لندن تبقى أكبر نقطة جذب للمشاهير.. للزيارة أو للعيش فيها

الأميركيون يعشقونها لأنها تحترم خصوصيتهم حيث يتناولون وجباتهم في مطاعم يرتادها الجميع

كيرا نايتلي (أ.ب)
TT

إذا كنت من رواد السينما وتتمتع بقدرة التعرف على وجوه الممثلين خارج أدوارهم في الأفلام، فقد تجد في العاصمة البريطانية ضالتك. كل ما تحتاج أن تقوم به هو التجول في بعض المناطق الفاخرة التي يوجد فيها هؤلاء مثل تشيلسي وهامستيد ووسط لندن الذي يستحوذ على معظم مسارحها ومطاعمها ونواديها الليلية.

تعد لندن حتى الآن هي صاحبة أعلى معدل تركيز في المشاهير الذين يعيشون هناك أو يزورون المدينة، مقارنة بمثيلاتها من العواصم الأوروبية كافة.

قد يبدو السبب أنها تجلب إليها ليس مشاهير بريطانيا، الذين يعيشون في مناطق ليست بالضرورة محصورة فقط على الأغنياء والمشاهير ويسكنها أيضا عامة الناس، بل أيضا الكثير من الممثلين الأميركان الذين يوجدون هذه الأيام في لندن بكثرة لأسباب مهنية، حيث يؤدي الكثير منهم أعمالا مسرحية. كما أن العلاقة التاريخية بين بريطانيا والولايات المتحدة هي سبب آخر وراء اختيار هؤلاء لندن كمكان إقامة ثانٍ لهم.

تجوالهم في الشوارع ووجودهم في الأماكن العامة لا يثير فضولا مبالغا فيه كما هو الحال بالنسبة إليهم في مناطق أخرى من العالم، هذا إذا استثنينا البباراتزي الذين يلاحقون المشاهير ليل نهار ويبيعون صورهم للمجلات المصقولة حول العالم.

والعواصم الأوروبية الأخرى، مثل برلين، لديها معرفة سطحية بنجوم السينما المحليين، ولكن الأمر لا يقارن بمجموعة المشاهير الدوليين الذين يشاهدون في لندن.

ويعشق السائحون القدوم إلى المدينة ومشاهدة النجوم التي تسير على الأرض، ولكن سكان المدينة يأخذون الأمور ببساطة.

النجم توم كروز والنجمة كاميرون دياز تجدهما يسيران في ميدان ليستر، وجودي لاو وسيينا ميلر تجدهما يأكلان الكباب في فندق «بريمروس هيل» أو تجد الأمير تشارلز وكاميلا في سوق بريكستون: وكل هذه مشاهد مألوفة لسكان لندن. كما أن آسر القلوب الممثل روبرت باتينسون عرف أيضا بقيامه بجولات تنزه عبر المدينة التي شهدت مولده.

وفي الأمس، نشرت الصحف البريطانية صورا لجود لو وصديقته سيانا ميلار وأخرى للمغنية ليلي ألن وهما يقفون في شارع بيكاديلي بوسط لندن قبل توجههم للعشاء في مطعم ولزلي. إلا أن المشهد كما نشرته الجرائد لم يثر فضول عامة الناس الموجودين في المكان، المشهد كان مثيرا فقط للبباراتزي الذين فعلا باعوا الصور للصحف.

جود لو كان يرتدي معطفا من دون قميص وبنطالا ثني من أسفله ليظهر عصب أرجله ويبين أنه كان أيضا يرتدي حذاء من دون جوارب. وكان التعليق الذي حملته الصورة أن منظر جود لو الرث تعدل قليلا بسبب أناقة سيانا ميلار.

قد تجلس أحيانا في مطعم بلندن وعندما تلتفت قد تجد أحد المشاهير يجلس على بعد عدة خطوات منك. وهذا ما حصل فعلا معي عندما جلست في مطعم بلو بيرد وكان يجلس على الطاولة القريبة جدا منا الممثلة الأميركية جوليان مور. وشكك الأصدقاء الذين كانوا يجلسون معي فيما إذا كانت تلك الشخصية هي فعلا جوليان مور. ودار نقاش مع الأصدقاء حول الموضوع، إلى درجة أنني شعرت بحاجة جانحة لأن أتقدم منها لأسألها وأثبت صحة كلامي، إلا أن احترام الخصوصية منعني من ذلك.

