السيرك المصري يستعيد بهجته بأول مهرجان دولي لفنونه

بمشاركة 6 دول أوروبية تقدم عروضا تجريبية

أحد عروض السيرك المصري
TT

منذ إنشائه في الستينات في موقعه البسيط على نيل القاهرة بحي العجوزة؛ وزيارته والاستمتاع بأمسية ترويحية بين عروضه مطلب يحرص عليه غالبية زوار القاهرة وبخاصة الأشقاء العرب. عمر من البهجة والمتعة خلفه «السيرك القومي المصري» في وجدان الصغار والكبار، واستطاع من خلاله أن يحصد العديد من الجوائز العالمية.

هذه الأيام، وبعد انتهاء الزوبعة التي أثارها قرار بإغلاقه منذ عدة أشهر ونقله إلى مقر جديد، عادت الحيوية للسيرك، واستعد لاعبوه لخوض تجربة جديدة وهي إقامة أول مهرجان دولي لفنون السيرك خلال أشهر الصيف الحالي، يستضيف من خلاله عروضا من عدة دول إضافة إلى العروض المصرية وذلك بعد مرحلة تطوير خاضها السيرك في الآونة الأخيرة، شملت عمليات صيانة وترميم وتجديد للمكان نفسه، وتقنيات العروض، وإعادة هيكلة للإدارة، وذلك بعد فترة عصيبة شهدها السيرك في أعقاب صدور قرار بإغلاقه.

محمد أبو ليلة، مدير السيرك القومي يشير إلى أن السيرك خلال الثلاثين عاما الأخيرة كان يتم تأجيره خلال الموسم الصيفي لشركات خاصة تديره، ولكن هذا العام، وبعد أن أصبحت إدارة السيرك تابعة لوزارة الثقافة، تبنت الإدارة الجديدة هذا المهرجان الدولي الذي يشمل عروضا مقدمة من ست دول هي روسيا وأوكرانيا ومولدافيا وبيلاروسيا ومنغوليا إلى جانب مصر.

اختيار هذه الدول تحديدا جاء لأسباب فنية؛ فلكل دولة أسلوب خاص في عروض السيرك تحاول إبرازه خلال المهرجان، فمنغوليا مثلا تتركز عروضها على فنون الأكروبات التي تتميز بها مثلها مثل الصين ودول جنوب شرقي آسيا الذين لديهم تميز في هذا الفن، أما روسيا التي تعتبر من أقدم وأشهر مدارس السيرك في العالم فعروضها بالمهرجان تشمل مجالات عدة على رأسها ترويض الحيوانات والألعاب التي تتم في الهواء باستخدام الكرات والأدوات المختلفة، بينما تنوعت العروض المصرية بين الألعاب التي تتم في الهواء «الترابيز» وألعاب الأكروبات على الدراجات وعروض التوازن وألعاب الخناجر، إلى جانب عروض الأسود والحيوانات المفترسة إضافة إلى عروض المهرجين والبلياتشو التي تلاقي استحسانا كبيرا خاصة من الصغار.

يشمل المهرجان أيضا تقديم بعض العروض التي تجمع بين الفن التجريبي وألعاب السيرك وهي بشكل عام غير مألوفة لجمهور المهرجان ويعد تقديمها سابقة جديدة في السيرك المصري، إضافة إلى تقديم عروض سيرك في شكل اسكتشات كوميدية بها جانب تمثيلي وتقدم ألعاب السيرك من خلالها، مما أثمر في النهاية عن برنامج مميز للمهرجان يستمر خلال شهور فصل الصيف وحتى عيد الفطر المبارك، وهو ما جعل العروض تحظى بإقبال كبير انعكست في إيرادات المهرجان التي بلغت نصف مليون جنيه في أول أسبوعين من بدء العروض.

ويشير مدير السيرك إلى أن المهرجان تتوافر به العناصر اللازمة لخروج عرض جيد كما هو متبع عالميا، وهي المكان اللائق والإمكانات المادية والراحة النفسية والمادية والخامة البشرية الجيدة، مشيرا إلى أن تلك العناصر تتوافر حاليا رغبة في تطوير أداء السيرك المصري والمنافسة على المستوى العالمي. وانتهت الضجة التي أثيرت منذ فترة حول إغلاق سيرك العجوزة ونقله إلى مدينة السادس من أكتوبر، وذلك بعد أن تمت تسوية المشكلة بعدم نقل السيرك من مقره بحي العجوزة وافتتاح فرع آخر له في منطقة السادس من أكتوبر مع اختلاف كل منهما عن الآخر في طبيعة الفقرات وأسلوب العرض، حيث سيكون سيرك أكتوبر الجديد بمفهوم السيرك التقليدي حيث يشمل عروضا لحيوانات مفترسة وللأكروبات وسيكون هناك مقدم برامج للفقرات، أما سيرك العجوزة فسيكون برنامجه معتمدا على مفهوم السيرك التجريبي وهو اتجاه حديث وعالمي للسيرك مثل سيرك دي سولاي في كندا على سبيل المثال الذي يعد واحدا من أشهر عروض السيرك في العالم، حيث يعتمد مفهوم السيرك التجريبي على الإبهار في الأداء والإخراج المتميز والملابس المبهرة للاعبين، وتشمل فقراته عروضا من كافة أنحاء ومدارس السيرك في العالم.

يضيف: «فكرة المهرجان أيضا لا تقوم فقط على حشد عدد من العروض المختلفة أمام الجمهور، بل تتخطى ذلك بأن تجعل لاعب السيرك المصري يتعرف على أساليب ومدارس جديدة للاستفادة منها، فبشكل عام اللاعب المصري متميز جدا وهذا ملحوظ في المهرجان، فالفقرات التي تقدمها الفرق المصرية تلاقى استحسانا كبيرا من الجمهور، ولكن اللاعب المصري يحتاج إلى إمكانات أكبر إذا كنا نرغب في تطوير الأداء والمنافسة على المستوى العالمي، فالخامة جيدة ولكنها نحتاج إلى تدريب وإذا حدث هذا تكون النتائج مبهرة جدا».

فكرة مهرجان السيرك الدولي نجحت حتى الآن في جذب المئات من المشاهدين سواء من المصريين أو من السائحين العرب لمشاهدة عروض لم يألفها من قبل، وبحسب أبو ليلة فعروض المهرجان استهوت السائحين العرب على وجه الخصوص وقاموا بالتفاعل معها، وهو ليس سلوكا غريبا من جانبهم بل هو شيء ملحوظ لديهم عندما تسافر الفرق المصرية لتقديم عروضها في الدول العربية حيث يكون الإقبال كبيرا لأن معظم هذه الدول ليس فيها سيرك مثل السيرك القومي المصري.