مأكولات البحر الأبيض المتوسط على مائدة اليونيسكو

ضمن قائمة من التراث الشفهي تحتوي على 178 معلما تقدم للمنظمة الثقافية

يشكل زيت الزيتون أحد المكونات الرئيسية في إعداد معظم أطباق منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط في البلدان المنتشرة حول شواطئه (رويترز)
TT

فوائد زيت الزيتون الصحية لا تعد ولا تحصى، حسب الكثير من الدراسات التي تناولته خلال العقود الماضية، وبينت في مجملها أنه غني في الفيتامينات التي يحتاجها الجسم، وفي الوقت نفسه لا يحتوي على الدهون المضرة، التي تسمى «الدهون المشبعة» وتسبب الجلطات القلبية. كما بينت هذه الدراسات أن أبناء الساحل الشمالي لبلدان المنطقة، مثل الفرنسيين والطليان واليونانيين يعيشون حياة أطول ولا يتعرضون لأمراض القلب، مقارنة مع غيرهم من الأوروبيين، على الرغم من تناولهم مأكولات تدخل الدهون كثيرا في تحضيرها.

ويشكل زيت الزيتون أحد المكونات الرئيسية في إعداد معظم أطباق منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، في البلدان المنتشرة حول شواطئه الشمالية والجنوبية، وبسبب هذه الميزات، قررت هذه الدول مجتمعة أن يدرج طعامها على قائمة «التراث العالمي» لمنظمة اليونيسكو.

قائمة المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة، كانت تحتوي في السابق على معالم أثرية وتاريخية، مثل القلاع المتداعية والمعابد وأهرامات الجيزة والأكروبوليس في أثينا، وأيضا المناظر الطبيعية الخلابة حول العالم. إلا أنها بدأت، مؤخرا، إدراج الكثير من الجوانب الثقافية الأخرى التي أصبحت تسمى بقائمة التراث الشفهي، وتتضمن القائمة التي تقرر تحضيرها عام 2003 الثقافة المحكية للشعوب والموسيقى والفنون التقليدية القديمة والطقوس الاجتماعية.

ومن هذا المنطلق قرر المعنيون بالحفاظ على هذا الجانب الثقافي إدراج المأكولات لحوض الأبيض المتوسط المكونة من الخضار والفواكه والأسماك المشوية وزيت الزيتون في قائمة اليونيسكو التي سيجرى التصويت عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

الاعتقاد بأن المعجنات الإيطالية (أطباق الباستا) ستكون ضمن قائمة من 178 أثرا ثقافيا تحتوي أيضا على رقصة التانغو وغناء سكان جمهورية وسط أفريقيا الأقزام، وكذلك مخرمات كرواتيا.

«هذا نجاح كبير لبلدنا وتقاليدنا وثقافة الطعام».. هكذا قال وزير الزراعة الإيطالي، جيانكارلو غالان.

أما رولاندو مانفريديني، الذي ينتمي لمجموعة من المزارعين الطليان تسمى «كولدريتي» فقال «إنه شيء غريب أن تتضمن القائمة المأكولات، ولأول مرة، إلا أن ذلك مناسب جدا، لكون الطعام شيئا أساسيا في ثقافة الشعوب، وهذا النوع من الأطعمة صحي ويطيل من عمرك أيضا».

وقال متحدث باسم منظمة اليونيسكو إنه لن يكون هناك أي قرارات بخصوص الأطعمة قبل نوفمبر المقبل، «اللجنة حرة في اختياراتها، لكن لا يوجد أي توجيه حول ما سيتم قبوله من قبلها».. أضافت سو ولياوز.

وقال غالان إن الاقتراح بخصوص مأكولات حوض البحر الأبيض المتوسط، قدم قبل أربع سنوات من قبل إيطاليا واليونان وإسبانيا والمغرب، إلا أنه لم يوافق عليه، آنذاك. وقررت هذه الدول أن تعيد تقديمه مع التركيز على الجوانب الثقافية لهذه الأطعمة. وأضاف في تصريحات لصحيفة «غارديان» أنه متأكد من أن الاقتراح سيحالفه النجاح هذه المرة، فـ«اليونيسكو وافقت على التوقيع على التوصية التي سيتم إعدادها وتدعم الاقتراح».

والمأكولات الإيطالية سوف تكون ضمن قائمة من الاقتراحات الإيطالية التي تحتوي أيضا على «مسرح العرائس» القادم من جزيرة صقلية و«الأغاني الرعوية» من جزيرة سردينيا.

مأكولات حوض البحر الأبيض المتوسط، روجت لها الكاتبة البريطانية إليزابيث ديفيد بعد الحرب العالمية الثانية. وقالت وليامز، من منظمة اليونيسكو، إن الحفاظ على طبق من الباستا لا يختلف عن الحفاظ على سور الصين العظيم من الذين يخطون أسماءهم عليه ويشوهونه عند زيارتهم له. فـ«أن تضع المعلم الثقافي على القائمة الشفهية يتطلب من الدولة المالكة له أن تحافظ عليه وتصونه، كما تحمي معالم أثرية قديمة مثل أحجار (ستونهينج) في جنوب غربي إنجلترا».

ومع أن المأكولات الشرق أوسطية وجدت طريقها لمعظم دول العالم من خلال مشاهير الطباخين فإن مؤسسة «كولدريتي» تعتقد أن الخوف عليها من الاندثار هو في موطنها الأصلي.

«تجد صحة الآباء في إيطاليا أفضل من صحة أبنائهم هذه الأيام، وتجد الصغار يعانون من السمنة».. قال رولاندو مانفريديني، مضيفا «لا يوجد أي تواصل بين الأجيال السابقة والحالية، وهذا له شيء سيئ بالنسبة للجيل الجديد».