كما أن المشاهير من وجوه السينما الأميركية لا يحاولون أن يخفوا هويتهم خصوصا عند وجودهم في لندن، ويختارون أماكن عامة جدا لوجودهم، ويتناولون وجباتهم في مطاعم بسيطة يؤمها الناس بشتى فئاتهم الاجتماعية.

وخلال مهرجان لندن السينمائي، كتبت الصحف البريطانية كثيرا عن وجود أنجلينا جولي وشريك حياتها براد بيت في لندن، إذ اختارا مطعما هنديا بسيطا في جنوب غرب لندن لتناول العشاء فيه مع بعض الأصدقاء الذين كان منهم الممثل الشهير روبرت داوني جونيار وزوجته.

وحافظ المطعم والزبائن على هدوئهم خلال وجود مجموعة كبيرة من أشهر مشاهير السينما الأميركية في المكان. وكان ينظر الزبائن إلى طاولة المشاهير بتحفظ احتراما للخصوصية، كما قال صاحب المطعم، الذي أضاف أن المكان كان هادئا جدا ولم يحاول أي من الحضور التقدم إلى الطاولة للتحدث معهم أو إزعاجهم بأي شكل ما.

ولكن، على المدى الطويل يمكن أن يتحول المشاهير إلى مصدر إزعاج. فنجوم موسيقى البوب على وجه الخصوص غالبا ما يثيرون حنق جيرانهم بسبب عاداتهم في إقامة الحفلات. كما اشتهر مشاهير الموسيقيين بانضمامهم إلى «جمعيات السكان» ومطالبتهم باحتياطات أمنية إضافية للتعامل مع المعجبين المتهورين في إعجابهم. ولعل إقامة سياج أمنية ومناطق عدم الانتظار هي وسيلة ضخمة لإقلاق راحة الجيران.

كارولين طبيبة من شمال لندن، حضرت ذات مرة حفلا خيريا وطلب منها الرقص مع المغني الإنجليزي المشهور ستينغ، كما قالت الوكالة الألمانية في تقريرها أمس. وظلت هذه اللحظة في ذاكرتها ترويها للجميع. ولكنها تتبع قاعدة لا يمكن مخالفتها: أن كل ساكن في لندن يحترم نفسه يتظاهر بعدم الاهتمام بأي شخصية شهيرة.

ودومنيك من هامبورغ كان له مؤخرا تجربة مباشرة عما يشبه انتهاكا لهذه القاعدة. فقد كاد يصطدم بألتون جون في حانة في بلغرافيا ثم أخبر أصدقاءه فورا بالواقعة. وجاء رد الفعل على قصته في شكل تعبيرات مضجرة ومعرفة أن نجم البوب يعيش بينهم. فما هو أكثر من العادي أن تشاهده في الشارع صدفة؟

هذا السلوك من اللامبالاة أيضا أفضل وسيلة للتعامل مع المشاهير. وهناك شخص واحد من عائلة عادية في لندن صديق لشخصيات مهمة كثيرة يعيشون في ضاحيته. فهو معروف أنه يروي لهم النباتات ويقوم بتقديم الطعام لحيواناتهم الخاصة بهم عندما يكونون في الخارج.

ولكن، كيف تعرف عليهم؟ يقول إنه ذات مرة التقى بالصدفة ممثلة كان شاهدها بالفعل بضع مرات، لأنها تسكن في شارع قريب منه. وكانت للتو قد قدمت حفل توزيع جوائز في التلفزيون. وعندما رآها في صباح اليوم التالي في الشارع قال: «إنك كنت تبدين عصبية، أليس كذلك؟» وردت باستغراب: «هل لاحظت ذلك؟». فرد عليها: «نعم إنه واضح».

وتؤثر الأمانة في موقف مثل ذلك في المشاهير، بينما التملق وطلب توقيع الأوتوغراف هو أسوأ شيء يمكن أن تفعله. إنها سياسة جيدة: أن تكون مستقلا وانتقاديا بجرعات بسيطة.

والالتقاء بشخصية نسائية مهمة يمكن أن يكون أحيانا ذا أثر علاجي. فمشاهدة كات موس بعد ليلة عصيبة في البلدة أو هلينا بونهام كارتر وهي تلقي الزجاجات في سلة المهملات صباح يوم أحد - هي تذكرة بأن المشاهير يبدون تماما مثل أي شخص آخر.