أطباق موائد رمضان انحسرت وقلت

الحرارة المرتفعة والتوفير زادا في تخفيض عددها

TT

لم تعد موائد رمضان تزخر بالكثير من الأطباق التي كانت تشغل «ربة المنزل» في تحضيرها منذ الصباح وحتى المغرب. ففيما كانت موائد الإفطار أو السحور في الماضي تتألف من عشرات الأطباق المنوعة والموزعة بين السلطات والنشويات واللحوم والسكريات بالكاد، صارت اليوم يفوق عددها الطبقين، إضافة إلى الأطباق الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها على مائدة هذا الشهر الكريم.

ولعل موجة ارتفاع الحرارة التي ترافق شهر رمضان هذا العام، إضافة إلى اتباع اللبناني سياسة التوفير في كل شاردة وواردة، أسهما في تدني هذه الأطباق على موائد الإفطار وانحسارها ضمن عدد صغير غير مبالغ فيه كما كان يحصل في الماضي. وفيما كانت النساء تتباهى منذ سنوات قليلة في تحضير أطباق المقبلات والباستا والدجاج المشوي أو المقلي و«الكبة» على أنواعها، إضافة إلى أطباق اللحوم مع الأرز والكفتة وغيرها، وتتفاخر في توزيعها على مائدة الإفطار أمام الأصدقاء والأقرباء مطبقة القول بالفعل «رمضان كريم»، أصبحن اليوم يكتفين بطبخات سريعة تعلمنها من هذا الشيف أو ذاك عبر إحدى شاشات التلفزة وطورنها على هواهن ليصبح الفطور مؤلفا من طبقين مثلا أحدهما يرتكز على الأسماك والبط وآخر على الأرز واللحوم، إضافة إلى الحساء والفتوش الذي يعتبر سيد المائدة في هذا الشهر الفضيل.

وتقول كريمة الخطيب، إحدى السيدات البيروتيات اللواتي اعتدن في الماضي على مد ألذ المأكولات وأطيبها على موائد الإفطار خصوصا أن أولادها السبعة كانوا يجتمعون حولها مع أطفالهم، إن أسلوب الحياة اليوم بات مغايرا تماما عن الماضي ويتطلب إيقاعا سريعا يوفر الوقت والكلفة على السواء خصوصا أن الغالبية ما عادت تهتم بالأطباق الدسمة والعريقة، بل فقط بما يسكن الجوع، ليس أكثر. واعتبرت أن هذه المهمة التي كانت تقع على عاتق ربة المنزل وتكون شغلها الشاغل منذ ساعات النهار الأولى حتى المغرب ما عادت تلائم المرأة العاملة التي تقف إلى جانب زوجها لتساعده على تأمين مطالبهما اليومية.

واللافت أن موائد رمضان التي كانت تتميز بلمة أكبر عدد من الأصدقاء والأحباب صارت تقتصر اليوم على أفراد العائلة الواحدة وعلى ضيفين أو أقل، ويأكلون ما تيسر من أطباق جاهزة اشترتها ست البيت سلفا لتقدمها على المائدة أو حضرتها قبيل موعد الإفطار بساعات قليلة على طريقة الشيف «رمزي» أو الشيف «شادي»، وعادة ما تكون صحية غير دسمة وخفيفة على المعدة.

أما أطباق السحور التي تتألف عادة من الحبوب على أنواعها أمثال «البليلة» و«الفول المدمس» و«الفلافل» و«الفتة باللبن» بالإضافة إلى الأجبان ومربى «قمر الدين»، فهي بالكاد أصبحت موجودة اليوم بعدما قل عدد الناس الذين يتمسكون بها أو يفكرون حتى في التسحر.

والمعروف أن السحور هو الطعام الذي يتناوله الصائم قبل صلاة الإمساك أو الفجر، وكلمة «سحور» تعني ما يؤكل عند «السحر»، أي قبل انبلاج الفجر. ويرتاد اللبنانيون عادة المقاهي والمطاعم لتناول أطباق السحور التي ينصح من ينوي الصوم بعدم تفويتها لأنها بمثابة قوت أساسي ومهم لمن يعمل طيلة اليوم.

ويكتفي البعض بصحن اللبنة والجبنة مع كوب من الشاي أو بطبق سحلب مع الكعك ليكون «سحورهم» مع الأصدقاء أو أفراد العائلة.

أما بعض من جيل الشباب اليوم فيمتنع عن تناول السحور أو أطباق الفطور بكميات كبيرة لأنها طريقة غير صحية وتضر بالمعدة وصاحبها من جهة وتزيد من الوزن من جهة ثانية. وتقول نانسي وهي طالبة إدارة أعمال في السنة الثانية في جامعة بيروت العربية إن معنى الصوم لا يرتكز على الموائد والفواخر في الأطباق اللذيذة، بل على إرادة الشخص في تقويم جسده والتحكم بشهيته، فكل ذلك - تضيف نانسي - هو بمثابة امتحان للنفس ليس أكثر.