أنها تملك اليوم 28 فرعا في المملكة المتحدة وحدها، في حين أن «مايكروسوفت» تملك 4 مراكز فقط في الولايات المتحدة الأميركية.

إلى اليوم، زار محلات «أبل» حول العالم 150 مليون زائر في 10 بلاد، هي: أميركا، وبريطانيا، وإيطاليا، وأستراليا، وكندا، واليابان، والصين، وألمانيا، وسويسرا، وفرنسا، ولكن يبقى فرع ريجنتس ستريت الأكثر حركة وبيعا.