المعرض النيجيري ينقل نقراته لمتحف محمود سعيد بالإسكندرية

بعد اجتذابه الجمهور في قصر الفنون بالقاهرة

TT

إطلالة حقيقية على المشهد التشكيلي المعاصر في أفريقيا كشف عنها المعرض النيجيري الذي استضافه «قصر الفنون» بدار الأوبرا المصرية، وافتتحه في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) الماضي الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية، بحضور دكتور كريدز أكوميزي منظم المعرض. واستثمارا للنجاح الذي حققه المعرض في القاهرة قرر المسؤولون أن يحل اعتبارا من التاسع من الشهر الحالي ضيفا على متحف محمود سعيد بالإسكندرية.

يضم المعرض نخبة من مقتنيات المتحف القومي المعاصر بنيجيريا، ومعرضا جماعيا يشارك فيه عشرون فنانا نيجيريا ومصريا معاصرون، كما أقيمت على هامشه ورشة عمل فنية بقاعات قصر الفنون في مجالي التصوير والنحت، شارك فيها فنانون مصريون ونيجيريون لمدة خمسة أيام أثناء فترة العرض، في حوار فني وعرض مواز للعرض المتحفي. كما شهد ندوة فنية بعنوان «حوار أفريقيا في تطور» شارك فيها من نيجيريا الفنان دكتور كريدز أكوميزي، ومن مصر الفنان دكتور رضا عبد السلام، والناقد محمد كمال، وأدراها الفنان محمد طلعت مدير قصر الفنون. ألقت الندوة الضوء بشكل أعمق وأوسع على الحركة التشكيلية في نيجيريا وأفريقيا بشكل عام، وذلك من خلال رصد مراحل تطورها، وتحليل مقوماتها الفكرية والجمالية، كما كشفت عن كثير من الموروثات الفنية المشتركة بين المشهد التشكيلي المصري ونظيرة الأفريقي، مما يعني أن ثمة جسورا للتواصل والحوار، يعززها بعد جغرافي واحد ينتمي إليه المشهدان، على الرغم من فوارق اللغة والثقافات.

في لوحات المعرض تطل أفريقيا كزمن خاص مفتوح على شتى حدوسات الأزمنة والمعرفة والعلم والحضارة الإنسانية.. وتلفحك اللوحات برذاذ غض يتسرب من سمرة الوجوه، وهي تصارع الطبيعة بغاباتها المشمسة وأمطارها الدفيئة، وأيضا مواسم القحط والجفاف. ويبرز اللون الأصفر الصحراوي، وكذلك تماثلاته البنية بدرجاتها الغامقة والفاتحة كمقوم بصري طازج، يعبر عن روح البيئة الأفريقية، ويختزل مستويات تجلياتها، وما تنطوي عليه من طقوس وأعراف شعبية وثقافية، تشكل هوية وخصوصية القارة السمراء. فيما تتسم بعض اللوحات بطابع ملحمي، يجسد أجواء النضال والتحرر من الاستعمار الذي عانت منه أفريقيا على مدار حقب زمنية طويلة. في القطع النحتية سواء البرونز أو الخشب أو النحاس، تكشف أفريقيا عن قناعها الجمالي، وتتحول الشخوص بقوامها التجريدي الرشيق واستداراتها اللينة، وخطوطها النحتية الموحية، إلى معزوفة نغمية، يتواشج في فواصلها وإيقاعاتها طقس النقر على الطبول، ويخطف جسدك روح رقصات أفريقيا الشهيرة. وفنيا يبدو تبسيط الشكل سواء في تمثال نصفي، أو آخر مركب، وكأنه اختزال لملامح بشر وتضاريس حياة داخلية، وتاريخ لا يزال ساخنا وسيالا في الذاكرة الجماعية للشعوب.