فيلمي إسهام في تحقيق السلام.. وهذا واجبنا نحو بعضنا البعض

جوليان شنابل
TT

* كيف بدأ هذا المشروع؟ ومن اتصل بالآخر أولا.. أنت أم الكاتبة رولا جبريل؟

- قبل عدة سنوات اتصلت بي رولا وسألتني إذا كنت مهتما بقراءة سيناريو كتبته عن روايتها. عادة ما أتحاشى، كغيري، مثل هذه الطلبات، لأني أعتقد أن الكثير منها لا يحمل سوى أماني الكاتب في دخول عالم السينما، ولأن المرء يخاف إذا قرأ مادة لا يعرف عنها سلفا أن يضيع وقته وعليه لاحقا التواصل مع صاحب السيناريو لشرح أسباب رفضه. سألتني إذا كنت خائفا منها لأنها فلسطينية، والحقيقة أنني لم أكن أعرف ما الذي سأتوقعه؟ لكني قرأت السيناريو وكان، بصراحة، يحمل علامات الكتابات الأولى غير المجهزة بالمعرفة أو الخبرة. لكن القصة التي يعرضها السيناريو شدتني كثيرا، فاتصلت برولا وطلبت منها أن تبعث لي بنص إنجليزي لروايتها، وهو ما فعلته. وحين قرأت القصة ازدادت رغبتي في تنفيذ هذا الفيلم وشرعت وإياها في كتابة السيناريو.

* لا بد أنه كان لديك سبب ذاتي لإعجابك بالقصة ولقرارك بتحويلها إلى فيلم.

- نعم.. هذا السبب هو صدق الكاتبة والمعالجة الإنسانية التي تنظر إلى الوضع الفلسطيني من خلاله. لقد أثرت الكاتبة فيّ كثيرا، وأنا أتابع فصول حياتها وحياة والدتها ومحيطها الاجتماعي. لم يكن في مقدوري تجاوز هذه الرغبة في صنع فيلم يسهم في تقريب وجهات النظر والمفاهيم والأفكار بين شعبين، أرى أنهما عانيا كثيرا. العنف لا يجلب سوى العنف، والحب لا يجلب إلا الحب. أنا ابن عائلة متدينة، لكني لست متدينا بدوري، ولو أني أحترم الديانات وأحترم ديني خاصة. هذا لا يعني أنني لا أستطيع التعاطف مع أوضاع إنسانية، خاصة تلك التي أعلم أنها في النهاية تصب في كياني لكونها الأقرب إلي. فلسطين كانت ملتقى الديانات جميعا.

* في أفلامك السابقة، وقد كتبت ذلك بالأمس، هناك حديث دائم عن الغربة وهذا ما يتكرر في هذا الفيلم.

- طبعا، لأننا كلنا مهاجرون من مكان إلى آخر. رولا مهاجرة، والداي مهاجران من روسيا. هيام عباس من فلسطين إلى فرنسا، أنت لبناني، إلى أميركا وهكذا.. الخروج من الغربة موضوع مهم بالنسبة إلى كل منا، وغالبا ما نجد أننا لا نستطيع إلا مزاولة حياتنا مع آثار تلك الغربة، وليس بمنأى عنها.

* ما المصاعب التي واجهت العملية الإنتاجية ثم التصوير؟

- حالما وجدت أن الأخوين وينستين مهتمان بتمويل الفيلم ذابت العراقيل الإنتاجية. دائما ما كنت أنوي العمل معهما، وهذا الفيلم هو البداية. لكني أعرف معرفة وثيقة أن السبب الذي من أجله قررا إنجاز هذا الفيلم معي لا علاقة له بي أساسا بل بالمادة التي تأثرا بها، وبالموقف الذي يودان التعبير عنه. لقد استمعت معي إلى بوب (وينستين) وهو يقول إنه يعلم أن الولايات المتحدة خضعت لسيادة الرأي الواحد (اليهودي) في القضية الفلسطينية، والآن صار لزاما أن تتعرف إلى الجانب الآخر وتقدره. هذه القصة صادقة واهتمام وينستين وأنا بها سيكفل نقلها إلى حيث يجب أن تقابل شرقا وغربا بالتقدير.

* ماذا عن التصوير؟

- اعتقدت أن المصاعب ستكون كبيرة حين التصوير في القدس العربية. لكن على الرغم من تحفظات المواطنين خشية أن يكون الفيلم معاديا ومشوها، إلا أننا تمتعنا بتأييد مطلق. فالأجواء كانت إيجابية ومرتاحة مما مكنني من التحرك وفريق العمل، ونحن فرحون بما ننجزه.

* صحيفة هآرتس كتبت لقرائها: سيأتيكم فيلم يجعل فيلم محمد بكري «جنين جنين» يبدو كما لو كان مؤيدا لإسرائيل، وقيل لي إن السؤال الأول في المؤتمر الصحافي الذي انعقد هنا هو: هل سيعرض الفيلم في إسرائيل؟ فهل هذا نوع من المجابهة المسبقة للفيلم؟

- نحن حريصون على أن نعرضه في الدول العربية وفي إسرائيل. واتصالاتنا بالأسواق العربية ناجحة. أما في إسرائيل فنتوقع طبعا تلك الضجة، لكنها ضجة لا تستطيع تقييم الفيلم أو حجبه عن الوصول. وسيعرض هناك في كل الأحوال وسوف نقوم بدورنا. في نهاية الفيلم، الفيلم عمل فني في الأساس يراد له أن يسهم في تحقيق السلام وليست لديه أي غايات أخرى. هذا هو واجبنا نحو بعضنا البعض.