ثقافة الدمام تستعيد ذكرى طلال مداح بمقعد شاغر و«عود» منكس

10 سنوات على رحليه.. و«مقادير» ما زالت تلهم عشاقه

فرقة جمعية الثقافة والفنون تحيى الذكرى العاشرة لرحيل الفنان السعودي طلال مداح في أمسية أقيمت مساء أول من أمس في الدمام («الشرق الأوسط»)
TT

في قاعة صغيرة مكتظة عبرت ذكرى رحيله من بعيد كضيف جاء على غير موعد، فتذكروه بحفلة عابرة أقيمت على أطراف المدينة غاب فيها جسدا وحضر روحا ونغما وذكرى.

هكذا احتفت جمعية الثقافة والفنون بالدمام بالذكرى العاشرة لرحيل الفنان السعودي طلال مداح في أمسية أقيمت مساء أول من أمس بمقر الجمعية بالدمام، تحت عنوان «صوت الأرض». الجمعية التي فعلت كل شيء ممكن في وسعها لتضيء شمعة بعد مرور عقد من الزمان على رحيل طلال مداح، جلبت فرقتها الموسيقية لتؤدي شيئا من أعماله المميزة، واستعرضت سيرته وتسجيلات لأشهر أغانيه وتجربته السينمائية الوحيدة، كما أقامت معرض صور مصاحبا.

إلا أن هذه الأمسية الخجولة التي عبرت دون إعلانات مصاحبة سوى دعوات تسربت هنا وهناك أو ضجيج كبقية مناشط الصيف المترف بالحركة، جلبت إليها عشاق «صوت الأرض» من أنحاء الشرقية الذين توافدوا من الأحساء والقطيف والجبيل والدمام والخبر ليرددوا مع فرقة الموسيقى المختصرة بجمعية الفنون «مقادير يا قلب العنا».

في ذكرى طلال مداح العاشرة التي تحل غدا الأربعاء، كان ثمة كرسي شاغر في مقدمة مسرح صغير احتضن فرقة الموسيقى وفوقه انتصب عود تم تنكيسه فامتنع عن العزف. وخلفه كان عازفو العود، والكمان، والأورغ، والقانون، والبيانو، والناي، يستلهمون من الغياب حضورا مفترضا لصوت الأرض. كان ذلك كرسي طلال مداح الذي اعتاد أن يكون هو صاحبه في مقدمة الفرقة الموسيقية، وكان ذلك عوده الذي داعب أنامله منذ ستينات القرن الفائت إلى بدايات الألفية الحالية.

وهو ذاته الكرسي الذي ما زال وسيظل شاغرا منذ عشر سنوات حين هوى أحد أعمدة الأغنية السعودية والخليجية والعربية في أحد مساءات أغسطس (آب) من عام 2000 فوق مسرح المفتاحة، وهو يردد «الله يرد خطاك»، قبل أن يفارق الحياة. وخلف ذلك الكرسي كان طلال مداح يردد عبر تسجيل صوتي «وطني الحبيب»، وتجيب القاعة بصوت واحد «وهل أحب سواه».

وقد بدأت الأمسية التي استبقت الذكرى بثلاثة أيام لتزامنها مع أول أيام شهر رمضان المبارك، واستمرت لساعتين باستعراض لسيرة طلال مداح الشخصية، قدمها الفنان سلمان جهام، رئيس لجنة الموسيقى بجمعية الثقافة والفنون في الدمام. أما سيرة طلال الفنية فقد قدمتها الفرقة الموسيقية على المسرح، حيث تغنت أول المساء برائعته «سلم الطائرة» التي شدا بها الفنان حمد الرشيد، وختمت سجل الذكرى العاشرة بتاج روائعه «مقادير»، وبينهما دندن الليل على أنغام «صابرين» و«وردك يا زارع الورد» و«يا صاحبي» و«وطني الحبيب» و«سويعات الأصيل» وغيرها من آثار طلال مداح وروائعه.

القاعة التي بالكاد اتسعت لمائة رجل وسيدة اجتمعوا على الذكرى الطلالية لم تتسع للمشاعر التي فاض بها محبو طلال مداح، فهذا مسنّ قدم من الأحساء، لوّح بيده في بداية الأمسية ثم هز رأسه ثم أمسك بعصاه وانطلق يرقص على إيقاعات ذكرى طلال قبل أن تخنقه العبرة باكيا، والفرقة الموسيقية تعزف «مقادير يا قلب العنا». ولم يكن بأحسن حال منه أعضاء الفرقة الموسيقية الذين كان بعضهم يعزف يوما خلف طلال مداح وكانوا ليلة أول من أمس يعزفون خلف كرسي شاغر وعود منكس وذكرى عمرها عشر سنوات من الغياب.

المناسبة كما يصفها سلمان جهام رئيس لجنة الموسيقى بجمعية الثقافة والفنون بالدمام جاءت لاستلهام سيرة الفنان الراحل واستعادة ذكراها والعيش معه كما لو كان حاضرا، وإعادة التعريف بالسيرة الإبداعية للفنان طلال مداح وما قدمه للأغنية السعودية من أعمال ارتقت إلى به إلى مصاف أفضل الأغنيات العربية وتفرد بها في الساحة الخليجية.