مصر توثق لأطعمتها الشعبية عالميا

منها الكشري والفطير المشلتت والعسل الأسود

سيدة مصرية تقوم بإعداد الفطير المشلتت أحد أشهر الأطعمة المصرية الشعبية
TT

ينفرد المطبخ المصري بمأكولات شعبية تقليدية تميزه عن غيره وتعد ضيفا شهيا على مائدة المصريين، على رأس هذه المأكولات المش والفطير المشلتت والعسل الأسود والجبن القريش والحلاوة الطحينية والكشري والطعمية المصنوعة من الفول.

ومنذ سنوات نالت هذه المأكولات شهرة عربية وعالمية حيث وصلت إلى الكثير من بلدان أوروبا وانتشرت بكثرة في العالم العربي من خلال مطاعم خاصة يديرها مصريون، لكن ما ينقص هذه المأكولات أن يتم تسجيلها عالميا بعد أن تخضع لمواصفات معترف بها، مما جعلها عرضة للتقليد وصلت لأن تقوم بعض الدول بإنتاج سلع مشابهة لهذه المنتجات المصرية الأصيلة منها أكلة «الملوخية» الشهيرة التي قامت اليابان بتسجيل حقوق الملكية الفكرية لها ولكن بطريقة مختلفة عن الملوخية المصرية.

وانتبهت الهيئة المصرية للمواصفات والجودة التابعة لوزارة التجارة والصناعة مؤخرا إلى تلك الخطوة، حيث تبنت برنامجا لاعتماد وتسجيل هذه الأغذية دوليا لدى منظمة الأيزو المعنية بالجودة بعد أن تم الاتفاق بين الهيئة ومنظمة الأيزو على أن تأخذ مصر مبادرة لوضع مواصفات قياسية دولية للأغذية الشعبية التقليدية المصرية وتسجيلها عالميا لحمايتها من أي محاولات للتقليد بالخارج بما يتيح التأكيد على أن هذه المنتجات جزء أساسي من التراث المصري، وحتى يمكن تصدير هذه الأغذية إلى الأسواق الدولية بمواصفات معتمدة.

وحاليا يعكف مجموعة من المختصين في الصناعات الغذائية على وضع وصفات دقيقة للأكلات الشعبية المصرية، ومكونات كل أكلة والشكل النهائي للمنتج، ليتم بعدها تسليمها لـ«الأيزو» للحصول على التسجيل الدولي، ومن المنتظر أن تبدأ الرحلة تجاه «الأيزو» بتسجيل «العسل الأسود» وهو غذاء مصري خالص يعد من أهم منتجات قصب السكر في الصعيد المصري، يليه تسجيل الجبن الدمياطي والمش والجبن القريش والتي من المقرر أن تصدر لها مواصفات خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وبحسب رئيس الهيئة الدكتور هاني بركات، يعمل تسجيل هذه المأكولات عالميا على منح الاعتراف الدولي بها بشكل يسمح لها دخول الكثير من الأسواق الدولية، كما يعمل على منع أي دولة من أن تنسبها لنفسها بعد أن يتم تسجيلها باسم مصر وبالتالي ضمان حماية الملكية الفكرية، كما يمكن بسهولة تسويق هذه المأكولات التي ليس لها مثيل دولي بشكل رسمي ما دام تم تصنيعها وفقا لمواصفات قياسية مصرية معترف بها عالميا، ومن هنا تأتي هذه الخطوة لحماية هذه المنتجات التي تلاقي طلبا كبيرا من جميع أنحاء العالم من ناحية، ومن ناحية أخرى فهذه المنتجات تمثل صناعات صغيرة قائم عليها عدد كبير من الأفراد ومن المهم تشجيعها والاستفادة من إنتاجها وتقنينها بما يضمن جودتها واستمرارها.

وبرأي بركات، فهذه الخطوة تأخرت كثيرا في مصر، «لدرجة أن بعض الدول قامت بإنتاج مأكولات مصرية دون الرجوع إلينا وقامت بتسويقها عالميا رغم أن حقوق الملكية الفكرية لها تعود إلى مصر مثل الجبن الدمياطي الذي تصدره الدنمارك لكثير من دول العالم»، مشيرا إلى أن الاتجاه نحو تسجيل المنتجات التقليدية والحصول على حقوق ملكيتها الفكرية تجربة موجودة بالكثير من دول العالم للحفاظ على حقها في هذه المنتجات.

أحمد الدسوقي، مراجع جودة، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك فرقا بين تسجيل مواصفات الأطعمة واعتمادها، مبينا أن تسجيل الأطعمة المصرية الشعبية يعني الحفاظ على حقوق الملكية من خلال إعداد مواصفات قياسية جديدة لتحقيق نظم السلامة والصحة وشروط الجودة لهذه المنتجات، أما عملية الاعتماد فتكون من هيئة معترف بها بما يدعم هذا المنتج مثل منظمة الأيزو التي تعمل على وضع معايير تجارية وصناعية عالمية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في جنيف، وتضم في عضويتها 195 دولة.

ويشير إلى أن تسجيل مصر لأطعمتها الشعبية أدعى في عصرنا الحالي مثلما تفعل الكثير من دول العالم حرصا على حقوق ملكيتها الفكرية، حيث ترتكز عملية وضع مواصفات للطعام على جانبين، الأول يتعلق بالاشتراطات الأساسية المتعلقة بالصحة والسلامة، والثاني يتعلق بالجودة والتميز والإفصاح عن مكونات المنتج داخل العبوة وكتابة المكونات بصورة واضحة على العبوة للمستهلك. مبينا أن أي تصدير لهذه المنتجات يجب أن يعتمد على هذه المواصفات المعتمدة، وأي دولة ترغب في تصنيع نفس السلعة عليها أن تلتزم بهذه المواصفات التي سوف تمتلكها مصر، وبرأيه فإن خطوة التسجيل تأخرت كثيرا خصوصا أن «الأيزو» قديمة، كما أن دول الخليج ودول المغرب العربي تتميز بأطعمة مشهورة ولكنها لم تقم بأخذ مواصفات عالمية لها.

ويذكر الدسوقي أن مأكولات المطاعم الأميركية التي تنتشر فروعها في دول العالم تأخذ مواصفات عالمية ويتم تطبيق أنظمة الجودة عليها، وبالتالي أي فرع في أي مكان في العالم يحمل نفس الجودة، ومع اعتماد المأكولات الشعبية المصرية قد تكون خطوة لافتتاح سلاسل مطاعم تتخصص في تقديم هذه المأكولات سواء في داخل مصر أو خارجها تطبق المواصفات العالمية، بل إنها تستطيع منافسة غيرها من المأكولات العالمية بسبب رخص ثمنها.

ويوضح أن منظمة الأيزو تتعامل مع الجهات الحكومية فقط، والحكومة المصرية تمثلها الهيئة المصرية للمواصفات والجودة التي تعد المرجع المعتمد والجهة الرسمية الوحيدة في مصر المنوط بها القيام بجميع أنشطة المواصفات والجودة والاختبارات والمعاير الصناعية بهدف رفع جودة المنتجات المصرية بما يجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية والمحلية وكذلك حماية المستهلك والبيئة.