حوار بين العود والغيتار في مهرجان تونسي

آلتان مختلفتان.. لكنهما تتكلمان لغة واحدة

مقطع من عرض «أنغام وأوتار» («الشرق الأوسط»)
TT

تتماشى النغمات الطربية مع الأجواء الرمضانية والسهرات التي تعتمد على الآلة الشرقية ضمن مكونات آلاتها الموسيقية؛ فإذا كانت تلك الآلة هي آلة العود الشرقي، فإن النغمات الموسيقية ستكون أعذب واللمسات ألطف. دار ثقافة «ابن رشيق» في العاصمة التونسية تستضيف هذه الأيام الدورة الثانية لمهرجان العود؛ إذ قدمت مجموعة من العازفين التونسيين سهرات رمضانية أضفت مسحة من الجمال واللطف على الأنهج القريبة من وسط العاصمة.

المهرجان شهد مشاركات كثيرة؛ من بينها على وجه الخصوص عرض «طريق الحرير» لرضا الشمك، وعرض «وتر العشاق» لجمال الشابي، وعرض «أنغام وأوتار» للثنائي عبير وحسن السعيداني، وكذلك عرض «رموز» لإحسان العريبي، وعرض «الحنين» لعتاب الجلالي، إلى جانب عرض عبد السميع محجوب الذي يحمل عنوان «كتارسيس» و«شذرات» من مسيرة الفنان التونسي الراحل محمد الجموسي وآمنة نور الدين بن عايشة.

افتتاح هذا المهرجان كان بعرض رضا الشمك، أما الاختتام فيكون بعرض الفنان التونسي الكبير الهادي قلة. العروض المقدمة خلال هذا المهرجان ارتقت إلى مستويات عالية من الأداء الموسيقي المتشبث بالنغمات العربية الأصيلة، وتمكنت من جذب جمهور من نوع مختلف عن ما تعرفه المهرجانات الصيفية، وكان الإقبال قياسيا في بعض العروض. عبير السعيداني المشاركة في المهرجان بعرض ثنائي يحمل عنوان «أنغام وأوتار» قالت إنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها عرضا على المسرح؛ بل إن البداية ترجع إلى سنة 2005، وهي تعتبر أن آلة العود وآلة الغيتار تتكاملان من حيث النغمات وبإمكانهما معا أن يكونا ثنائيا لا يهزم. حسن (17 سنة) وعبير (19 سنة) أخرج كلاهما جملا موسيقية لم تقلها آلتا العود والغيتار مجتمعتين من قبل. العرض حمل عنوان «أنغام وأوتار» وعلى امتداد ساعتين من الزمن تناوبت الآلة الشرقية العزف مع الآلة الغربية، ولكن الإحساس العام أنهما كانتا آلتين مختلفتين ولكنهما تتكلمان لغة واحدة. حسن عزف المقطوعات الشرقية، فجاءت لتؤكد أن العود بوصفه آلة شرقية لا يمكن أن يركبها الصدأ، أما عبير فقد أخذتنا بعزفها إلى الأندلس بموسيقاها المتحركة الصاخبة. براعة العزف والقدرة على التناغم بين آلتين متباينتين، وأداء مقطوعات موسيقية جمعت بين الشرقية والغربية بموهبة واضحة، هو الانطباع الذي ساد بعد انتهاء العرض، وأكد أن مهرجان العود حل ليساعد على اكتشاف مزيد من المواهب وإرجاع الأجيال الجديدة إلى الجذور.

أما عرض الفنان إحسان العريبي، الذي يحمل عنوان «رموز» فقد افتتحه صاحبه بمجموعة من المعزوفات التي حملت عناوين «أسوار المدينة» و«رقصة الأنامل» للعراقي نصير شمة و«سماعي كردي» للتونسي رضا الشمك. وتضمنت كذلك محاورة بين إحسان العريبي على آلة العود، والشاذلي الخميسي على آلة الغيتار. وأفرزت هذه المحاورة ثلاث مقطوعات حملت عناوين «هوى تونس» و«مراسلة» و«ليلة صيف». وتدرج العرض من العزف الفردي إلى العزف الثنائي ثم جاء دور العزف الجماعي لأربعة عازفين على آلة العود، وعرضت كلاسيكيات الموسيقى العربية والتونسية. العزف الجماعي على آلة العود أثلج الصدور وجعل تلك الآلة محل اهتمام كثير من الشباب التونسي.